ثمة اعتقاد جازم بوجود الأرواح منتشرة في البراري، وفي القفار، وفي المناطق المخيفة، أو المناطق كثيرة الأدغال، والأشجار أو الأودية أو المغاور، فالناس يرتبط بأذهانهم وجود العوالم الأخرى، وهم يعظمون أذاهم ويخافونهم ويتوجسون من شرهم، وأذا ما أطبق الليل بسدوله تجدهم يخشون الذهاب في الليل المظلم إلى مكان خلاوي، أو إلى المناطق كثيرة الشجر، ظنا منهم أنه تسكنها الأرواح الشريرة والتي تؤذيهم، مع أنه لم يسجل حادثة واحدة اعتدى فيها الأرواح على الناس في المنطقة، لكنهم يتحدثون قصص كثيرة عن الأرواح وتمثلها بأشكال مختلفة، فتارة يرون أنهم رأوا امرأة تسرح شعرها، وتجلس على طريق المارة، وبعضهم يشبهها بإحدى نساء الحي، ويزيد الأمر ثبوتا في عقلة أن يكون قد رأى تلك المرأة في الحي قبل ذهابة إلى المشوار المراد، وثمة منطقة في القرية – منطقة عي– تسمى قاع الطور، كثيرة شجر الزيتون والأدغال والأشجار الحرجية والأعشاب، ويذهب الناس لسقي الأشجار ليلا، وهنا تظهر شجاعة الشباب في قدرتهم على سقي بساتينهم ليلا، وقدرتهم على فعل ذلك من غير أن يكون معهم مساعد، أو مرافق، ولكون المنطقة كثيفة الأشجار تجد أحدهم يتخيل كل ما حوله من الأرواح، ويتصورها في كل مكان، أو قد يسمع أصوات غريبة، أو قد يتصور أصواتا غربية، وأحيانا على حد زعمهم يقولون أنهم يسمعون أصوات غناء الأرواح في أعراسهم، وبعضهم يتصور أن الأرواح يتشكلون في صورة حيات، أو في صورة مشتركة بين امرأة وحيوان، وهذا يثير الرعب في قلوبهم وبالأخص في المناطق المقطوعة، أو غير المسكونة تزداد فرصة رؤية الأرواح والخوف منها.