دراسة بحثية حول تراث البحر وما يرتبط به من عادات ومعارف وطقوس/مديرية ثقافة العقبة

                                                

وزارة الثقافــة

مشروع

دراسة بحثية حول تراث البحر وما يرتبط به من عادات ومعارف وطقوس

( مدن الثقافة الأردنية (لواء القويرة) لعام 2021م)

فرقة العقبة البحرية للفنون الشعبية

إعــــــداد

عبدالله كرم منزلاوي

2021م

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

دراسة بحثية حول تراث البحر وما يرتبط به من عادات ومعارف وطقوس

جوانب من تراث العقبة البحري

عبد الواحد أيقونة التراث العقباوي

المقدمة:

التراث الشعبي تراث فريد ومميز ومتنوع فهو ينفرد على المستوى الوطني بالتراث البحري كون العقبة المنفذ البحري الوحيد للأردن على البحار المفتوحة.

والتراث البحري في العقبة تراث غني وثري ومتنوع لذلك سنتناول في هذا البحث بعض جوانب التراث البحري في العقبة، وسنركز على تعريف التراث وبيان ميزاته ثم سنتناول في الفصل الثاني بعض مفردات التراث البحري في العقبة مثل رحلة الصيد وأدوات الصيد وطرقه، وكذلك السفن التراثية، والأكلات الشعبية والأغاني البحرية وبعض المعتقدات الشعبية البحرية والأسماء التراثية للشواطئ، كما سنتناول في الفصل الثالث نموذجا لحملة التراث العقباوي وهو السيد عبد الواحد أبو عبدالله والذي يعتبر أيقونة التراث الشعبي في العقبة.

 

 

الفصل الأول

التراث البحري في العقبة

أثر البحر في تراث العقبة الشعبي:

العقبة منطقة ساحلية شاطئية وميناء تاريخي قديم ومركز حضري رئيسي في المنطقة، هذا كله انعكس على تراثها وحياة سكانها وثقافتهم فتلون تراث العقبة بتراث الساحل واحتل التراث البحري مساحة واسعة من الحياة الشعبية في العقبة فدخلت المفردات التراثية البحرية كل جوانب حياة السكان ومعيشتهم.

وقد فرض البحر نفسه على سكان المدينة فطبعهم بطابعه الخاص ولونهم بلونه الجميل وسحرهم بسحره الأخاذ، لقد علمهم البحر الكرم والجود والعطاء وعلمهم البحر الصبر والحلم والأناة وعلمهم البحر الحب والأمل والتوكل والدعاء، إنها أخلاق البحر وطباعه غرسها في نفوس أهالي العقبة وصياديها.

وقد رسم البحر علاقته معهم منذ مئات السنين فتارة يرضى عنهم فيهدأ وينقاد لهم ويجود عليهم بخيره وعطائه ويحدثهم بأحزانه وشجونه ويحملهم بكل شوق على ظهره فتراهم فرحين مسرورين يغنون للبحر ويرقصون للنسيم ويتغزلون بالسمك والمرجان.

وتارة يغضب فيهيج ويثور ويشدد عليهم فيمزق أشرعتهم ويشتت سفنهم وقواربهم ولكنه سرعان ما يهدأ فيعتذر إليهم ويحتضنهم ويحنوا عليهم فتعلموا كيف يطوعونه وتعلموا كيف يلاطفونه وكيف يسترضونه ويستخرجون كنوزه وعطاياه إنه البحر الكبير صديق الصياد وأنيسه في الحل والترحال، يحدثني الريس رضوان محمد صالح رحمه الله فيقول: إنني آمن في البحر أكثر مما آمن في البر.

 

لقد فرض البحر نفسه على حياة العقبة وإنسانها، فالصيد مثلا كان المهنة الرئيسية في العقبة ويعمل بها العديد من أبناء العقبة فكل عقباوي هو صياد سواء ملك قاربا أو لم يملك، والصياد الذي يمتهن مهنة الصيد يقضي معظم وقته في عرض البحر، فرحلة الصيد التي تسمى (القنصة) أو (السرحة) وتستغرق نحو أسبوعين يقضيها الصياد في عرض البحر وقد لا ينزل خلالها إلى الشاطئ إلا قليلا حتى يعود إلى المدينة فإذا عاد استراح في المدينة مدة أسبوع واحد فقط ويعاود بعدها الصيد وهكذا، لذلك نجد من الطبيعي أن يكون البحر ومفرداته السمة الأبرز في تراث الصياد خصوصا وأهالي العقبة عموما.

ومن تأثير البحر على حياة أهالي العقبة نجد مثلا أن قصص أهالي العقبة وأساطيرهم الشعبية تتركز على قصص البحر وأهواله وأسماكه وعواصفه وغرائبه كقصة عروس البحر وسمك القرش والغرق والإنقاذ وغيرها.

 كما تظهر المصطلحات والمفردات البحرية جلية في المعتقدات الشعبية لأهالي العقبة فنرى مثلا من يعلق على باب داره أو داخله نجمة البحر لدرء الحسد أو تعليق سمكة صغيرة على باب غرفة المرأة المخبولة لعلاجها أو تعليق قطعة مرجان على صدر المرضعة عند الفطام لتجفيف الضرع حسب اعتقاده.

   أما تأثير البحر في الأغاني والرقصات الشعبية في العقبة فقد برز بوضوح في الآلات الموسيقية فالسمسمية هي الآلة الموسيقية الرئيسية في العقبة وهي من آلات السواحل الشهيرة، وكذلك المرواس وهو الطبل ذو الوجهين والطار.

 أما الأغاني التراثية البحرية فقد انتشرت في العقبة بكثرة وأخذت حيزا كبيرا في الفولكلور المحلي، فالكثير من أغاني أهالي العقبة البحرية تصف الصيد والبحر وأهواله وتتغنى بالأسماك والمرجان والشاطئ.

