الفاردة (القِطار)
التصنيف: 
  • الممارسات الأجتماعية والطقوس والأحتفالات
  • عادات الزواج
المحافظة: 
الشرح: 

***

الفاردة ( وتسمّى محليًّا القطار): يبدأ الناس بالتجمُّع منذ صبيحة يوم الفاردة في بيت والد العريس، ويُعتبر ذلك اليوم عطلة لأهل القرية عن أعمالهم، حيث يتفرّغون لذلك خاصة وأنّ الأعراس لم تكن بتلك الكثافة في ذلك الزمان، تتجمّع النساء وهن يردّدن الأغاني الشعبية عند والدة العريس، ويجهّز أهل العريس وجبة تسمى (فطور القطار) وغالبًا ما تكون من اللّحم بالمَرق واللّبن والخُبز البلدي، وأحيانًا تكون فَطيرة بالسّمن البلدي واللبن  إذا استعجلوا وسيعودون للغداء مبكرًا. وعلى كلّ حال يتجمّع الناس ثم يركبون بِغالهم أو مشيًا على الأقدام، ويُطلقون عددًا من العيارات النارية (إعلانًا للانطلاق). وحيث لم يكن هناك هاتف أو بريد يكون ذلك إعلانا لأهل العروس بأنّهم تجمّعوا وبدأ المسير نحوهم.

         يبدأ الناس بالمسير رويدًا رويدًا؛ الرجال في المقدّمة ثم النساء، يغنّي الرجالُ الهجينة. وعندما يبدأون التحرك بالتوكل على الله جل جلاله، ويظهر ذلك من كلمات أول أغانيهم التي تقول: "يا الله توكّلنا عليك ... يا سيِّدَ المتوكلين"، ثم ينتقلون إلى غيرها من الأغاني أثناء الطريق، أمّا النساء فيغنّين أغاني مماثلة في المعنى وبشكل منفصل ومستقلّ خلف الرجال مشيًا على الأقدام.

أما الأطفال السعداء بما يجري حولهم فينتقلون بين جمع الرجال وجمع النساء وحولهم وأمامهم وخلفهم وعلى جنبات الطريق ويصعدون الصخور ويتراكضون، وفي حركة ليست بعيدة عن الفكاهة يقوم أحد الكبار بنثر الحلوى والملبَّس بعيدًا على الأرض، فينهمك الصغار بالتقاطها وجمعها أثناء المسير، كما أن تلك الحركة ربما عملها أهل العريس قبل الانطلاق، وكذلك عند الوصول لبيت أهل العروس، والشاطر من الأولاد هو الذي يمسي وجيبته مليئة بقطع الحلوى غير التي أكلها أثناء النهار، وتبقى تلك المسيرة والمهرجان حتى يقبلوا على بيت أهل العروس ويشرفوا عليه، حيث يتوقفون وهم يردّدون الهجينة، والنساء يردّدنَ عبارات المدح بالمعازيب والاستئذان للدخول حتى يأذن لهم المعزّب ، وعندها يصِلون ويحطّون رحالهم حتى المساء ويبيتون هناك حتى الصباح.

        والنساء تغني حول العروس ويُخرجن شيئا من الحِناء تكون والدة العروس أو من تنوبها أحضرته معها، ويضعْنَه على كفّ العروس، ويبيت الناس عند والد العروس الذي يُكرمهم ويُعدُّ لهم العشاء.

        (ملاحظة: المَبيت عند أهل العروس والعشاء عندهم تلاشى في الستينات من القرن الماضي، وأصبحت الفاردة تعود في نفس اليوم على أن تسبقها ليلةُ الحناء، حيث يذهب جمع من النساء إلى بيت أهل العروس بالغناء ويضعن الحناء على يديها ثم يعُدْنَ في نفس الليلة )  .                 

        في صباح اليوم التالي ينهض الجميع ويُعِدُّون العروس للانتقال إلى بيتها الجديد، تجتمع النسوة ويغسّلنها ويمشِّطن شعرَها ويضعن الحمرة على خديها ويلبسنها الإكليل (قماش أبيض شفاف) على رأسها ووجها، ثم يستأذن أهل العريس يأخذ العروس، وبعد موافقة أهل العروس يُحضرون بغلة قوية وهادئة ويُزيّنون ظهرها بالمفارش والسجاد المزخرف ويُركبون العروس عليها.                                              

        وهنا يتقدم الناس لتقديم النقوط للعروس الذي كان عبارة عن قطع من النقود المعدنية في تلك الأيام أو بعض المتاع، وهنا ينظر الناس إلى خال العروس وماذا سيقدّم؟ والعُرف السائد أن خال العروس سيدفع شيئا متميزا تسمى (عطية الخال)، وهنا يجب على والد العريس أن يقدم شيئا مماثلا ولا يقل أهمية عن عطية الخال، وأحيانا (وهذا نادرا ما حدث) أن يقف والد العروس ويطلب (بلصة)؛ أي يطلب شيئا يطمع به زيادة عن النقوط العادي أو المهر المتفق عليه لجيبه الخاص، وذلك كأن يطلب مبلغا من المال أو عباءة أو كبشا أو بغلة أو مسدسا أو غير ذلك .

        ثم وبعد الانتهاء من مراسم النقوط يكون والد العروس قد أمنها أهل العروس، تطلق العيارات النارية في الهواء، وتبدأ مسيرة العودة إلى بيت العريس، ويردّدون أغاني الشكر لوالد العروس أو من ينوبه مثل: "كثّر الله خيركم ويخلف عليكو" ويعودون بها سالكين طريقا سهلة ولكنها طويلة حتى يجوبوا أكثر الأحياء أو البساتين وحتى يطيلوا المهرجان المرح ، وأثناء المسير يعترضهم بعض أصحاب البيوت (يعزمون) القطار، ولكن أحدهم يُصرّ أن يكون هو صاحب كرم الضيافة، ويعزم القطار أي يدعو جميع من في الفاردة لينزلوا بيته يستريحوا، ويُعد لهم وليمة غداء ويذبح الذبائح ويطبخ اللحم باللبن ويقدمه بالخبز البلدي، وتسمى عزومة القطار (وكان أحد أهم هؤلاء الكرام وكثيرا ما تكررت عنده العزيمة حتى اشتهر بأنه لا بد من الغداء عنده قبل أن يعزم هو الحاج يوسف بن غانم الكساسبة) ، وبعد الغداء يقومون ويحملون عروسهم مواصلين السير إلى بيت العريس حتى تصل أمامه، وتكون أمها وبعض أخواتها وقريباتها يرافقنها، ثم تهرع إحدى النساء لإحضار الملح وترشه حول البيت، وهذه خرافة وثنية مارسوها عن جهل، ثم يُرحَّب بالعروس بالأغاني والطلقات النارية والتباهي بأنهم أحضروا عروسا نشمية وجميلة وذات حسب إلى قوم أيضا ذوي حسب.

***

كل عرس بصير فيه قِطار؛ بُروحن سيّارات من عند أهل العريس على دار أهل العروس، بِجيبوا العروس، والقطار لمّا يوخذ العروس يروح فيها على (المشهد)، والمشهد هو موقع معركة مؤتة.

وبعد ما يروح على المشهد يلُفّ القطار بالعروس من عند مقام سيدنا جعفر، وهذا طبع العالَم مِشان تِتبارك بالجِيزة، وكان أهل المزار بتفاخروا بوجود مقام جعفر بنفس منطقتهم.

 

© 2024 تطوير وتصميم شركة الشعاع الأزرق لحلول البرمجيات. جميع الحقوق محفوظة