شهرة عجلـون الطبيعية والبشرية فـي كتابـات
الرحالـة الأجـانب
(1812-1912)
د. جورج فريدط ريف داوود
مُؤرّخ وإعلامي أردني
المحتويات
1- المقدمـــة
2- موقع عجلون والملامح العامة لطبيعة أرضها وبلداتها
3- الحياة الاجتماعية في عجلون:
أ- عدد السكان:
ب- العُرس في عجلون
ج- العلاقة بين المسيحيين والمسلمين في عجلون
د- كرم الضيافة في عجلون
ه- التعليم في عجلون:
4- الحياة الاقتصادية في عجلون:
ا- خصوبة التربة
ب- الزراعة في عجلون
ج- الصناعة في عجلون
د- أنواع الضرائب في عجلين
-هوامش ومراجع البحث
شهرة عجلـون الطبيعية والبشرية فـي كتابـات
الرحالـة الأجـانب
(1812-1912)
1- المقدمـــة:
شهدت فترة الدراسة نشاطاً واسعاً للرحّالة الأجانب الذين جابوا المنطقة من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، وكتبوا مشاهداتهم وملاحظتهم عنها(1).
وأجد من الضروري الإشارة إلى أهميّة ما كتبه هؤلاء الرحّالة والعلماء الذين زاروا " حيث أعطى هؤلاء الرحّالة وصفاً دقيقاً للمناطق التي زاروها وبشكل خاص منطقة عجلون، وجُمِعَت كتاباتهم في مجلّة Palestine Exploration Fund "، ونجد لديهم معلومات لا نجدها في المصادر الأخرى، خاصّةً ما يتعلّق منها بمواقع القُرى، والينابيع والأنهار والآبار، والمحاصيل الزراعية.
كما يصف الرحّالة المواقع الأثريّة، والمساكن، والمتاجر، والطواحين، والكنائس، والمدارس، والمقامات، والبرك، والآبار، والأنهار والأودية ،مع بيان أهميّتها وكذلك يتناولون مهن السكان كالزراعة، والتجارة، والصناعة، والمحاصيل والشجار المثمرة، والحيوانات والطيور،وتلقي كُتب الرحّالة الضوء على بعض عادات السكّان وتقاليدهم وأماكن تواجدهم وبيوتهم ومحتويات هذه البيوت .
ويتعيّن على الباحث دراسة كُتب الرحّالة بدقّة وحذر إذ نجد بينهم مَن يجانب الحقيقة أحياناً بقصدٍ أو بغير قصد، أو مَن يسيء فهم الأحداث التي شاهدها،فهم في معظمهم لا يعرفون اللغة العربية واعتمدوا بشكل خاص على الإدلاء والمترجمين الذين لهم ميولهم وأهوائهم من جهة ومن جهة أخرى كانوا يعممون ظواهر رأوها في منطقة على مناطق أخرى واعتمدوا على مشاهداتهم وتفسيراتهم التي لا تخلو من المبالغة أحيانا ومن عدم الدقة أحيانا أخرى ، ولا ننسى أن هؤلاء كانت لهم أهدافهم من وراء زياراتهم لمناطق شرق الأردن، فمنهم من كان يعمل مبشراً أو كاهناً أو عسكريا أو عالما اثريا أو مستشرقا وهذا ما يدعو الباحثين والدارسين إلى التدقيق والحذر فيما كتبه الرحالة الأجانب عن بلادنا ، إلاّ أنّ ذلك كلّه لا يُقلِّل من أهميّة كُتب الرحّالة لدارس التاريخ، ولا يمكن لباحث في تاريخ المنطقة الاستغناء عنها ولكي تصبح الفائدة أعمّ وأشمل، أجد من الضروري للدارس في هذه الكُتب مقارنتها مع ما يتمّ الكشف عنه من وثائق تاريخية بين الحين والآخر.
سنتناول في هذه الدراسة ما كتبه هؤلاء الرحالة الذين مروا على مناطق عجلون من خلال مشاهداتهم في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ، وعلى الرغم من أهمية ما أورده الرحالة من معلومات قل نظيرها بشأن مناطق شرق الأردن بشكل عام وعجلون بشكل خاص إلا أننا يجب أن لا نعتبرها من المسلمات وإنما قابلة للنقد، والتحليل، والتمحيص، والمقارنة، وصولاً إلى الحقيقة .
2- موقع عجلون والملامح العامة لطبيعة أرضها وبلداتها:
- لا بد من الإشارة أولا إلى أن منطقة عجلون ضمّت منا طق واسعة من شمال الأردن وكانت تقسيماتها الطبيعية في أوائل القرن التاسع عشر حسبما ذكر بيركهارت تضم ناحية البطين أو ناحية بني جهمة (منطقة اربد)، وناحية المعراض (جرش)، والصويت ( الرمثا)، والكفارات، والسرو، وبني عبيد، والكورة، والوسطية، وجبل عجلون، أما شومخر فذكر أن قضاء عجلون يمتد من نهر اليرموك شمالا إلى نهر الزرقاء جنوبا ومن الغرب بحيرة طبريا والغور ومن الشرق وادي الشلالة والبادية السورية وقدر مساحته ب220 ميلا (2).(شكل رقم 2 في موضوع 1:1:1 السابق)
ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تُغطي دراسة واحدة هذه المناطق كونها تحتاج إلى جهد ووقت كبيرين، وكل منطقة منها بحاجة إلى دراسة مستقلة ، لذلك اقتصرت في هذا البحث على دراسة بلدة عجلون وبعض القرى المجاورة لها التي أشار لبعضها الرحالة .
- كان القائمقام يتولى الإشراف على الأمور الإدارية والمالية والأمن في قضاء عجلون وهو مرتبط إداريا بمتصرف اللواء، ويتولى تنفيذ جميع أوامر الدولة والتنبيهات التي ترد من طرف الولاية واللواء وإجراء أحكام القضاء الداخلية التي تكون ضمن حدود إدارته كما يتولى تحصيل واردات الدولة وإرسالها إلى مركز اللواء (3).
وهنالك إشارات إلى بعض الذين تولوا هذا المنصب ومنهم داوود عبادي أو عبدي، الذي كان يتحدث بلغات أوروبية وكان يعطي نصف ما يجمعه من غلال إلى الحكومة العثمانية وكان يدفع الرشوة لكبار المسئولين ويعاقب من لا يدفع الضرائب ، كما أعطت الدولة الزعامات المحلية سلطة أو نفوذا على مناطق عجلون حيث عينت يوسف البركات الفريحات في أوائل القرن التاسع عشر شيخا لمشايخ جبل عجلون والمعراض، ويقول القس كلاين الذي زار المنطقة عام 1868 إن حاكم كفرنجة ينتمي إلى عائلة قديمة ذات نفوذ (الفريحات) وأكد على ذلك اوليفانت الذي قال أن الشيخ حسن البركات كان يستطيع تجنيد 1400 فارس لأنه يستطيع أن يعتمد على القرى المجاورة (4).