ولا يقتصر تأثير البحر على أغاني البحر بل كان الصياد يغني مواويله أثناء الصيد على ظهر قاربه في عرض البحر، فبعض الصيادين العازفين كان يصطحب سمسميته معه لتؤنسه في رحلة صيده، فإذا ما فرغ من صيده اجتمع في المساء مع أقرانه على الشاطئ فعزف على سمسميته وغنى مواويل البحر فيقول:

يا ريس البحر مال الشراع مايـل           هي قوة ريح ولا الشراع مايل

رد عليّ ودمعه على الخدين سايل          قلي لا قوة ريح ولا الشراع مايل

                أنا استاهل الغرق لأني مشيت في طريق مايل

لقد انعكس البحر على كل جوانب إنسان العقبة ومن هذه الجوانب جانب الأكلات الشعبية فكان الطعام الرئيسي للعقباوي هو السمك بكل أنواعه وكان يتفنن في طبخه وتحضيره وكان الصياد أمهر من زوجته في طبخ السمك لأنه كان هو من يحضره ويطبخه أثناء رحلة الصيد.

ومن أشهر الأكلات البحرية الشعبية في العقبة هي الصيادية والطرطور والكشنة والسمك المشوي والمقلي والمسلوق والسمك المملح الفسيخ.

أما تأثير البحر في اللباس الشعبي فيظهر جليا في لباس الصيادين أو لباس البحر، من وزرة وسراوايل وسديري ومنديل وغيرها، أما لباس النساء فقد تأثر بالبحر أيضا حيث تم تطريز العديد من الملابس وتزيينها بالصدف والودع وبخاصة العصبة والثوب والقبقاب.

لقد شكل البحر العمود الرئيسي لاقتصاد المدينة حيث عمل الكثير من أهالي العقبة كصيادين وشكل البحر مصدر رزقهم الرئيسي فكان انتاجهم من السمك يكفي المدينة ويتم تصدير الفائض إلى المناطق المجاورة.

ومن انعكاسات البحر على حياة سكان العقبة أن أدخل عليهم صناعات جديدة مثل صناعة الملح وصناعة السفن وقوارب الصيد وصيانتها وصناعة أدوات الصيد ومستلزماته وأدوات نقل وتخزين وبيع السمك حتى وصل الأمر إلى افتتاح مصنع للثلج في العقبة وتأسيس شركة كبرى لتصدير الأسماك واستيراد قوارب صيد كبيرة وحديثة كل ذلك أثر في تراث أهالي العقبة البحري لقد لون البحر تراث المدينة باللون الأزرق ولون المرجان والأسماك.

كما أوجد الميناء ثقافة النقل البحري وما يتعلق به فعمل العديد من أهالي العقبة في النقل البحري والتجارة البحرية واقتنوا القوارب السفن التجارية وتجولوا ببضائعهم ورسوا بسفنهم في موانئ المنطقة ووصلوا حتى موانئ اليمن وإفريقيا وغيرها.

ولم يقتصر أثر الميناء على عمل أهالي العقبة في النقل البحري، بل جلب لهم العديد من أهالي المناطق المجاورة جالبين معهم ثقافتهم وتراثهم مما كان له أكبر الأثر على العقبة وتراثها.

لقد علم البحر أهالي العقبة مهارات وفنون كثيرة منها فنون الصيد ومهاراته وكذلك فنون الإبحار وقيادة السفن والقوارب إضافة إلى فنون الرصد الجوي وتوقع حالة الطقس ومعرفة مواسم الرياح والأمطار والمد والجزر وعلاقة ذلك بمواسم الصيد وأماكنها وأنواع الأسماك وهجراتها وتكاثرها.

ومن تأثير البحر على تراث العقبة كان في جانب الفنون اليدوية مثل استخدام المرجان والودع والصدف في الحلي والزينة وصناعة الأدوية والمواد المختلفة.

وهكذا نجد أن التراث الرئيسي للعقبة هو التراث البحري الذي نجده ظاهرا في كل جوانب حياة أهالي العقبة، لكن خصوصية هذا التراث جعلته يتناسق مع باقي الجوانب التراثية ليبدوا تراثا متناسقا متنوعا جميلا.

مميزات مدينة العقبة وخصوصيتها

    تميزت مدينة العقبة بتراثها الأخاذ في كافة جوانبه، وقد استقى تراثها هذا التميز من تميز المدينة نفسها، فمدينة العقبة تفردت بالعديد من الملامح والمميزات والتي منها:

أولا : حداثة المدينة وإرثها التاريخي:

 فالعقبة مدينة حديثة تتطور بشكل كبير ومتسارع وقد نشأت على أنقاض مدينة أيلة التاريخية وولدت بميلاد قلعتها التي بناها المماليك في مطلع القرن السادس عشر الميلادي، وقد تشكل هذا التراث في تلك الفترة وبدأ بالتميز والتفرد والتطور حتى وصل إلى ما نراه اليوم.

 

مدينة العقبة الحديثة

إلا أن عمق المدينة التاريخي كان له أثر في تشكيل تراثها وتحديد ملامحه حيث يعتبر العديد من جوانب التراث الشعبي هو امتداد لعمقها التاريخي العريق.

 

قلعة العقبة التاريخية

ثانيا : طبيعة العقبة الجغرافية :

   فالعقبة مدينة ساحلية على شاطئ خليج العقبة الطرف الثاني للبحر الأحمر وهو منفذها إلى بحار العالم وموانئه، كما أنها تقع على أطراف الصحراء، بل هي ملتقى العديد من الصحاري في المنطقة مثل صحراء سيناء وصحراء شمال الجزيرة العربية وصحراء الشام ووادي عربة، كما أنها مدينة حدودية تقع بين قارتي آسيا وإفريقيا وعلى ملتقى ثلاثة أقاليم هي مصر والشام والحجاز، وتشترك في الحدود مع أربع دول هي مصر وفلسطين والسعودية والأردن، كل ذلك كان له أثره البالغ في تشكل تراث العقبة البحري وتنوعه وتميزه.

ثالثا : تنقل ملكية العقبة وتبعيتها الإدارية :

    فطبيعة العقبة الجغرافية ووقوعها على حدود الأقاليم والدول جعلها موضع نزاع دائم على مدار تاريخها مما جعل ملكيتها وتبعيتها الإدارية والسياسية تتنقل بين تلك الدول، فكانت تارة تتبع لمصر وتارة للحجاز وأخرى للشام، وهذه التبعية فتحت المجال أمام التبادل الحضاري والتراثي والديمغرافي بين هذه المناطق والعقبة مما أثرى التراث البحري للعقبة.

