ضمن فعاليات مهرجان وادي عربة للسامر الذي نظمته فرقة الريشة للفنون الشعبية، في وادي عربة، تم إلقاء محاضرتين بعنوان:
*** الريحاني... الفن الشعبي الأردني:
سليمان بن غيث السعيديين/ وادي عربة
الريحاني، فن من فنون السامر الأردني، ولون من ألوان الغناء الشعبي المنتشر في البوادي والأرياف الأردنية، والبوادي المجاورة في الدول العربية الشقيقة.
وهو يتشابه مع السامر في المواضيع ومناسبات الإلقاء، لكنه يختلف قليلا في الأداء، حيث يصطف فيه المؤدون بصف متناسق، يكون من بين هؤلاء شاعران يقومان بأداء مقطوعات شعرية إما من محفوظاتهم، أو من خلال تأليف المقطوعة مباشرة أثناء الأداء، أما بقية المؤدين فيكتفون بترديد مقطوعة ثابتة هي:
(ريحان يقول الريدان)
أما الحركات المصاحبة للأداء فهي التصفيق، مع تحريك الجسم صعودا ونزولا بثني الركبتين بحركة متناسقة بين الجميع، مع إصدار بعض الأصوات الحماسية التي تشعل المشاهدين حماسا وتشويقا للمتابعة.
غالبا ما يكون أداء الريحاني بمثابة مبارزة شعرية بين شاعرين، تتعدد مواضيعها من المدح إلى الفخر، وأحيانا تصل للهجاء، وهناك مقطوعات شعرية اشتهرت وأصبحت من ضمن الفلكلور الشعري الذي تتناقله الأجيال وتتغنى به.
من ضمن الأداء أيضا، يكون هناك "الحاشي"، وهو الراقص أو الراقصة، إذ تؤدى رقصات أمام المؤدين، ويتنافس الشعراء في الحصول على إعجاب الحاشي كنوع من إثارة الحماس والمنافسة بين المؤدين، وهنا تختلف طبيعة الأداء من موضوع إلى آخر، حيث يتحلق المؤدون حول الحاشي كنوع من إثبات الفوز في المنافسة، أو كنوع من إثبات الحب للحاشي "وتوسيقه"، أي نيل رضاه وحرمان الطرف المنافس من الوصول إليه.
تنتهي وصلة الريحاني بطرق مختلفة، أحيانا بسبب طول الوقت واستنفاد الشعراء لمخزوناتهم الشعرية، أو من خلال إقرار طرف بخسارته أمام الطرف الآخر، فيقول المتابعون "كفيتوا ووفيتوا ... والله يعطيكوا العافية".
الريحاني فن تراثي أصيل، كاد أن يندثر لولا وجود بعض الأشخاص المهتمين به، وأخيرا قامت بعض فرق السامر بإعادة إحيائه ليعود فنا تراثيا أصيلا ملازما للأفراح، ويشكل ذاكرة شعبية مليئة بقصص الحرب والبطولة، وحافظة للتاريخ في الموروث الشعبي الأردني.
*** فن السامر ....
عيد السعيديين/ وادي عربة
إدراج فن السامر الأردني كفن تراثي شعبي ضمن الفن العالمي من خلال اللجنة الدولية اليونسكو، جاء ذلك بفضل القائمين من وزارة الثقافة على الموروث الشعبي للمحافظة على التراث الذي تغنى به الآباء والأجداد، وتناقله من بعدهم الأبناء والأحفاد ليكون فنا عالميا ينقل اللحن والصوت والكلمات إلى العالم أجمع.
أقف اليوم أمام قامات تبدع في فن السامر من حيث الكلمة والإلقاء، ويوجد الكثير من الفِرَقِ التي تهتم بالسامر الأردني في مختلف مناطق المملكة، ومنها في الجنوب فرقة الريشة للفنون الشعبية، وفرقة الراجف، وفرقة المريغة، وفرقة شباب الحجايا، وقد شاركوا في الكثير من المهرجانات على مستوى الوطن ومنها مهرجان جرش في أكثر من دورة، كما لهم إسهامات ومشاركات خارجية في دول عربية وأجنبية.
كان السامر قديما يقام عندما تكون هنالك مناسبة معينة لدى القبيلة، مثل الأعراس والخطوبة والطهور، وكل قبيلة أو منطقة تقدم السامر بلهجتها وكلمات شعرائها.
كيف يقام السامر؟
يصطف عدد من الأشخاص بحركة جميلة ومتناسقة ويقومون بالمباركة لصاحب المناسبة، ويبدأون بالإلقاء مستهلين القصيد بالصلاة على الرسول الكريم كقولهم:
- أول ما نبدا ونقول صلوا ع طه الرسول
وبعدها يباركون لصاحب المناسبة كقولهم:
- يا هيل البيت الجديدِ ريته مبروك وسعيدِ
وبعدها يمسون على الحضور:
- الله يمسيكم بالخير ضيوف مع محليه
ويرددون بعد كل مقطع بالقول:
هلا هلا به يا هلا لا يا حليفي يا ولد
وبعد إلقاء العديد من الأبيات الشعرية التي تأخذ لحنا جميلا، والتي يتغنى بها السمّار بالبطولات والفروسية والإقدام، يقوم السمّار بالطلب من صاحب المناسبة إحضار من يرقص أمامهم ويسمى "الحاشي"، وهي امرأة أو فتاة من القبيلة، ولا يعرفها أحد من الموجودين لأنها تكون متسترة، تقوم بحركات من الرقص، وهي حركات معروفة لدى الحاشي، وبعد أن تقوم الحاشي بالرقص يقوم أحد الأشخاص سواء من الحضور أو أحد المشاركين في السامر بالطلب من الحاشي أن تجلس، ويجلس بجانبها، وهذه الحركة تسمى التوسق، بعدها يطلب السمار من الرجل الذي أجلس الحاشي أن تكمل حركات الرقص، وذلك بمدحه والثناء عليه كقولهم:
- يا اللي وثقت حوشينا يا ولد وش لك علينا
والحديث معه من خلال قصائد أن يطلب ما يريد من أجل إخلاء سبيل الحاشي، وهو يوافق على طلبهم بعد المدح فيتركها لتكمل حركات الرقص.
و السامر أحيانا يبدع بالحان جديدة وكلمات جديدة، ويأتي لحن الهجيني من ضمن السامر.