- الرحالة بيركهارت الذي زار عجلون في الثالث من أيار من عام 1812م يقول انه:
قدم إلى عجلون من جهة جرش حيث اتجه إلى الشمال الغربي ومر بسوف وبعد ثلاثة أرباع الساعة وصل إلى قمة الجبل الذي يشكل حدا فاصلا بين منطقة المعراض وجبل عجلون ووصف الأحراش في تلك المنطقة وقال " وهذا الحرش هو أكثف ما شاهدت في سوريا حيث يطلق اسم هيش أو حرش في الغالب على الأماكن التي تنمو فيها الأشجار على بعد عشرين خطوة بعضها من بعض " (5).
ويضيف انه بعد ساعة ونصف وصل إلى بلدة عين جنة التي تقع في واد خصيب تتفجر فيه عدة ينابيع من تحت الصخر وقال إن فيها ثمانين عائلة مسيحية، وان عدة كهوف توجد في الجبل المجاور لها وعلى بعد نصف ساعة توجد قرية مار الياس التي وصفها بالخربة وأشار إلى أن كرم زيتون يزود أهل البلدة بأهم وسائل المعيشة .
ويقول إن أهالي عجلون يتعاملون بحذر مع الأجنبي ورفضوا التجاوب معه إلا بعد أن شاهدوا ورقة من المتسلم تسمح له بالزيارة وهذا ما يظهر في النص التالي الذي وصف فيه دخوله القلعة أيضا " انطلقنا في الصباح الباكر وهبطنا الوادي _ من عين جنة _ في اتجاه عجلون التي أطلق اسمها على المنطقة ، وهي مبنية في ممر ضيق على جانبي جدول عين جنة ولا تحتوي على شيء ذي شأن باستثناء مسجد قديم بديع ،...... تركت حصاني هنا وأخذت رجلا من القرية ليصحبني إلى قلعة الربض التي تقوم على قمة جبل يبعد ثلاثة أرباع الساعة عن عجلون ، وعلى مسافة قصيرة من جنوب الطريق تقع قرية كفرنجة ، ومن عين جنة تقع قلعة الربض في اتجاه غربي ، وهي محل إقامة زعيم منطقة عجلون من عائلة بركات التي ما زالت الزعامة في يدها منذ سنين عديدة ثم اخذ أفرادها يتنازعون عليه مؤخرا ، وحوصر الزعيم يوسف البركات في القلعة عدة شهور ، وقد ذهب الآن إلى أغا طبريا ليستعين به وبقيت عائلته في القلعة بعد أن صدرت أوامر مشددة بعدم تمكين أي أشخاص غير معروفين من دخولها وبإحكام إغلاق البوابة. كان معي كتب توصية ليوسف من متسلم دمشق ، وحينما وصلت إلى بوابة القلعة تجمع جميع الأهالي على السور ليستعلموا عمن أكون وماذا أريد ، وقد أوضحت لهم حقيقة زيارتي وأطلعتهم على كتاب المتسلم ، وعند ذلك فتحوا البوابة الحديدية ، ولكنهم ما انفكوا يبدون شديد الحذر مني إلى أن استدعى رجل يستطيع القراءة وقرأ كتابي بصوت عال ، وعند ذلك اخذ جميع أفراد العائلة يظهرون لطفهم نحوي ، وخاصة حين أعلمتهم أنني عازم على التوجه إلى طبريا "(6).
وتحدث عن قلعة الربض وقال إن بناءها يعود إلى عهد صلاح الدين الأيوبي (القرن الثاني عشر الميلادي ) ووصف القلعة بقوله " ......لم أشاهد في تلك القلعة ما يستحق الاهتمام بصفة خاصة ، فأسوارها السميكة، وممراتها المقنطرة، ومعاقلها الصغيرة تعتبر أوصافها شائعة في قلاع القرون الوسطى ، وفي القلعة عدة أبار إلا أنها تمتاز من الخارج بالخندق العميق العريض الذي يحيط بها، والذي حفر بجهد كبير في نفس الصخر الذي تقوم عليه القلعة .
وتبعد الربض عن الغور أو وادي نهر الأردن مسافة ساعتين ، وهي تشرف على منظر بديع في هذا الوادي والجبال المجاورة له ويقطنها الآن حوالي أربعين شخصا من عائلة البركات الكبيرة " يبدو واضحا أن بيركهارت لم يتطرق إلى تفاصيل بناء القلعة وأهميتها واكتفى بالقول إنها تشبه قلاع القرون الوسطى كما لم يتحدث عن أبراجها وأبوابها ونوافذها وأبعادها وارتفاعاتها وأنواع الحجارة وما إلى ذلك من أمور .
ووصف جبال عجلون على النحو التالي " تحدها منطقة بني عبيد في الشمال الشرقي والشرق، ومنطقة المعراض في الجنوب والجنوب الشرقي والغور في الغرب والكورة في الشمال، وهي بلاد جبلية من مبتدأها إلى منتهاها والقسم الأكبر منها دغل (كثير الأدغال )تكثر فيه الأشجار وتشمل حدودها جزءا من جلعاد القديمة والمكان الرئيسي فيها قلعة الربض حيث يقيم الشيخ ، وبالإضافة إلى ذلك فهي تضم القرى التالية عين جنة ، عجلون ، عنجرة ، عرجان ، راسون، باعون ،اوصرة ، حلاوة ،فارة ،الخربة، كفرنجة "(7).
- أما روبنسون ليز الذي زار الأردن عام 1890 فتحدث عن طبيعة جبال عجلون الجغرافية وخصوبة أرضها وجمال أشجارها الكثيفة التي تكسو جبالها كما في النص التالي "...ومن سوف سرنا إلى عجلون عبر تلال كاسية من أجمل ما رأينا في البلاد... ومن قلعة الربض يستطيع المرء أن يشاهد فلسطين الوسطى كلها وتبدو المفارقة بين جبال عجلون الكاسية بالأشجار وجبال نابلس السوداء فالأرض هنا سخية على الرغم من أن أجزاء كثيرة منها في حالة إهمال ولو استغلت جيدا لأعطت إنتاجا وفيرا من القمح والفواكه وقد شاهدنا إلى الشمال منطقة تشبه الحديقة لكثرة وتنوع أشجارها" (8)
- في حين يرى ليبي الذي زار المنطقة عام (1902) عجلون من زاوية أخرى "......موقع حصن عجلون من المواقع القديمة التي تحمل الاسم نفسه حيث شيدت المدينة فوق تلة محصنة طبيعيا وتوسعت بواسطة بناء الأسوار المحيطة مما جعل التلة تتشكل بالصورة التي تراها وقد وجدنا أن هذه الجدران الاستنادية لأطراف التل تعود إلى ما قبل العصور الروماني، ويحيط بالربوة عدد من كبير من الآبار المنحوتة بالصخر والتي ملئت ركاما عبر مئات السنين مما اضطر السكان المعاصرين أن ينظفوها لاستخدامها ......ويشير: إن أهالي عجلون استخدموا حجارة القلعة في بناء بيوتهم ، ويرجح علماء الآثار أن طراوة حجر عجلون المستعمل للبناء في جبل عجلون تسببت في عدم بقاء آثار المدن القديمة فيه إذ تآكلت على مر الزمن ،ويقول إن معظم منازل القرى بنيت من حجارة قديمة وهنالك إشارات إلى استخدام آلة بخارية على بركة ماء راكدة في عجلون تقوم بطحن الحبوب- موتور- (أكثر من مائة وخمسين مدا في اليوم) للناس الذين يقطعون مسافة أميال بعيدة لطحن مئونتهم(9).