رابعا : التطور المتسارع للعقبة :

      فالعقبة تشهد تطورا متسارعا ومستمرا في كافة المجالات نتيجة لموقعها التجاري والسياحي، هذا التطور المتسارع جعل العديد من الجوانب التراثية القديمة تختفي وتحل محلها مفردات تراثية جديدة تناسب العصر.

 

خامسا: التنوع الديمغرافي للسكان

      فقد فرضت الظروف السابقة وموقع العقبة وتنقل تبعيتها الإدارية ووجود الميناء فيها وتوفر فرص العمل والنشاط التجاري، إضافة إلى احتلال فلسطين وسيناء مما عرّض العقبة لموجات كبيرة من اللاجئين من جنوب فلسطين ولاجئين من سيناء، كل ذلك جعل من العقبة منطقة جذب سكاني وفرض عليها واقعا سكانيا متنوعا ومتغيرا باستمرار، حيث شهدت هجرات جماعية وفردية متتالية أثرت على طبيعة سكان المدينة من حيث الحجم والتنوع، وقد حمل هؤلاء السكان الجدد معهم ثقافتهم وتراثهم مما شكل حالة من الإثراء والتنوع والتمازج، إلا أن هذا التنوع لم يمنع من تميز تراث العقبة وتفرده والحفاظ على ملامحه وخصائصه العامة.

لقد عاش التراث الشعبي في العقبة تحديا كبيرا نتيجة لظروف العقبة ومتغيراتها إلا أنه استطاع استيعاب كل المتغيرات والظروف وفرض أثره وسيطرته والحفاظ على هويته وملامحة في حدها الأدنى.

 

مميزات التراث االبحري في العقبة

   كما أسلفنا فإن للعقبة خصوصية ومميزات تفردت بها، وهذه الخصوصية والمميزات انعكست بشكل واضح على تراثها الشعبي والبحري فأعطته نوعا من التفرد والتميز والخصوصية، وأهم ما ميز التراث البحري في العقبة ما يلي:-

أولا :- التنوع والشمول

 فالتراث البحري عادة هو تراث متنوع وشامل حيث يغطي الكثير من الجوانب الاجتماعية للعقبة سواء التي لها علاقة بالبحر بشكل مباشر أو غير مباشر.

والتراث البحري يحوي العديد من العادات والتقاليد والمعتقدات والحرف والصناعات والمهن والأعمال الشعبية.

فالصيد مثلا كان المهنة الرئيسية في العقبة ويمارسه العديد من سكانها، ويفرض الصيد مصطلحاته وطقوسه على الحياة الشعبية وعلى باقي الجوانب مثل القصص والأساطير التي تتحدث عن البحر وأسماكه وعواصفه وغرائبه ومعتقداته، أما في الأغاني والرقصات فقد برز النمط البحري فيها بوضوح سواء في اللحن أو المحتوى أو حتى الآلات الموسيقية الخاصة بها.

ثانيا: الانسجام والتوافق

التراث البحري ليس الوحيد في العقبة بل هو جزء من منظومة تراثية متنوعة شملت العديد من جوانب الحياة فالتراث الشعبي في العقبة متعدد ومتنوع والتراث البحري واحد منه، فتراث العقبة يشمل إضافة إلى التراث البحري ما يلي:

  1. تراث البادية  

    فطبيعة العقبة الصحراوية ووقوع العقبة بين ثلاث صحاري رئيسية هي صحراء سيناء ووادي عربة وصحراء الحجاز وبادية الشام، جعل لون البادية أحد مكونات تراثها الشعبي.

 

وادي رم شمال العقبة

كما أن الحروب التي حصلت في سيناء وجنوب فلسطين ابتداء من العدوان الثلاثي على سيناء عام 1956م وانتهاء باحتلالها عام 1967م أدت إلى هجرات جماعية من بدو سيناء إلى العقبة وكان معظم هؤلاء البدو من الطورة، وهؤلاء كانوا أصحاب خبرات بحرية بل كان العديد منهم بحارة وصيادين ماهرين، وقد مارسوا الصيد مع أهالي العقبة وشاركوهم في رحلات الصيد وتعاملوا مع شركة أسماك العقبة واقتنوا القوارب والسفن حاملين معهم خبراتهم ومهارتهم وتراثهم البحري إلى العقبة فكان التبادل التراثي في أروع صوره مما شكل اطلالة تراثية رائعة لتراث العقبة البحري على التراث البحري لبدو سيناء.

 

كتاب متصرف معان يبين فيه وجود بدو سيناء في العقبة وممارستهم الصيد([1])

وليس بدو سيناء هم من أثروا التراث البحري في العقبة فقط بل إن هناك العديد من القبائل البدوية التي تسكن بادية العقبة وتعتبر جزء من سكانها مما جعل التراث البدوي جزء من تراث العقبة الشعبي لذلك نجد مفردات تراث البادية واضحة في العقبة ففي الأغاني والرقصات مثلا يعزف بعض أهالي العقبة على الربابة ويرقصون في أعراسهم السحجة البدوية والدحية والسامر ويرددون الأغاني البدوية التي أدخلوا عليها بعض التعديلات، ومن هذه الأغاني:

سيليم سيليم ويش اسوي في محبوبـي

ولقـى الخلا واعطـى المفاتيح عبدالله

وسقى الله وسقى الله من سقاني وانا ضميان

وعلق لي البـدرة على الدرب وساقـاني

وانـا ما احسبنك يا هوى البـال تنساني

   ومن تداخل اللون البدوي في التراث العقباوي وجود بعض المصطلحات والكلمات البدوية في لهجة أهالي العقبة وخاصة في القضاء العشائري الذي يكاد يتطابق تماما مع القضاء البدوي في الإجراءات والمصطلحات، هذا بالإضافة إلى بعض التشابه في العديد من العادات والتقاليد واللباس، ومرد ذلك كما أسلفنا هو التقارب والتجاور والتصاهر والتشارك في النخل والتجارة كما أن العديد من أهالي العقبة هم من أصول بدوية.

