ما تعنيه القهوة عند البدو أشياء كثيرة بالنّسبة لهم؛ فهي مَجْمع أُنْسِهم، وهي موضع الشورى بينهم، وهي موضع حلّ المشاكل، فيجتمعون ليتداولوا بينهم ما حدث من أمور، وما سوف يحدث من أمور الغزو  وأمور الضيوف، أو يتسامرون وينشدون الأشعار. وإذا حدث أمر من الأمور الكبيرة مثل القتل أو الاعتداء على عِرض فإن الجاهة تتجمّع ويتوجهون إلى أهل المعتدى عليه، وبعد الجلوس تُقدَّم القهوة إلى كبير الجاهة فيضع الفنجان ويقول: لن نشرب القهوة إلّا إذا أعطيتمونا ما جئنا من أجله. وهذا دليل واضح على أهمية القهوة العربية في حياتهم.

ويجري النّقاش بينهم وتبادل الكلام حتى يحصلوا على ما جاؤوا من أجله؛ إمّا الصُّلح وإمّا عَطْوَة إلى وقت آخر، ويضعون بينهم الكفلاء حتى تنتهي المشكلة نهائيا، ولهذا كبُر شأن القهوة ونظَمُوا فيها الأشعار الكثيرة، والتّي طغَت على شِعرهم في النساء. وللقهوة أهمية كبيرة بين أبناء العشائر والعُربان، وهي إحدى المَعالم البدوية، وتلعب دورًا مُهمّا بين أبناء العشائر إذ تستطيع كمية القهوة الموجودة في قعر الفنجان أن تحُلَّ أكبر القضايا المعقَّدة، ولو كانت هذه القضية مُستعصِية كالمشاكل التي يعتبرها أبناء البدو مشاكلَ يصعُب حلُّها بسهولة، كقضايا العرض أو الدّم. وفي القضاء العشائري وعند الجاهات والعَطوات والصُّلح أول مرحلة من مراحل ما سبق هو تقديم القهوة العربية للجاهة، وعليه يتمُّ البَدء بالكلام والمفاوضة على إجراءات الإصلاح، أو الاتفاق على بَدْء التَّقاضِي أمامَ قاضي العشائر.