- أما جراي هيل الذي زار شرق الأردن عام1888-1890م فقال إن أراضي عجلون أجمل من أي ارض مر بها من قبل ويضيف " وفي عجلون التقينا بالقائمقام وهو رجل تركي متقدم في السن لين الجانب وقد اخبرنا أن سكان مقاطعته يميلون إلى إثارة المتاعب ولكنه أرسل 150 منهم إلى السجن في دمشق بعيد مجيئه فمات هناك منهم 120 ومنذ ذلك الحين اخلد القوم إلى الهدوء " (10)وتظهر المبالغة بوضوح في هذه الرواية إذ أن الراوي كبير في السن كمالا يعقل أن يتم اعتقال هذا الرقم في آن واحد ويموت غالبيتهم دون أن يحرك أهل المنطقة ساكنا .
- ويقول شومخر الذي زار عجلون خلال الفترة ما بين 1885-1887م "في الجزء الشمالي من عجلون - شمال سموع- توجد39 قرية بمعدل 48 شخص للميل الواحد، ويدعي أهالي المنطقة أن أجدادهم عاشوا فيها منذ زمن بعيد، وأنهم كانوا دائما ينجحون في صد عدوان البدو ولكن في السنوات الأخيرة قسروا على دفع الخاوة التي تتألف من كميات كبيرة من الحبوب والماشية يدفعونها لقبائل البلاد، وهم يتحدثون عن معارك دامية - قبل توطيدا الأمن - التي طالما وقعت بينهم وبين البدو حيث شاهد آثار الرماح والسيوف على أجسامهم حتى أن كثيراً من أبناء القرى كانوا يضطرون للهجرة...... ومن القبائل التي كانت تعتدي على القرى التابعة لعجلون: السعيدي وبني صخر ولم تنته غزواتهم إلا بعد أن أرسلت الدولة العثمانية حملاتها لتوطيد الأمن في البلاد " (11).
- أما نورثي الذي مر بعجلون عام 1872م فتحدث عن سهول عجلون وقال إنها عديدة، وتربتها خصبة وتصلح للزراعة وتتخللها المرتفعات الجبلية المغطاة بالأشجار الحرجية.
- في حين قارن ميرل الذي زار المنطقة في آذار عام 1877م بين الوادي الأخضر (اليابس سابقا) مع وادي عجلون وقال "قضينا في وادي اليابس الذي يسميه البعض وادي الأخضر ولكن وادي عجلون أكثر جمالاً بسبب اتساعه وكثرة ينابيعه ومنظر الوادي عند عين جنة يجعله من أجمل الأودية في سوريا كلها وتوجد هنا ثلاث قرى مزدهرة هي عجلون وعنجرة وكفرنجة ، وتكثر الخرائب الأثرية في هذا الوادي مما يدل على أنه كانت حافل بالقرى أو المدن في العصور القديمة "(12)
3- الحياة الاجتماعيةفي عجلون :
أ- عدد السكان:
- أشار اوليفانت الذي زار المنطقة عام (1879م) إلى أن بلدة عجلون هي اكبر تجمع سكاني في شرق الأردن، ويبلغ عدد سكانها 500 نسمة ثلاثة أرباعهم من المسيحيين والربع الأخير من المسلمين(13) .
- أما الحصن فقدر سيلاه ميرل الذي مر في المنطقة عام 1877م عددها بـ 70 عائلة مسيحية تتبع الطائفة الأرثوذكسية (14).
- وأشار شومخر إلى توجه الكثير من أهالي عجلون المسيحيين للسكن في الحصن الذين يشكلون فيها جزءا مهما من سكانها، ونمت الحصن بوجودهم في حين استوطن عجلون العديد من العناصر الوافدة من شمال فلسطين والشام للعمل في الزراعة (15)، وقد أظهرت سجلات المحاكم الشرعية أسماء عشرات العائلات من العناصر الوافدة التي سكنت مناطق عجلون والسلط والكرك واربد وعمان وغيرها من مناطق شرق الأردن في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بحثا عن العمل والأمن والاستقرار(16).
- الرحالة القس الكس مالون في عام 1905م قدر عدد سكان عجلون ب 2500 نسمه معظمهم من الروم الأرثوذكس والباقي من المسلمين واللاتين (17) ،وازداد عدد سكانها في ثماني سنوات نحو ألف نسمة .
- في حين قدر بيدكر عدد سكان عجلون بـ 1200نسمة عام 1912م نصفهم مسيحيون (18).
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن الفترة التي يمر فيها الرحالة على المنطقة لها دور في تحديد عدد سكان البلدة أو المدينة ومن المعروف أن أهل شرق الأردن وخاصة الفلاحين منهم والمستقرين في القرى كانوا يسكنون في الشتاء في القرية ويغادروها صيفا إما من اجل حصاد الحقول وجمعها ودرسها، وإما لجني المحاصيل الزراعية من عنب وتين وزيتون وما إلى ذلك، فإذا مر الرحلة على البلدة صيفا قد لا يجد ما يزيد على نصف العدد الحقيقي من السكان، بينما لو مر في الشتاء قد تكون الأرقام أكثر دقة وهذا ربما يفسر اختلاف الأرقام في أعداد السكان بين رحالة وآخر، وفي نهاية العهد العثماني تضاعف عدد مسيحيي عجلون عما كانوا عليه عام 1905مثلما تضاعفت أعداد المسلمين (19).
ونلاحظ من خلال استعراض كتب الرحالة الاهتمام بالوجود المسيحي في المنطقة فكانوا يذكرون الكنائس التي يمروا فيها وأعداد السكان المسيحيين وطوائفهم وطقوسهم ،وهنا لا بد من التوضيح أن الوجود المسيحي في الأردن لم ينقطع في الفترات التي سبقت العهد العثماني، إلا أن المصادر المتوفرة لا تعطي معلومات كافية عن المسيحيين في منطقتنا خلال القرون الثلاثة الأولى من العهد العثماني ، ووردت أولى الإشارات في دفتر مفصل لواء عجلون(20) الذي يضم بالإضافة إلى عجلون كلا من السلط والكرك والعربان في القرن العاشر الهجري / السادس عشر الميلادي حيث يذكر أن مجموع الخانات(21) المسيحية (300) خانة منها عشر خانات في السلط، ومائة وإحدى وتسعون في عجلون ومائة وثلاث وأربعون في الكرك و إحدى عشرة في الشوبك (22)، ما يعني أن عجلون شكلت اكبر تجمع سكاني في شرق الأردن في هذه المرحلة
استقر المسيحيون في مناطق عجلون في كل من ايدون وشطنا وصخرا وعبين وعبلين والبارحة وحواره ومكيس (أم قيس ) وربض وعنجره وعين الجد العفيف ودايمه وعنبه ومنصوره ووادي سوف وعين جد القاضي وبقيع زمال وزوبيا وسيحان وعين جنه ودبين وجرش (23).