  1. تراث الريف

فالعقبة تتميز بنطاق ساحلي أخضر من بساتين النخيل (الحفاير) مما جعل تراث الريف والزراعة جزءا أصيلا من تراث العقبة، فلا تكاد تجد ( عقباوي ) إلا ويملك بستانا (حفيرة) يزرعه ويرعاه، لذلك ترى مفردات الريف ومصطلحات الزراعة تحتل مكانا لا بأس به في تراث أهالي العقبة وتفاصيل حياتهم، فهم يزرعون ويحرثون ويحصدون ويتعاملون مع المواسم والفصول كأي منطقة ريفية، بل كان أهالي العقبة يستأجرون أراضي زراعية في منطقة العقفي في فلسطين المحتلة من بدو الأحيوات ويزرعونها بالقمح والحبوب لسد حاجتهم منه([2]).

 

بساتين النخيل (الحفاير)

  1. تراث الحضر

  وكون العقبة مدينة حديثة رئيسية ومركزا حضريا مهما على رأس الخليج فقد تمتعت بالمزايا الحضرية وتطورت بشكل كبير ومتسارع ونشأ فيها التراث الحضري وتنوع وأضفى عليها العديد من التميز والخصوصية.

 

منزل عقباوي قديم

 من هنا نجد أن تعدد وتنوع هذا التراث لم يزده إلا إثراء وتفردا حيث تجد أن هذا التراث منسجم ومتوافق ومتناغم مع بعضه البعض كأنه وحدة واحدة لا ترى فيه أية تعارض أو شذوذ أو اختلاف.

ثالثا:- التميز والتفرد والخصوصية

بالرغم من تنوع تراث العقبة البحري وتأثره وتشابهه مع تراث المناطق المجاورة نتيجة التواصل والتبادل الحضاري إلا أن هذا التراث استطاع أن يحتفظ بهويته الخاصة وملامح المتميزة بحيث تعرف أنه تراث عقباوي صرف.

رابعا:- البساطة والجاذبية 

ومن مميزات تراث العقبة البحري، أنه تراث بسيط وجذاب ولعل السر في ذلك يكمن في بساطة حياة أهالي العقبة ومعيشتهم وهدوء مدينتهم وطيبة طباعهم.

 وتظهر بساطة وجاذبية تراث العقبة البحري في أغانيه ورقصاته ولباسه وعاداته، فلباس الصيادين مثلا يتصف بالبساطة ويخلوا من التفاصيل والزخارف الكثيرة، وتعدد الألوان.

 

أحد رجالات العقبة بلباسه التقليدي

يوميات العقباوي:

في ضوء تنوع التراث الشعبي في العقبة نجد أن حياة العقباوي كانت حياة بسيطة وهانئة ومتنوعة وثرية تجمع بين حياة الريف والبادية والحضر والساحل، وهذا تراث فريد قلما يجتمع لمنطقة.

صلاة الفجر: ويبدأ الرجل في العقبة يومه بصلاة الفجر فيستيقظ مبكرا ثم يذهب إلى المسجد الرئيسي في العقبة وهو (مسجد العقباوي) فيصلي الفجر ويلتقي مع أقرانه فيسلم عليهم ثم يعود إلى بيته.

 

مسجد العقباوي

سقاية الحفيرة: بعد صلاة الفجر يقوم الرجل بحمل أدواته ويذهب إلى حفيرته وغالبا ما يصطحب معه بعض أبنائه لمساعدته فيقوم بسقاية حفيرته وتعشيبها وتنظيفها وزراعة أحواضها وجمع الخضار والتمر وغيرها.

ويملك معظم أهالي العقبة حفاير ويزرعونها لسد حاجتهم من الخضار والفواكه وأحيانا يبيعون الفائض في الأسواق، وقد أشار إلى ذلك نعوم شقير الذي زار العقبة عام (1906م) فيقول: ( والبلدة قائمة على تلة وسط حديقة متسعة من النخيل تمتد شملا وجنوبا على شاطئ الخليج مسافة ميل أو أكثر، وفي البلدة والحديقة آبار عذبة الماء يزرع عليها أنواع الخضر كالبامية والملوخية والباذنجان والطماطم ونحوها، ويمكن زراعة الذرة والزيتون والنيلة والقطن لأن التربة خصبة والماء كثير ) ([3]).

 

المزارع حميد صباح أبو العز رحمه الله في حفيرته

وقد كانت الحفائر تسقى من الآبار الموجودة فيها بواسطة الشادوف حتى منتصف القرن الماضي، ثم تحولت إلى المضخات الميكانيكية بحيث تسمع أصوات هذه المضخات تنطلق من الحفاير كل صباح.

وبعد أن يقوم المزارع بحصد أحواض النعنع والجرجير والبصل والملوخية يقوم بحزمها على شكل حزم و(ضمم) ويربطها بنسيرة من سعف النخل ويضعها إما في سلة من السعف أو عربة صغيرة ويذهب بها إلى بيته أو السوق.

أما المرأة فتستيقظ فجرا وتصلي الفجر ثم تعجن عجينها وتتركه يختمر ثم تشعل النار وتضع ابريق الشاي ودلّة القهوة وتذهب فتحلب الغنم ثم تتركهم يسرحون خارج البيت وعلى الشاطئ.

بعد ذلك تقوم المرأة بتنظيف البيت وخبز العجين وتحضير الفطور الذي غالبا ما يتكون من الزيتون والزعتر والمش والجبن والخبز.

وعندما يعود الرجل من حفيرته يتناول فطوره مع عائلته، بعد ذلك إن كان الرجل له عمل يذهب إلى عمله وإلا أخذ شاعته وأدوات صيده ثم توجه نحو الشاطئ وبدأ بالصيد حتى يحصل على غدائه ثم يحمل صيده ويعود إلى بيته، فتصنع امرأته طعام الغداء من السمك الذي صاده فيتناول طعام الغداء مع أهله ثم يخلد إلى القيلولة وكان بعض أهالي العقبة يقيلون في ظل القلعة في الهواء الطلق وبخاصة في الأيام الحارة.

