يحكي أن رجلا فلاحا خرج في الصباح الباكر ليحرث الأرض، وكان الطقس باردا جدا، فأخذ فدانه وبدأ بالحراثة، وبعد أن حرث عدة أتلام (جمع تلم) ضربت سكة عود الحراث بشيء، فحركه بالمناس الذي بيده، وإلا هي أفعى متجمدة من البرد، فقال مسكينة هالحية، فتحنن عليها ووضعها في عبه أي داخل قميصه ليدفئها واستمر بالحراثة، ومع الحركة وحرارة جسمه بدأت الحياة تدب بالأفعى، فتحرك السم في عروقها وأخرجت رأسها من عبه وانتصبت أمام وجهه فقالت له: من قال لك أن تضعني في عبك، سأنتقم منك وألدغك وأفرغ سمي في جسمك حتى تموت، فأخذ الرجل يتوسل إليها أن لا تفعل، وأنه عمل معها خيرا، فهل هذا جزاءه، وكان هو والأفعى على هذا الجدال حتى حضر إليهم ثعلب صغير ويسمونه بالعامية (أبو حصين)، فقال ما بالكم أصواتكم عالية وتتجادلون، فقال الرجل: داخل عليك يا أبو حصين أن تحكم بيننا وتفكني من هذه الأفعى ناكرة الجميل، أجاب أبو الحصين وقال له: ماذا تعطيني لو فككتك منها، قال له الفلاح: اطلب ما تشتهي بس فكني من هالورطة، فقال له أبو الحصين: تجلب لي دجاجة محمرة، قال دجاجتين محمرات بس فكني، قرب أبو الحصين من الحية وقال لها: الرجل رفعك من الأرض ووضعك في عبه، وعلى عشان تكون المنافسة عادلة دعيه يرجعك إلى الأرض، وعندها تعطيه فرصة الدفاع عن نفسه، أقنعها بالنزول، وفي الأثناء قال للرجل: بالمنساس اللي بيدك بس تنزل دق رأسها، وهذا ما كان، وعندما تخلص منها الرجل قال أبو حصين يالله روح جيب الجاجات اللي وعدتني بيهن، فقال الرجل حاضر، خليك هون احرس الفدان حتى أذهب للبيت وأحضر لك الجاجات، ذهب الرجل لبيته وعندما أقبل على البيت رأته امرأته وكانت شديدة البأس، ولا تطيق زوجها، فقالت له: الله لا يجيب الدرب اللي جابتك، لويش صرت راجع علي، قال الرجل: يا مرة طولي بالك، أنا صار معي كيت وكيت وكيت، وجاي عشان تحمري لي جاجتين وأخذهن لأبو الحصين اللي فكني من الموت، فقالت له ريت الله ما ردك لا أنت ولا أبو الحصين معك، عسى بدك أقوم أذبح جاجتين وأحمرهن لأبو الحصين، انقلع من هون، فترجاها الرجل وقال لها يا مرة أنا وعدت أبو الحصين ودبريني مشان الله، وبعد ما ألح عليها قالت اسمع أقول لك، وكان لديهم كلب اسمه (شر)، خذ شر معك وحطه بالكيس واربط عليه واحمله معك، هو بتصرف مع أبو الحصين، وافق الرجل ووضع شر بالكيس وربط عليه وأخذه معه، عندما وصل إلى المكان رأى أبو الحصين واقفا على الصخرة من بعيد ويراقب، فناداه الرجل وقال: تعال يا أبو الحصين فقد جلبت لك ما طلبت، لكن أبو الحصين لا يأمن من البشر فقال له: ضع الكيس عندك وابتعد حتى لا تغدر بي، نزل أبو الحصين من على الصخرة وتوجه للكيس، فاقترب منه رويدا رويدا خوفا من المفاجآت، فمد يده وجس الكيس من الخارج وإلا فيه شيء طري، فقال في نفسه لعل هذا الرجل لا يغدر بي، ومؤكد بأنه أتم وعده وأحضر الدجاجات، فمد يده وفتح الرباط عن الكيس، وبمجرد أن فتح الكيس قفز الكلب (شر) في وجهه، وأبو حصين من الصدمة طار في الهوا من الرعب، وأخذ يجري بأقصى سرعة و(شر) يتعقبه بالنباح والصياح، وأبو حصين كل ما مر جنب حدا يقول له: خير تعمل شر وصارت مثل.