وفي القرن التاسع عشر الميلادي هناك إشارات واضحة لوجود المسيحيين في العديد من القرى والمدن الأردنية ذكرها القس كلاين الذي مر بالمنطقة عام 1868م اذكر منها : راجب وبرما والجزازه والنبي هود والكته ومقبلة وخربة الوهادنة وحلاوة واوصره وسوف وريمون وساكب وعين جنا وعنجره وكفرنجة ودبين(24)، بالإضافة إلى اربد وعجلون وعرجان وجديتا وصمد وايدون والنعيمة وشطنا والصريح وتبنه(25).
وقدر عدد مسيحي قضاء عجلون عام 1914م ب 4749بنسبة 6و7%من السكان وقدروا في نهاية العهد العثماني ب6000نسمة(26)غالبيتهم من الأرثوذكس واعتبرت شرق الأردن (السلط والكرك وعجلون والقرى التابعة لها ) إحدى الأبرشيات الملحقة بالكرسي ألبطريركي في القدس(27).
وقد أعجب اوليفانت بجمال الفتيات المسيحيات في عجلون وقال " انه لم يشاهد مثل جمالهن في جميع القرى والمدن التي زارها في فلسطين وسوريا ، وقد زاد من رشاقتهن إنهن كن ينقلن جرار الماء على رؤوسهن كما لاحظ أن النساء يستعملن الوشم على وجوههن"(28).
ب- العُرس في عجلون:
ووصف بيركهارت عرسا في إحدى القرى المسيحية في منطقة عجلون على النحو التالي: "أحضرت العروس من قريتها التي تبعد مسيرة يوم بين قريباتها وصاحباتها ومعها جملان مزينان بالشراريب والأجراس، واستقبلتها نساء قرية العريس بالزغاريد وقرع الدفوف الصغيرة ، وكان شباب القرية يطلقون النيران من الطبنجات والبنادق القديمة ، ثم انسحب العريس إلى عين تبعد عن القرية عشر دقائق حيث اغتسل ولبس ثيابا جديدة وعاد إلى القرية يمتطي جوادا عليه سرج مزركش ويحيط به شبان القرية ،وكان بينهم اثنان يقرعون الدفوف وبعضهم يطلق النيران إلى أن اوصل الموكب إلى بيت شيخ القرية ، فترجل العريس وحمله شخصان على سواعدهما مع الغناء وهتافات الفرح والابتهاج ثم اجلس العريس على مقعد عال إلى غروب الشمس بين دعابات الأصدقاء وطرائفهم".
ويتابع بيركهارت وصف العرس قائلاً:
" ثم حمل العريس إلى الكنيسة حيث اجري خوري الروم مراسيم الزواج ، وكان أبو العريس قد ذبح عددا من الخراف قدمت للغداء والعشاء، ثم حمل طبقان إلى مضافة الشيخ مملوءين باللحم والبرغل وخص الشيخ بطبق خاص ، وفي السهرة قدم الحاضرون البارات(جمع بارة وهي اصغر وحدات العملة التركية) نقوطاً للعريس، وكان الناطور(الذي يشرف على استلام النقوط) كلما تقدم احد الحاضرين بنقوطه يعلن ذلك المبلغ على رؤوس الإشهاد حامداً شاكراً، ولما انتهت السهرة انسحب العريسان إلى منزلهما" (29)وكانت هذه العادات منتشرة في مختلف مناطق شمال الأردن
ج- العلاقة بين المسيحيين والمسلمين في عجلون:
أكد الرحالة الذين زاروا القضاء على أن العلاقات الإسلامية المسيحية في قضاء عجلون كانت ودية (30) ويؤكد الرحالة اوليفانت انه لا يمكن التمييز بين المسلمين والمسيحيين لان ملبسهم ومظهرهم واحد ولا يوجد تعصب ديني بين الطرفين وان عاداتهم متشابهة(31).
أما القس كلاين فيقول أن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في عجلون كانت علاقة جيدة وليست تشاحنية ...(32) فيما قال اوليفانت " لا يمكن التمييز بين أصحاب الديانتين لان مظهرهم وملبسهم نفس الشيء ولا يوجد تعصب ديني بين الطرفين بل أن عاداتهم متشابهة" (33).
د- كرم الضيافة في عجلون:
وعن كرم الضيافة التي يتحلى به أهل عجلون يقول بيركهارت "إن الضيافة أهم مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية والتقاليد التليدة "ويقول أيضا" إن الضيف يقدم له ثلاث وجبات يوميا ...واهم أصناف البطيخ تألف من اللحم والكشك ، كما يقدم يوميا مد من الشعير لحصان الضيف ، ولا ينتظر المضيف شيئا من الضيف مهما بلغ فقره " ويورد حادثة أعطى فيها ولدا عدة قروش بعد أن أكرمته أمه إكراما شديدا على فقرها ولما غادر المكان علمت أم الولد بذلك فلحقته تلح وترجو أن يقف لتعيد له النقود لكنه أرسن جواده دون الالتفات إليها.(34)
ه- التعليم في عجلون:
أما فيما يتعلق في التعليم في عجلون فيشير الرحالة إلى لقاءاتهم مع بعض شبان القرى التي يمرون فيها ويعرفون القراءة والكتابة ولكن أعدادهم قليلة فقد أشار كلاين 1868م لدى مروره بعجلون إلى لقائه مع شاب يجيد القراءة ودرس في الكنيسة المقدسية (35)كما قال شومخر انه لا توجد مدارس في عجلون فيما عدا بلدة اربد ولكن في بعض القرى يوجد بعض المشايخ الذين يعملون على تعليم أولاد الشيخ وأقاربه (36) كما أشار ميرل إلى بعض الأشخاص الذين يستطيعون الكتابة في عين جنة (37) ووجدت إرسالية في الحصن عام 1885م وأخرى في عنجرة وبعدها عجلون وكفرنجة 1897و1898م (38) وحيثما توجد إرسالية وجد التعليم فالمدرسة والتعليم موازيان لوجود الكنيسة والمسجد ، لكن لا تسعفنا معلومات الرحالة عن الحالة التعليمية للبلاد في تلك الفترة .