 

مجموعة من أهالي العقبة يجلسون في ظل القلعة

أما الأطفال والغلمان فيحملون (الدور) وهي أوعية الماء ويذهبون صباحا إلى بير الست ليحضروا الماء إلى بيوتهم، وفي تقاليد أهالي العقبة أن الرجال والغلمان هم من يحضرون الماء وليس النساء كما في بعض المجتمعات.

 

الأطفال يردون على بير الست لجلب الماء

ومن الطريف أن نذكر هنا أنه عندما قدم الفلسطينيون إلى العقبة عام (1948م) استقبلهم أهالي العقبة بحفاوة بالغة وأسكنوهم منازلهم وقاسموهم عيشهم حتى غدو أسرة واحدة وكان من عادة الفلسطينيين أن ترد النساء على الآبار لجلب الماء على عكس عادة أهالي العقبة بحيث كان هذا العمل من نصيب الرجال والغلمان، فطلب أمام مسجد العقبة الشيخ خالد المنزلاوي بأن لا يرد على الماء إلا الرجال، فأرسلت النساء رسالة شكر للشيخ بأن أراحهم من هذا العناء.

وعند العصر يذهب الرجل لصلاة العصر ثم يذهب إلى الشاطئ ويجلس مع أقرانه يتحدث ويلعب الضامة والسيجة حتى المغرب ثم يصلون المغرب جماعة على الشاطئ ويعودون إلى بيوتهم.  

 

 

 

 

الفصل الثاني

مفردات التراث البحري في العقبة

كما أسلفنا فإن التراث البحري في العقبة تراث غني ومتنوع ويحوي العديد من المفردات التراثية بل إن هذه المفردات البحرية دخلت كافة مجالات الحياة الاجتماعية في العقبة حتى أصبح اللون البحري هو اللون السائد في تراث العقبة الشعبي، وقد تنوعت مفردات التراث البحري في العقبة ومن هذه المفردات:

رحلة الصيد (السرحة) أو (القنصة)

الصيد وأدواته وطرقه وكل ما يتعلق به من عادات وتقاليد ومعتقدات هو من أبرز وأهم مفردات التراث البحري بل هو التراث البحري بكل تفاصيله وتجلياته.

فالصيد هو المهنة الرئيسية في العقبة والتي يمارسها كل عقباوي منذ نعومة أظفاره، وقد كان الصيد في البداية على الشاطئ ولا يحتاج إلى الانتقال إلى عرض البحر فقد كان السمك وفيرا وكان عدد سكان العقبة قليلا مما أغناهم عن ركوب عرض البحر.

 

إلا أن توسع المدينة وزيادة سكانها زاد من الطلب على السمك ولم يعد الصيد الشاطئي يفي بحاجة السكان كما أن انشاء مصنع الثلج وتأسيس شركة الأسماك في العقبة زاد من الطلب على الصيد والسمك، فأصبحت الحاجة كبيرة لرحلات الصيد وللقوارب الكبيرة والصغيرة.

 

مصنع الثلج في أربعينات لقرن الماضي([4])

ومنذ ثلاثينات القرن الماضي أصبحت رحلات الصيد البعيدة في عرض البحر هي الوسيلة الرئيسية لصيد السمك في العقبة، وقد بدأ أهالي العقبة بامتلاك القوارب بشكل أكبر وممارسة الصيد كمهنة وحرفة وليس لسد حاجاتهم فقط، وقد استلزم ذلك ظهور عادات وتقاليد ونظام جديد فظهر مصطلح الريّس والحوّات والسرحة والقنصة والقطيرة والسنبوك وغيرها من مصطلحات البحر ومفرداته.

وكلمة (السرحة) التي تعني رحلة الصيد الطويلة وهي من كلمة سرح حيث يسرح الصياد في عرض البحر للصيد، وكذلك كلمة (القنصة) من قنص وكلاهما تدلان على رحلة الصيد التي تكون في عرض البحر وتستمر لعدة أيام.

وكانت رحلة الصيد في البداية قصيرة نسبيا لا تتجاوز من ثلاثة إلى أربعة أيام ويصل الصياد إلى منطقة (اللط) وهي التي تسمى حاليا الشاطئ الجنوبي وتبدأ من البريج وتنتهي بمنطقة الدرة وقد كانت حتى عام 1965م ضمن الأراضي السعودية ثم انضمت إلى الأردن ضمن اتفاقية تعديل الحدود.

بعد ذلك بدأت الرحلة تطول وتبتعد أكثر وبدأت تنتظم حتى أصبحت لها نظام وترتيب وطقوس خاصة.

الاستعداد لرحلة الصيد: وتبدأ الاستعدادات لرحلة الصيد أو السرحة الطويلة قبل عدة أيام حيث يقوم "الريّس" وغالبا ما يكون هو صاحب القارب أولا بصيانة قاربه وتفقده وتجهيزه لرحلة الصيد، فيتفقد الشراع والمحرك وباقي أجزاء القارب.

ثم يقوم الريّس بعد ذلك بتحديد (الحّواتة) أو الصيادين الذين سيرافقونه في رحلة الصيد، وغالبا ما يكون لكل ريس طاقمه الخاص الذي يرافقه في معظم رحلات الصيد، ويحدد الريّس عدد الحّواتة حسب سعة قاربه، و(الحوات) هو الصياد والبحار الذي يشارك في رحلة الصيد، وكانوا أحياناً يذهبون في أكثر من قارب في الرحلة الواحدة ويكون الصيد مشاركة.

 العزبة: والعزبة هي كل مستلزمات الرحلة الصيد من طعام وأدوات وثلج ووقود إضافة إلى الطناجر والأطباق وغيرها من الأدوات إضافة إلى الطناجر والأطباق وغيرها من الأدوات، فقبل الرحلة بيومين يقوم الريّس بتجهيز (العزبة)، وذلك من خلال الاتفاق مع أحدى البقالات وغالبا ما يكون صاحب البقالة خبيرا في تحضير العزبة فيعرف كم عدد البحارة ومدة الرحلة وما هي احتياجاتهم فيقوم بتجهيزه المواد الغذائية كاملة حيث يركز على الطحين والارز والملح والبندورة والسكر والشاي والمعلبات وإلى غير ذلك من المواد التموينية اللازمة ثم يسجل ذلك في سجل خاص يسمى (دفتر العزبة) وفي صفحة خاصة باسم القارب أو الريّس، وكانوا لا يدفعون ثمن العزبة الا بعد العودة من الرحلة وبيع السمك واستلام ثمنه.

