يأتي «يوم التراث العالمي» للتذكير بأهمية الحفاظ على الارث المادي وغير المادي للانسانية بشتى المجالات، وقد احتفل الأردن بذلك اليوم مع كافة دول العالم لاسيما تلك التي تحرص على صيانة ارثها الثقافي والفني والعلمي والطبيعي والمتقدمة في ذلك المجال..كيف لا ونحن نمتلك تراثا حضاريا قل نظيره في العالم ، وتغتني بلادنا بمئات المواقع الأثرية والتاريخية العائدة لعهود سحيقة، أما التراث الشعبي الأردني فهو أيضا غني جدا بموكوناته وروافده الثقافية حيث يمتزج فيه تراث العرب مع الشراكسة والأرمن والشيشان في فسيفساء ميزت الأردن في عهد الدولة وماقبلها.
يوم التراث العالمي..الأهداف والطموحات
يصادف يوم الـ 18 من أبريل يوم التراث العالمي من كل عام اليوم العالمي لحماية التراث الإنساني، حسب الاتفاقية [1]التي أقرها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في باريس في عام 1972.
وهذه الاتفاقية تصنف التراث البشري إلى نوعين:
ثقافي - يشمل الآثار والأعمال المعمارية والمجمعات العمرانية والمواقع الحضارية ذات القيمة الاستثنائية.
و طبيعي : يشمل المواقع الطبيعية ذات القيمة العالمية.
وقد جاء توقيع هذه الاتفاقية؛ بسبب العبث بالمواقع الأثرية وتدميرها، وغياب التشريعات والأنظمة والسياسات العامة التي تلزم المؤسسات والأفراد بالحفاظ على المواقع التراثية والأثرية، وتبين كيفية التعامل معها على كافة المستويات. وقصور سياسات وأساليب التخطيط العمراني، وأنظمة البناء والهدم والإزالة التي تتجاهل التراث العمراني، بل إن البعض منها يشكل مصدر تهديد لهذا التراث. ونقص المعلومات الخاصة بمواقع وأبعاد وتفاصيل المناطق والمباني التراثية والأثرية، فضلاً عن نقص المعلومات التاريخية عن هذه المناطق، وغياب الخطط والآليات وبرامج التنفيذ الخاصة بإعادة إحياء التراث العمراني لدى الجهات المعنية التي ينتظر منها الحفاظ على هذا التراث.
اقترح المجلس الدولي للمعالم والمواقع (ICOMOS) تحديد اليوم الدولي للمعالم والمواقع الأثرية أو ما يصطلح عليه في الإعلام العربي بيوم التراث العالمي بتاريخ 18 أبريل 1982 والتي وافقت عليه الجمعية العامة لليونسكو في عام 1983. والهدف من ذلك هو تعزيز الوعي بشأن تنوع التراث الثقافي للبشرية، ومضاعفة جهودها اللازمة لحماية التراث والمحافظة عليه.
وبالتزامن مع هذا اليوم طرحت منظمة اليونسكو في السنوات السابقة عدة محاور لحمياة التراث، ومنها حماية القرى والمدن التاريخية، التراث الثقافي المغمور بالمياه، الهندسة المعمارية والتراث في الأرض، المناظر الطبيعية والمعالم الثقافية الطبيعية، التراث الديني والأماكن المقدسة، التراث الزراعي وغيرها من القضايا.
شقم: لنحافظ على تراثنا الأردني المتنوع
وكان وزير الثقافة نبيه شقم قد أصدر تصريحا لافتا أمس بتلك المناسبة ورأى فيه أنَّ واجباً وطنياً يقتضي تكامل الجهود المؤسسيّة في الأردن لتعزيز الوعي بأهمية التراث والمحافظة عليه وصونه من أيِّ اعتداء، معتبراً الاحتفال بالمناسبة في أحد أيام السنة يحمل معنى رمزياً، لتأكيد حضوره على شكل مشروع مستمر، داعياً إلى تضمين مفردة التراث في احتفاليتيّ المفرق مدينة الثقافة الأردنية وعمان عاصمة الثقافة الإسلامية هذا العام، وفي مشاريع مديرية التراث.
وقال إنّ يوم التراث العالمي هو فرصة لأن نراجع إنجازاتنا في هذا المجال، لإقامة المزيد من الفعاليات وورش العمل التي تؤكّد قيمة التراث بأشكاله الماديّة وغير الماديّة، ونشر قيمته لدى حواضنه البشرية والمؤسسية للمبادرة بتسجيله، ويكون ذلك بتأكيد العمل المتحفي، والوثيقة التراثيّة، بما يحفظ التنوع الثقافي الذي يتوافر عليه الأردن ويشكّل عنصر ثراء إنساني في نهاية المطاف.
وأكّد شقم أهمية أن يُدرج التراث الأردني على قائمة التراث العالمي، داعياً إلى أن تتوجّه جهود الباحثين في التراث إلى الجمع والاستنباط والتحليل من صدور الحفظة والمعمرين، ومن واقع الدراسات الميدانية وقراءة المعنى الذي يحمله التراث العمراني والصناعات والحرف اليدوية والأزياء، كذلك الأغاني والأهازيج والأمثال الشعبية والروايات والقصص التي تشكّل زاداً ثقافياً ومعنوياً للأجيال من بعد.
وعبّر الوزير عن احترامه للتراث العربي والإنساني ولكل الجهود المخلصة التي تتعاون مع وزارة الثقافة في هذا المجال ممثلةً بالمؤسسات الحكومية وغير الحكومية وكل الجهود الأكاديمية، مشيداً بدور مكتب اليونسكو بعمان لتعاونه المستمر في هذا الشأن.
كما أعرب شقم عن أسفه لضياع كثير من الآثار والإرث الحضاري بسبب الحروب التي تستلزم نداءً إنسانياً لحماية هذا الإرث الحضاري المهم.
تراث الأردن..هوية المملكة ووجدان شعبها
يتنوع التراث الأردني بين المادي المتمثل في المواقع الأثرية المنتشرة من أقصى جنوب المملكة حتى شمالها كأم قيس وجرش وآثار عمان وقلعة عجلون والقصور الصحراوية وصولا الى أيقونة المدن الأثرية البتراء العظيمة اضافة الى التراث المعماري والبنيان في مدينة عمان والسلط والكرك وغيرها من المدن، وتراث غير مادي متمثل بالأغاني الشعبية والموسيقى المحلية والأشعار وغيرها، أما التراث الطبيعي فيضم أيضا مواقع نادرة بميزاتها المتعدده كالبحر الميت وهو أخفض بقعه في العالم وحمامات ماعين وضانا وحمامات عفرا وغيرها.
وقد وضعت اليونسكو عددا من مدن المملكة ضمن قائمة التراث العالمي وأهمها البتراء وجرش والنيه تتجه لادراج السلط كذلك.