- أما فيما يتعلق بأهالي منطقة عجلون وخاصة عين جنة فقد وصفهم ميرل بأنهم لطفاء مهذبون (39) وقال عنهم شومخر "وأهل القرى كرماء مضيافون وهم على العموم طوال القامات أشداء الأجسام" (40) ويضيف إن أهالي عجلون يقسمون الإيمان على العود ( عيدان الأشجار والنباتات ) ويعتبر هذا القسم عظيما عندهم لا يخلون به وهو بالنص التالي :- وحياة هالعود والرب المعبود وقصة سليمان ابن داوود لاخنت ولا امرت من خان .(41)
4- الحياة الاقتصاديةفي عجلون:
ا- خصوبة التربة:
وصف الرحالة الذين مروا في قضاء عجلون تربته بأنها خصبة كما وصفوا جمال سهوله وتلاله ووديانه فقد أشار لي سترانج إلى وجود العديد من أنواع الصخور في أراضي عجلون في حين تحدث عن تربة طباشيرية في منطقة سوف أما شومخر فقال إن تربة مناطق عجلون تميل إلى اللون الأبيض أو الأصفر بينما اعتبر بكنجهام أن تربة عجلون من نوع التيرا روزا، وهي افضل انواع التربة بحيث تصلح لاستغلالها في الزراعة وتحدد الملامح الاقتصادية والاجتماعية للسكان أما الصخور فهي إما كلسية أو بركانية وهي بنوعيها لا تصلح للعمارة (42) ويقول ميرل عن سهول اربد وتلال عجلون " كنا نسير في مناطق رائعة يسر منظرها القلب والعين وهي أجمل بكثير مما يمكن للسائح أن يشاهد في فلسطين الغربية فهناك غابات من شجر البلوط والعصافير كثيرة جدا والطريق عريضة وخالية من الحجارة بالإضافة إلى حقول القمح الخضراء ، والحقيقة أن هذه البلاد تشتمل على مواقع مختلفة كل الاختلاف مما يندر وجوده في العالم : الساحل ثم سلسلة الجبال ثم وادي الأردن العميق ثم تلال عجلون وسهل حوران " كم ذكر لي سترانج الذي زار المنطقة عام 1884م أنواع الأحراش التي تغطي جبال عجلون (43).
ب- الزراعة في عجلون:
وتحدث ميرل عن الأعراف الزراعية التي كانت سائدة ومن أبرزها المرابعة كما يلي : " من أشهر أنظمة الزراعة التي عرفت في المنطقة نظام المرابعة حيث يحصل الفلاح على ربع الناتج من الأرض وثلاثة أرباع للمالك على أن يوفر المالك البذار والحيوانات اللازمة للحراثة والحصاد والنقل ومؤونة الفلاح طوال الموسم الزراعي الذي يمتد من شهر تشرين الثاني إلى نهاية شهر تموز ويتعهد الفلاح بحراثة الأرض وزراعتها وتعشيبها وحمايتها وجني محاصيلها وقد وصف ميرل ذلك بقوله: إن المرابعي (الفلاح) كان يأخذ مبلغا من النقود حسب الحالة والبذار وزوج من الأحذية ويحصل على ربع المحصول أم المؤبنة فتتألف من شوالين قمح وشوالين ذرة وربعية بصل ونصف صاع أو ربعية من الزيت وربعية ملح" (44).
كما تحدث الرحالة عما يسمى بالدورة الزراعية حيث كانت الأرض تزرع عاما وتترك بورا العام الذي يليه (كراب) ، وحتى يضمن محصوله السنوي كان يقسم أرضه إلى قسمين يزرع القسم الأول العام الأول ويترك القسم الثاني بورا وفي العام التالي كان يزرع القسم الذي كان بورا ويبور القسم الذي زرع العام السابق وهكذا ....وكان بعض الفلاحين يستغلون الأرض سنويا عن طريق زراعة قسم بالمحصول الشتوي والقسم الآخر بالمحصول الصيفي والعام الذي يلي بالعكس ، وكانت الزراعة البعلية تعتمد على مياه الإمطار بينما تركزت الزراعة المروية قرب الينابيع وعلى ومجاري السيول والوديان والأنهار(45).
وكانت المياه تصل إلى المنطقة الممتدة بين وادي راجب ومصب نهر الزرقاء جميعها بواسطة القنوات وهي قنوات قديمة وما كان على الفلاحين ألا تنظيف هذه القنوات وإعادة استخدامها (46).
كما استغل الفلاحون ينابيع المياه في زراعة المحاصيل الصيفية وزراعة الأشجار المثمرة والزيتون والعنب كالينابيع التي شكلت مجرى مياه وادي الشلالة ووادي عجلون الممتد من قرية عين جنة وحتى قلعة الربض(47).
أما المحاصيل الزراعية فقد أشار الرحالة، إلى أنواع عديدة من هذه المحاصيل نذكر منها الحبوب والخضار والأشجار المثمرة وتشمل الحبوب محاصيل القمح والشعير والعدس والحمص والفول والذرة البيضاء والصفراء والسمسم والكرسنة والدخن، أما الخضار فشملت البندورة والخيار والكوسا والفقوس والقرع والبطيخ والشمام والبطاطا والبصل وكانت تزرع بعلا أو مروية أما الأشجار المثمرة فاهمها شجرة الزيتون التي يعتمد أهالي عجلون عليها لإنتاج الزيت والزيتون(48) كما تشتهر عجلون بالزيتون الموجود على أراضيها منذ عهد الرومان ويطلق عليه اسم الزيتون الرومي وانتشرت زراعته بشكل خاص في مدينة عجلون وعين جنة وكفرنجة وعنجرة وكفرابيل وكفرعوان وكفر راكب وعرجان (49).
وبالإضافة إلى شجرة الزيتون اشتهرت عجلون وقراها بزراعة العنب والتين والرمان والتفاح والأجاص والمشمش والخوخ والبرتقال والليمون واللوز البري والجوز والفستق والتوت والصبر ووصف الرحالة هذه البساتين الممتدة من نهر اليرموك شمالا إلى نهر الزرقاء جنوبا بأنها أجمل ما شاهدوه في سوريا وفلسطين ومنها ما هو مروي ومنها ما يزرع بعلا كما اشتهروا بتربية النحل (50).
وانتشرت زراعة التبغ بنوعية الأحمر والهيشي في أم قيس و بشكل محدود وفي بعض الحواكير كما انتشرت زراعة الخضروات في عين الصحن في منطقة السرو والخضار في أم العلا ويقوم بزراعتها وافدون من نابلس وباقي مدن فلسطين (51).
وادخل الشراكسة أساليب جديدة في زراعة الأشجار المثمرة وخصوصا في جرش التي سكنوها عام 1884م كما ادخلوا مزروعات كالتوت الأرضي(52).
يوجد دلائل كثيرة على أن منطقة عجلون كانت مأهولة بعدد كبير من السكان قديما وإذا كانت المنطقة اقل قابلية للزراعة من حوران فهي تمتاز عنها بكثرة ما ينمو فيها من غابات شجر البلوط فمن أم قيس شرقا باتجاه حوران ومن شفا وادي العرب وعلى امتداد وادي الغفر جنوبا إلى سوم وتبنة ومن هناك غربا حتى الغور ترى المنطقة مغطاة بالغابات الكثيفة من أشجار الملول ( وهي نوع من أشجار البلوط يعتقد الأهلون بقداستها )والسنديان والبلوط ، وقد ساعدت قلة عدد السكان وقلة أعداد المواشي على الاحتفاظ بهذه الثروة الطبيعية ،كما تكثر أشجار اللوز البري والعبهر والخروب والبطم والزيتون الروماني الذي كان متوفرا بكثرة نظرا لما شاهده شومخر من معاصر الزيت القديمة المنتشرة في جبل عجلون ، أما الكرمة فتظهر بقايا الأسيجة أنها كانت منتشرة بشكل كبير في منطقة عجلون إلا أنها اقتصرت في الوقت الحالي (1886)على زراعتها إمام البيوت .(53)
ووصف الرحالة ميرل العنب الذي ينتج في جبل عجلون ومناطق السلط بأنه "من أجود أنواع العنب أشهاها وألذها طعما...والحق يقال إنني لم أذق في أوروبا ولا في أمريكا عنبا احلي مذاقا وأطيب نكهة من عنب هذه البلاد، ولم أر عناقيد في تينك القارتين بمثل حجم عناقيد العنب التي رائيتها في المناطق الواقعة إلى الشرق من فلسطين" (54).