الثلج: ومن التجهيزات المهمة لرحلة الصيد (الثلج) بحيث يقوم الريس بالاتفاق مع مصنع الثلج لتحضير الواح الثلج اللازمة للرحلة ويضعونها ليلة أو صباح الرحلة في صناديق خاصة مبطنة تسمى ثلاجات وتتسع القطيرة لصندوقين عادة، ويصمد هذا الثلج لمدة عشرة أيام في الصيف أو أسبوعين في الشتاء على أكثر تقدير ثم يبدأ الثلج بعد ذلك بالذوبان لذلك يحرص الصيادون على ان تكون الرحلة ضمن هذه المدة فيستغلون كل ساعة في الصيد.

ويعرف مصنع الثلج عادة احتياجات كل قارب من الثلج ويجهزه له ولا يأخذ ثمنه إلا بعد عودة الصياد من رحلة الصيد، وغالبا ما يكون الصياد يعمل لصالح شركة الأسماك التابع لها مصنع الثلج فيكون ثمن الثلج ضمن الاتفاقية بينهما.

الوقود: كانت قوارب الصيد قبل الأربعينات من القرن الماضي تسير بالشراع والمجداف، ثم تحولت بعد ذلك إلى السير بالمحرك الميكانيكي إضافة إلى الشراع الذي يبقى احتياطا للحالات الطارئة الي يتعطل فيها المحرك أو في حالات الريح المناسبة للشراع.

لذلك أصبح توفير الوقود لرحلة الصيد من التجهيزات الضرورية للرحلة، فيقوم الريّس بتوفير الوقود في جالونات معدنية (جركن) تكفي لمدة الرحلة ذهابا وإيابا.

أدوات الصيد: ومن التجهيزات الضرورية لرحلة الصيد أدوات الصيد وكانت تقتصر قديما على الخيط والسنارة وكان الصياد يأخذ معه مجموعة كبيرة من خيوط الصيد والسنانير المختلفة الأنواع ولأحجام.

ومنذ العشرينات أصبحت المتفجرات من طرق الصيد الرئيسية برغم من حظرها قانونيا إلا أن الصيادين كانوا يستعملونها بكثرة في الصيد.

ومن أدوات الصيد التي يستعملها الصياد في رحلة صيده الشباك وأقفاص الصيد وقد بدأ استعمالها في رحلات الصيد الطويلة في ستينيات القرن الماضي.

الوثائق والتصاريح: ومن التجهيزات اللازمة لرحلة الصيد الحصول على التصاريح والوثائق اللازمة للقارب والصيادين من الجهات المختصة.

 بدء الرحلة: وبعد اكمال التجهيزات يجتمع الريّس مع البحارة ليلة السفر ويتفقون على ساعة الانطلاق وعادة ما تكون عند الفجر أو صباحا، كما يتم تفقد قارب الصيد وكافة تجهيزاته بشكل نهائي في ليلة السفر.

وفي يوم السفر يودع الصيادون الاهل والأحبة وينطلقون إلى قاربهم على الشاطئ فيتفقدون قاربهم وتجهيزاته ويتأكدون من كافة الترتيبات ثم يودعون أصدقاءهم على الشاطئ ويصعدون إلى قاربهم وهم يبسملون ويهللون ويدعون ربهم بالتوفيق والسلامة والرزق الوفير.

 

الاستعداد لرحلة الصيد

بعد ذلك ينطلقون مبحرين إلى عرض البحر فإذا كانت الريح مناسبة استعملوا الشراع لتوفير الوقود وان كانت غير مناسبة استعملوا المحركات.

وكانوا يتوجهون أولا إلى المياه المصرية وبعد حرب 1967م أصبحوا يتوجهوا إلى المياه الإقليمية السعودية حيث عقدت اتفاقية بين الأردن والسعودية للسماح بالصيد هناك.

طاقم الرحلة: ويتكون طاقم السفينة في العادة من (الريّس) وهو صاحب الأمر والنهي في إدارة الرحلة، وعادة ما يكون هو صاحب السفينة الا انه ليس بالضرورة ذلك، وتزداد مسؤولية (الريّس) خلال السير في الاماكن الخطرة وهي التي تكون الصخور المرجانية فيها قريبة من سطح الماء وظاهرة حيث يقف (الريّس) على مقدمة القارب ويوجه السائق الذي يمسك بـ(السكان) وهو مقود القارب.

وأما باقي الطاقم فهم البحارة والذين يتكونون من الصيادين والغطاسين والجذافين في حالة عدم وجود محرك، وفي العادة ليس هناك فرق بين الصياد والجذاف والغطاس فكل بحري هو صياد وجذاف وغطاس في نفس الوقت.

وعادة ما يكون الرئيس والبحارة في حالة طوارئ اثناء العاصفة بحيث يتعاون الجميع في ضبط القارب وتثبيت الشراع حتى تهدأ العاصفة وتمر بسلام.

ومن أبرز المهارات التي يجب أن يتعلمها الصياد بعد مهارة الصيد هي مهارة التعامل مع الشراع ومعرفة متى يرفع ومتى ينزل وطريقة رفع الشراع وتوجيهه مع الريح وتثبيته بالحبال ليدفع القارب نحو الوجهة المطلوبة بأمان، وكذلك مهارة إنزال الشراع وطيه.

تقاليد الصيد: وتستمر رحلة الذهاب حوالي يومين حتى يصل القارب إلى مناطق الصيد المعروفة والتي تسمى (محوت) وهذه الأماكن يعرفها البحارة والريس جيدا ويعرفون مواسم وأوقات الصيد وأماكن وأنواع السمك، لذلك يتوجهون إليها مباشرة وقد يجتمع في المكان الواحد أكثر من قارب، وفي طريق الذهاب عادة لا يتوقف القارب ولا ينزلون إلى الشاطئ وذلك استغلالا للوقت، فيأكلون ويشربون وينامون بالتناوب في القارب.

ما أن يصل القارب إلى أول موقع من مواقع الصيد (المحوت) حتى يقوم البحارة بإرساء القارب وتثبيته بالمرساة (البروسي) في المكان المناسب ويتناولون بكل نشاط أدوات صيدهم ويجهزونها ويبدأون صيدهم بالذكر والدعاء.

وفي هذه الحالة يستوي الرئيس مع البحارة فالكل منهمك في العمل وغالبا ما يكون الصيد مساءا او ليلا وهناك مصطلح متعارف عليه بين الصيادين وهو (شال الحوت) أي ان السمك بدأ يعلق بالسنارة بشكل وفير وإذا ما حصل ذلك يبقى الصيادون في مكانهم حتى ينضب السمك، ثم ينتقلون من مكان إلى مكان وهكذا حتى ييسر الله لهم رزقاً وفيراً ويعتمد طول الرحلة على حجم الصيد، فإذا كان الصيد وفيراً عادوا مبكرين والا تأخروا حتى ينفذ ما عندهم من زاد وثلج.

        وبعد وجبة الصيد هذه والتي قد تستمر إلى ما بعد منتصف الليل وعندما يتوقف الصيد أو يحين موعد النوم والطعام يخرج الصيادون إلى الشاطئ القريب أو إلى أقرب جزيرة في الأراضي المصرية أو السعودية للمبيت وتناول الطعام وحفظ السمك، فيقومون أولا بـ(شبح القطيرة) وهو تثبيت القارب بمرساتين من الأمام والخلف وذلك لحمايته من الرياح والأمواج اثناء المبيت.

ثم يقوم الصيادون بعد ذلك بحفظ ما اصطادوه من سمك في الثلاجات على القارب، فيقومون أولا بنشر السمك لتهويته وتنظيفه ثم يفتتون ألواح الثلج ويجرشونها (بالدقماق) - وهو شاكوش خشبي – ويفردون الثلج في قاع الثلاجة ثم يضعون طبقة من السمك فوق الثلج في الثلاجات ثم يضعون فوقها طبقة من الثلج وهكذا حتى يتم حفظ كل السمك في الثلاجات.

بعد الانتهاء من حفظ السمك ينزل الصيادون إلى الشاطئ فيجمعون الحطب ويطهون الطعام والذي يكون عادة من السمك الذي يصطادونه ويخبزون (خبز الملّة) وهو عبارة عن رغيف كبير يدفنونه في وسط الحجارة والرمال الحارة، ثم يجلسون على الشاطئ يأكلون ويشربون الشاي والقهوة ويتسامرون ويتمازحون ويراجعون يومهم ويخططون لليوم التالي.

بعد ذلك يخلد الصيادون إلى النوم فإن كان الوقت صيفا نام بعضهم على الشاطئ وبعضهم في القارب على سطح الثلاجات، أما إذا كان الوقت شتاء فيبيتون في القارب في (الزور) وهو مقدمة القارب وقد يبيت بعضهم في مؤخرة السفينة.

        وفي الصباح الباكر يتجدد النشاط ويعود البحارة للصيد من جديد وهكذا حتى تمتلئ ثلاجاتهم بأنواع السمك حيث يحفظونها وسط الثلج فيضعون طبقة من الثلج وطبقة من السمك.

العودة من الرحلة: بعد استكمال حمولة القارب من السمك يقوم الصيادون بحفظه في الثلاجات ثم يتجهزون إلى العودة ويرفعون الشراع ويلبسون ثيابهم ويتفقدون أمتعتهم ثم يتوجهون عائدين إلى العقبة وهم في غاية الفرحة والسرور بما رزقهم الله من صيد وفير.

وفي طريق العودة يزداد المرح وتعلو الضحكات والطرائف ويرتفع صوت الحادي بالغناء والمواويل حتى وصولهم العقبة.

في العقبة تقوم الزوجة بترتيب البيت وصنع الطعام لاستقبال الصياد ويقوم الأطفال بارتداء أجمل ملابسهم والجلوس على الشاطئ لاستقبال الصيادين العائدين، وإذا ما بدا القارب من بعيد ضج الأطفال بالصراخ والغناء والتلويح بأيديهم فرحا بقدوم والصيادين ويركض بعضهم الى البيت ليبشر امه وذويه.

فإذا اصطف القارب على الشاطئ قفز الصياد منه وعانق أبنائه وقبّلهم وأبلغهم بما أحضر لهم من هدايا وقصص واسماك ومرجان.

غدا الحوّاتة: بعد ذلك يقوم الريّس بإخراج (غدا الحواتة) وهو نصيب الصياد من السمك الذي سيأخذه إلى بيته قبل بيع السمك، وعادة ما يتم تخصيصه من أجود أنواع السمك وبحد يصل إلى أكثر من عشرة كيلوا غرام لكل صياد، فيقوم الريس بتقسيم هذا السمك إلى حصص متساوية بعدد الصيادين ويضيف حصة تسمى (حصة البوط) أي نصيب صاحب القارب، ثم يوزعه بالقرعة بحيث ينادي أحد الأطفال ويطلب منه الاستدارة إلى الخلف وعدم النظر إلى السمك فيسأله لمن هذه الحصة فيقول الطفل:- لفلان ثم يسأله عن الحصة الثانية فيقول لفلان وهكذا حتى تقسم باقي الحصص على الصيادين، أما حصة القارب فيأخذها مالك القارب سواء كان الريّس أو غيره.

بعد ذلك يحمل الصياد حصته من السمك على ظهره في سلة او كيس ويحمل اطفاله امتعته ويتوجه نحو بيته، وفي الطريق يمر الصياد على بيوت جيرانه وأصدقائه فيطرق الباب ثم يرمي لهم سمكة على الباب ويقول: غداك يا أبو فلان، وهكذا حتى يصل إلى بيته، وإذا ما وصل لبيته أبقى لهم ما يكفيهم لوجبة أو وجبتين ثم يوزع الباقي على الجيران والأقارب.