ويقول أيضا انه رأى في وادي عجلون بستانا تكثر فيه أنواع الأشجار المثمرة : التين والزيتون والخوخ والسفرجل والمشمش والليمون والتفاح والرمان وانه شاهد اثنتي عشرة طاحونة في الوادي (55) أما شومخر فيقول أنه شاهد في مناطق عجلون أبارا وبركا تحفظ فيها مياه الشتاء والتي ورثها السكان المحليون عن السكان القدماء الذين سكنوا البلاد في العصور السابقة ويستدل من البرك العديدة القديمة والقناة التي حفرت في الصخر لكي تجري فيها المياه من مسافة بعيدة إلى أم قيس على أن هذه المنطقة كانت فقيرة في الينابيع منذ القدم كون أرضها صخرية ذات شقوق لا تختزن الماء في جوفها مدة طويلة بحيث تجري منها ينابيع طوال أشهر الصيف(56).
وقد شاهد ميرل أسراب الجراد في الأغوار قرب مصب نهر الزرقاء أما الحيوانات فأشار الرحالة إلى استخدام حيوانات الركوب كالحصان والبغل والحمار عدا عن حيوانات اللحوم كالماعز والأغنام والأبقار. ومن الطيور الدجاج والبط والحمام ومن الحيوانات البرية الدببة والخنازير والغزلان ومن الطيور البرية الحمام والحجل وتربية النحل وبالذات في قرية حلاوة(57).
ج- الصناعة في عجلون:
أما عن الصنائع والحرف فقد تحدث الرحالة عن بعض هذه الصنائع والحرف التي كانت سائدة في المنطقة ومنها الحدادة والبيطرة وقد أشار القس كلاين عام 1868م إلى وجود شخصين من الناصرة يعملان حدادين في قرية عرجان كما شاهد حدادين من حلب في كفرنجة وهم من المسيحيين وكانوا يتقاضون حبوبا لقاء الحدادة وعمل المحاريث
وأشار ميرل إلى حداد في بلدة عجلون(58).
كما وجدت صناعة البسط والحصر والحبال والصناعات الصوفية حيث كانت مقتصرة على النساء واشتهرت به قرية حاتم(59) ومن الصناعات الأخرى طحن الحبوب حيث كانت المطاحن تدار بالماء في وديان العرب واليابس والزرقاء وشاهد شومخر ارب طواحين على وادي العرب يعتمد عليها أهالي عجلون في طحن حبوبهم ومعاصر الزيتون على الطريقة القديمة باستخدام حجارة البد التي تدار بواسطة الحيوانات هذا عدا عن الصناعات الغذائية كالألبان والسمن والجميد والجبن والمربى والبرغل والفريكة والجريشة وتجفيف الفاكهة وتجفيف العنب والتين ( الزبيب والقطين) وتصنيع النبيذ(60) وعرف أهالي عجلون المشهورة بأحراشها بالتحطيب ومهنة صناعة الفحم حيث كان ينقل ويباع إلى دمشق والمدن السورية الأخرى واشتهرت تجارة القلي المستخرج من رماد نبات الدردار الموجود في مناطق جنوب وشرق الأردن وينقل إلى نابلس لاستخدامه في صناعة الصابون وان بني عبيد كانوا يجمعونه في أكياس ويرسل إلى نابلس وكانت قبيلة بني حسن تتاجر في هذه المادة أيضا وكان التجار يأتون إلى قضاء عجلون من لبنان وفلسطين لشراء الحبوب (61).
وأورد بيركهارت قائمة ببعض أسعار المواد التي تعطي دلالات واضحة على مستوى المعيشة لأهل المنطقة في تلك الفترة عام 1812م على النحو التالي :
سعر غرارة القمح 50 قرشا فإذا فرضنا أن الغرارة تساوي 100كيلو غرام فيكون سعر كيلو القمح ب5 فلسات ويذكر أن ثمن الشعير نصف ثمن القمح وأن سعر البقرة 70 قرشا والبعير 150 قرشا ومهر العروس مابين 700الى 800 وقد يرتفع إلى 1500 قرش وتعطى للفلاحين على الثلث وكثيرا ما يعجز المالك عن دفع أجرة الفلاح فيزوجه ابنته.
وتعرض الفلاحون لتجاوزات رجال الأمن الذين كانوا يرهقون الفلاحين بطلب أكل لحوم الخراف والدجاج عند زياراتهم المتكررة للفلاحين في القرى التي تستمر أياما وربما أسابيع لجمع الضرائب، وعند رحيلهم كثيرا ما تمتد أيديهم إلى اخذ محتويات من البيت على مرأى من صاحب البيت وأهله وكثيرا ما كان الفلاح يضطر إلى مغادرة قريته إلى قرية أخرى أملا في أن يجد في شيخها الرحمة والنزاهة ، لذا قل أن يموت الفلاح في القرية التي ولد فيها، وكثيرا ما كان الفلاح يهجر بيت الحجر إلى بيت الوبر فيعيش حياة البادية متمتعا بحريته وبعيدا عن ظلم الدولة وهذا ما اضعف الإقبال على الزراعة (62).
ووصف اوليفانت وضع رجال الدرك وجباة الضرائب وتعاملهم مع اهالي المنطقة بقوله "أنهم يسرقون القرى التي يحرسونها لان رواتبهم قليلة جدا ولا يمكنهم الاعتماد عليها وأنهم عندما يدخلون القرى يصاب الأهالي بالذعر والخوف فيهرب الأطفال وتختبئ النساء عند دخولهم قرية من القرى بينما يلجأ الرجال يصانعونهم ويتملقونهم ويقدمون لهم الطعام والمبيت طيلة مدة إقامتهم ويقدمون الأعلاف لخيولهم " ويا ويل شيخ القرية إذا لاحظ الجنود شيئا من التقصير "وعن معاناة الفلاحين من الملتزمين يقول "إن الفلاحين يعانون أكثر ما يعانون من الملتزمين ورجال الضابطة ، أما الملتزمون فيستغلون الفلاحين والحكومة معا " ووصف قوات الأمن أو الضابطة بأنهم كانوا يلبسون الكوفية والعباءة ويحملون مسدسا وخنجرا وبندقية صغيرة ولاحظ إن غالبيتهم من الأكراد (63).
ويقول ميرل انه "شاهد في الحصن كوكبة من الجنود تتألف من ضابطين وثلاثين جنديا خيالا كانوا عائدين من سوف ذلك أن شيخ تلك القرية حاول إن يرفض دفع الضرائب الباهظة التي فرضتها الدولة مؤخرا بسبب الحرب ، ولكنه لم يلبث أن أذعن بعد أن استيقن أن أهل قريته لا قبل لهم بمقاومة هذه القوة العسكرية " (64).
وأشار شومخر انه شاهد سنة 1887م أربعين دركيا مسلحا في قصبة اربد ومعهم عدد من الضباط الذين يقومون بملاحقة الأهالي الرافضين لدفع الضرائب (65).
د- أنواع الضرائب في عجلين:
أما الضرائب التي كان يدفعها المواطن فيمكن تصنيفها على النحو التالي:
أولا:- الميري حيث يدفع الفلاح كيسين من القمح عن كل خمسة أفدنة ( والفدان ما يحرثه ثوران في موسم الحراثة وقد تصل إلى مائة دونم) وقيمة الميري مسجلة في سجل الباشا وعلى القرية أن تدفع المقرر عليها سواء بقي سكانها فيها أم هاجر بعضهم فعلى الباقين أن يدفعوا المطلوب ويدفع الفلاح نقدا أو عينا حسب رغبة الباشا لذلك لم يكن الفلاح يعرف مقدار الضريبة المفروضة عليه ويمكن أن تزاد ولكن لا يمكن أن تنقص حتى لو نقص السكان .
ثانيا :- الخاوة ويدفعها الفلاح للعربان مقابل امتناع الأعراب عن الاعتداء على محاصيل القرى ومواشيها .
ثالثا:- ضريبة الطوارئ وتظهر هذه الضريبة عندما يكون الباشا جشعا فيرسل أمره إلى حكام المناطق وهؤلاء يطلبون من مشايخ القرى تنفيذ رغبة الباشا في جمع هذه الضريبة وتقسم بين الثلاثة وهي ضريبة تعصر الفلاح عصرا يضطر حتى يوفرها لبيع ذهب امرأته أو ماشيته (66) والحقيقة أن نظام الالتزام لجمع الضرائب يفتح الباب على مصراعيه للفساد خلال مراحل العملية كلها حتى يصل إلى الوالي نفسه إذا كان ممن يبسطون أيديهم للرشوة وأما رجال الضابطة فهم الحلفاء الطبيعيون للملتزمين إذا ما خطر للفلاح أن يمتنع عن أداء ما يطلبونه منه كما أن الملتزمين يقاومون إي محاولة لإصلاح الإدارة لان ذلك يحد من مكاسبهم وابتزازهم لأموال الفلاحين حيث يقوم نظام الالتزام على بيع قيمة المحصول بالمزاد العلني ولذلك كانت مطالب الأهلين التخلص من الملتزمين والضابطة .
ويقول اوليفانت أن مقاطعة عجلون كانت تدفع مبلغ 7 ألاف ليرة كضرائب ويدفع البدو جانبا كبيرا من هذا المبلغ ويقول في هذه المقاطعة 75 قرية ولكن خمس عشرة منها هجرها سكانها ولا يقيم فيها احد ومن المؤكد أن سكان القرى الستين المتبقية لا يزيد عن عشرين إلف نسمة(67) .
وقد شهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر بداية حركة التنظيمات العثمانية
تثبيت السلطة في مناطق شرق الأردن وخاصة في البلقاء وعجلون حيث تم تعيين قائمقام في كل من اربد والسلط ولاحظ كلاين الذي زار المنطقة في تلك الفترة أن الناس كانوا يدفعون الضرائب سواء أكانوا بدوا أم حضرا في تلك المناطق.(68)
هوامش البحث ومراجعه:
(1) قام الرحالة السويسري بيركهارت برحلته في سوريا الجنوبية
Burkhardt,Travels in Syria and the Holy land,London 1822.
وقد ترجم كتاب بيركهارت إلى اللغة العربية وحمل عنوان رحلات في سوريا الجنوبية ترجمة أنور عرفات ، دائرة الثقافة والفنون ، عمان الطبعة الأولى عام 1969م .
ومن الرحالة الذين مروا على عجلون الرحالة الانجليزي تريسترام الذي زار المنطقة عام 1863-1864م وكتب كتابه بعنوان أسفار في فلسطين والأردن وطبع في لندن عام 1866
، كما زار المنطقة القس الانجليزي فردريك كلاين
ونشر رحلته يوجين روجان في كتابه (Klein)
Rogan, Al Salt , Jabal Ajlun and the advent of Direct Ottoman Rule, 1286-1868, Vol "X" 1988/1409
وفي عام 1876-1877 نشر القس الأمريكي سيلاه ميرل كتابه الذي يتضمن تفاصيل رحلته للمنطقة في لندن عام 1881م وهو بعنوان إلى الشرق من الأردن .
Selah Merrill,The East Of Jordan 1881
وتلاه القس الانجليزي لورانس اوليفانت الذي قام برحلته عام 1879م وحملت عنوان ارض جلعاد مع نزهات في جبل لبنان
Laurance Oliphant, The land of Gilead With Excursions in the Lebanon, London ,1880
أما الرحالة الألماني شومخر فقد زار المنطقة عام 1884م وعام 1886م وترجم كتابه إلى اللغة الانجليزية ويحمل عنوان ابليا وبيلا ....شمالي عجلون
Abilla, Pella and Northern Ajlun Within the Decapolis,London 1890.
وقد ترجم سليمان الموسى مجموعة من إعمال الرحالة في كتابه في ربوع الأردن خلال الفترة من عام 1875-1905 ، الطبعة الأولى شباط عام 1974م وشملت مشاهدات الرحالة سيلاه ميرل عام 1875م و كلود كوندر الانجليزي الذي زار المنطقة عام 1881-1882م وكتب كتابه مؤاب وبلاد الحثيين واوليفانت صاحب كتاب ارض جلعاد الذي زار المنطقة عام 1879م
وجوتليب شومخر الألماني صاحب كتاب شمالي عجلون ،وجراي هل الانجليزي صاحب كتاب مع البدو 1888-1890م وروبنسون ليس صاحب كتاب الحياة وراء الأردن عام 1890 م وجودري فرير الانجليزي الذي زار المنطقة عام 1903م .
(2) رحلات بيركهارت في سوريا الجنوبية ، الجزء الثاني ،ترجمة أنور عرفات ، الطبعة الأولى عام 1969م ، عمان ، ص14 يشار إليه فيما بعد بيركهارت .
-Shumacher.G."Northern Ajlun Within the Decapolis" Palestine يشار إليه فيما بعد: exploration fund, London,1890p15
(3)
Oliphant, Lawrence(1879/1297) the land of Gilead, London "no date"p173
سيُشار إليه في حال وروده مرّة أخرى هكذا: the land of Gilead Oliphant,
- Goodrich Freer, In a Syrian saddle (1903-1321) London 1905/1323…p109
سيُشار إليه في حال وروده مرّة أخرى هكذا: Freer, Arabs in A Syrian Saddle.
- Libbey.W.&Hoskins.F"The JordanValley and Petra"Vol.1.London.1905 . p.290
Hill, Gray, With the Bedwins, London ,p259-260
Oliphant the land of Gilead,p117-118,176 (4)
H-B- Tristram (1865-1282/1873-1290) the land of Mo,ab London, 1873/1290,p472-475
سيُشار إليه في حال وروده مرّة أخرى هكذا: Tristram, The land of Moab
Rogan, Al Salt , Jabal Ajlun and the advent of Direct Ottoman Rule, 1286-1868, Vol "X" 1988/1409 PP.31-37
(5) بيركهارت ص31
(6) بيركهارت ص31-32
(7)بيركهارت ص-32-42 .
Less.R" Life and adventure Beyond Jordan" charles H.Kelly.London,pp.117- (8)
118-119
وانظرروبنسون ليس،الحياة وراء الأردن ،1890 م ص231 .يشار إليه فيما بعد ليس
(9) وليم ليبي وفرانكلين هوسكنز ، وادي الأردن والبتراء ،ترجمة احمد عويدي العبادي ، الطبعة الأولى سنة 2005م ص85 يشار إليه فيما بعد ليبي وانظر شومخر، شمالي عجلون – ، مترجم ومنشور في كتاب سليمان الموسى ، في ربوع الأردن عمان ،1974م ص 165-168، يشار إليه فيما بعد شومخر
(10) جراي هيل ص- 191
(11)شومخر، شمالي عجلون – ، مترجم ومنشور في كتاب سليمان الموسى ، في ربوع الأردن عمان ،1974م ص 166-167، يشار إليه فيما بعد شومخر
Northey,A,E,Expedition To The East of Jordan,London1872,p68-71(12)
وانظر سيلاه ميرل ، الى الشرق من الاردن مترجم ومنشور في كتاب سليمان الموسى،في ربوع الاردن عمان ،1974م ص73-74
the land of Gilead,p166 Oliphant, (13)
Merrill (1270-1875), East of the Jordan London (1887 / 1299) p356 (14)
سيُشار إليه في حال وروده مرّة أخرى هكذا: Merrill, East of the Jordan
Shumacher.G."northern Ajlun Within the Decapolis" Palestine(15) اليه يشاراليه فيما بعد: exploration fund, London,1890p28,26,37.38
(16) هند أبو الشعر ، اربد وجوارها ،ص98، نزفان الحمود السوارية ، عمان وجوارها ، عمان الطبعة الاولى ،1996م ص176وجورج فريد طريف داود ، السلط وجوارها ، عمان الطبعة الأولى 1994م ،ص248
(17) الكيس مالون ، رحلة إلى نهر الأردن والمدن اليونانية العشر ، مجلة الشرق ، م8 ، ج11، ص524، انظر عليان الجالودي ،قضاء عجلون 1864-1918م عمان 1994م ص154يشار إليه فيما بعد: الجالودي
Baedeker, Karl, Palestine and Syria, Leipzig, 1331/1912. ,p160 (18)
(19) الجالودي ص155
(20) محمد عدنان البخيت ونوفان الحمود ، دفتر مفصل لواء عجلون (970) منشورات الجامعة الأردنية ، 1990م ، ص 101 0 وسيشار إليه فيما بعد البخيت والحمود ، دفتر مفصل لواء عجلون.
(21) الخانة هي الأسرة وهي وحدة تعداد السكان في الدولة العثمانية ، ويقدر الباحثون عددها ما بين 5-6 انظر : Kamal Abdul-Fattah, Historical Geography of Palestine , Trans Jordan and Southern Syria in the late 15th century 1975, P36 وانظر أيضا : هند أبو الشعر ، تاريخ شرق الأردن في العهد العثماني 1516م – 1918م، عمان ، 2001 ، ص 48 0
(22) البخيت ، والحمود ، دفتر مفصل لواء عجلون ، ص 101
(23) البخيت والحمود ، دفتر مفصل لواء عجلون (970) ، ص 14 0
(24) البخيت والحمود ، دفتر مفصل لواء عجلون (970) ، ص 14 0
(24) Rogan, PP.31-37
(25) خليل رفعت الحوراني ، المقتبس ، عدد 518 ، ت (7/11/1910م) ص 1 – 2
(26) الجالودي ص155
(27) شحادة خوري و نيقولا خوري ، خلاصة تاريخ كنيسة أورشليم الأرثوذكسية ، القدس ، الطبعة الأولى عام 1925 م ص122 وما بعدها. يشار إليه فيما بعد هكذا : شحادة ونيقولا خوري
(28) لورنس اوليفانت ، ارض جلعاد –مترجم في كتاب سليمان الموسى ، في ربوع الأردن من مشاهدات الرحالة 1875-1905معمان 1974م ، ص-138- 139"
(29).بيركهارت ص44-45
Oliphantthe land of Gilead, p -105-106
Rogan, PP.34-35 Shumacher,P27 (30)
Oliphant the land of Gilead,"p 112 (31)
Oliphant the land of Gilead,"p 112 (32)
Oliphant the land of Gilead,"p 112 (33)
(34) بيركهارت ص30
Rogan, P35(35)
(36)شومخر ص167-168
(37) ميرل ص72
(38) حنا كلداني ، المسيحية المعصرة في الأردن وفلسطين ،عمان ،1993م ص 257
(39)ميرل ص59
(40) شومخر ،ص167
(41) ن.م.ص168.
Buckingham,J.S,Travels in PalestineThrough The Countries of Bashan and (42)
GILEAD, Eeast, of the river Jordan, v2, London, 1822.p247-248
George Adam Smith ,The Historical Geography of the Holy Land,p342,London 1906.
G. Le Strange, A ride through Ajlon and Balqa the autuman of
1884,p290
Shumacher,p152-153
ميرل ص59-60-61وللمزيد انظر ، هند أبو الشعر اربد وجوارها 1850-1928م
عمان 1995م ص31
(43)ميرل ص59-60
Le Strange,p299 وانظر
(44)ميرل ص476-477 الجالودي ص327.
(45)ميرل ص179-180.
Merrill, East of the Jordan,p382 (46)
. Merrill, East of the Jordan,p372-374
(48)
Oliphant the land of Gilead,"p 149 Merrill, East of the Jordan, p372-374,179,182,192,193 Shumacher, P50, 1 83
Libbey, W. and Franklin, E.H. The JordanValley and Petra, 2 vol, New York, London 1323 – 1905. Vol1,p181-185
Rogan, P35 -36 Merrill, East of the Jordan,p356 Shumacher.,p49-50 (49)
Oliphant the land of Gilead,"p 131-138 Merrill, East of the Jordan, p372-(50)
374,179,182,192,193 Shumacher,P50,1 83 Smith.p337
Le Strange, p282-283
Shumacher,p50 (51)
(52) فرير ص125
(53) شومخر ص-166-182-165
(54) ميرل ص19-20
(55) ميرل ص74
(56)شومخر ص165
Oliphant the land of Gilead,"p 194, p576-Shumacher, P41, 194 (57)
Rogan, P35 Merrill, East of the Jordan , 74 (58)
Oliphant the land of Gilead,"p 131-132Merrill, East of the Jordan,p174- (59)
Shumacher,p98
Shumacher,p110Le Strange,p289(60)
Oliphantthe land of Gilead,"p 194
Rogan, P35 Less.p80 (61)
(62) بيركهارت ص44
Oliphant, the land of Gilead,p120-126(63)
Oliphantthe land of Gilead,"p 104-105Merrill, East of the Jordan,p375(64)
Shumacher,p15(65)
(66) بيركهارت ص45-46
Oliphant, the land of Gilead, 104-106 (67)
Rogan, P39 (68)