لذلك نرى أن جميع الحي من جيران وأقارب يفرحون لعودة الصياد حتى أنك تشتم رائحة شواء وطهي السمك من كل بيت في الحي يوم عودة الصياد.

بعد ذلك يستحم الصياد ويلبس أجمل ثيابه ويجلس أولا مع اهله وأطفاله على مائدة الطعام والتي غالبا ما تكون من السمك ويحدثهم عن تفاصيل رحلته وما واجه فيها من صعاب وأخطار ويوزع عليهم ما جلبه لهم من نوادر المرجان وما وقعت عليه يده من كنوز البحر، وأحيانا تسأله صغيرته هل رأيت عروس البحر؟ فيقول: لا ولكن سمعت ان فلان الصياد رآها.

ليلة سمر: في المساء يجتمع الصيادون وأصدقائهم على شاطئ البحر ويبدأ السمر بالحديث عن السرحة وما واجههم فيها من مصاعب وعن وفرة السمك وقلته، وإذا ما كان بينهم عازف أو مغني يتناول العازف سمسميته ويعزف لهم وهم يغنون أغنيتهم المحبوبة:

يا بت يا ام  الدبل                     والكف متحني

قومي اقلعي هالدبل                   والاّ ابعدي عني

يا وعدي   يا بوي                   يا ناري   يا بوي

وقد يخرج من بينهم حاد يصدح بمواله فيقول:

أنا في عز الشتا انزل                 البحر لم أبرد

وغيري ينزل البحر ويبرد

        اثناء ذلك يقوم أحدهم بوضع السمك على الحطب ويجهز الشاي فما ان تنتهي هذه السهرة حتى يكون العشاء جاهزاً فيتناولونه وسط الفكاهة والمرح ثم يعودون إلى بيوتهم.

تقاسم العائد: وفي اليوم التالي يذهب الريّس والحواتة إلى القارب ويقومون بتحميل السمك إلى المسمكة وتوزينه وحساب ثمنه، ثم يستلم الريّس ثمن السمك من صاحب المسمكة ويجتمع مع الحواتة في بيته أو على الشاطئ ويقوم بتوزع المبلغ على الجميع على النحو التالي:

 أولا: يتم خصم ثمن العزبة والوقود والثلج وغيرها من مصاريف ونفقات الرحلة ودفعها إلى أصحابها.

ثانيا: يقسم باقي المبلغ بين الصيادين بشكل متساوي لكل واحد منهم حصة، أما الريّس فتكون له حصة وثلث الحصة، وغالبا ما كان الريّس يقسم ثلث الحصة هذه على الصيادين ثم تحسب حصة للقارب مساوية لحصة الصياد ويأخذها صاحب القارب، وقد يكون صاحب القارب هو الريًس أو أحد الأهالي، وكان بعض الصيادين أحيانا يضيفون نصف حصة للمحرك تسمى (حصة الماتور) يأخذها صاحب القارب أو صاحب المحرك.

 

تنزيل السمك من القارب إلى المسمكة (شركة الأسماك) ([5])

 

نقل الأسماك بالعربة إلى شركة الأسماك ويبدو في الخلفية مصنع الثلج ([6])

وبعد يوم او يومين من عودة القارب يقوم الريّس أو صاحب القارب بعمل صيانة شاملة للقارب وغالبا ما يتم إخراج القارب على الشاطئ ويزال ما عليه من طحالب وينظف ويتم عمل صيانة للمحرك والشراع وتفقد باقي أجزاء القارب انتظارا للرحلة القادمة.

 ويبقى الصياد في العقبة عدة أيام يلتقي مع أصحابه ويتسامر على الشاطئ وفي المقاهي ويتمتع بما حصل عليه من مال فيسدد ديونه ويشتري حاجات أهله، ثم يذهب بعد ذلك لتجهيز نفسه إلى رحلة جديدة وهكذا.

وعودة الصيادين من رحلة الصيد حدث اجتماعي واقتصادي فبيع السمك وتوزيع العائد يحرك السوق وتنشط حركة التجارة وتسديد الديون وشراء المستلزمات، أما اجتماعيا فتكثر المناسبات من زواج وخطبة وغيرها.

أدوات الصيد وطرقه:

وأدوات الصيد وطرقه كثيرة ومتنوعة فهناك الصيد الشاطئي الذي لا يحتاج إلى قارب وهناك الصيد في المياه العميقة الذي يحتاج إلى قارب وأدوات صيد خاصة، إلا أننا سنركز على أدوات الصيد وطرقه في رحلة الصيد الطويلة (السرحة)، ومن هذه الأدوات:

الخيط والسنارة (العمرة): وهي أهم أدوات الصيد التقليدية وتكون عادة لكافة أنواع الأسماك سواء في أعماق البحار أو على الشاطئ أو على الصخور المرجانية.

وكان الخيط يصنع قديماً من الكتان حيث كان الصيادون يفتلونه بالسماكة المطلوبة وحسب طريقة الصيد ونوعه، وقد برز العديد من أبناء العقبة بصناعة خيوط الصيد مثل علي خليل ياسين وغيره.

وعندما ظهرت خيوط (النايلون) شكلت نقلة نوعية في الصيد حيث أنها تميزت بالقوة والشفافية وتعدد السماكات والأطوال فزادت من حجم الصيد وسهولته.

وأما السنارة فهي من الحديد أو الفولاذ وكانوا قديماً يأتون بقطعة حديدية ويطوعونها على شكل سنارة.

وفي حال الصيد في الأماكن العميقة والتي تتجاوز المئة متر فإن الصياد يستعمل (العمرة) في الصيد على هذه الأعماق، و(العمرة) هي خيط صيد في نهايته عدة سنانير وثقل تسمى(صقلة) وتشبه في شكلها جذور الشجرة المتفرعة بحيث يصطاد الصياد فيها أكثر من سمكة في آن واحد.

والصيد بالخيط والسنارة عادة ما يكون في الليل حيث يتواجد ويكثر السمك في هذا الوقت ويأكل الطعم.

ويحتاج الصيد بالخيط والسنارة إلى المهارة والصبر، أما المهارة فهي معرفة أماكن تواجد السمك ومواسمه وأنواعه وكيفية صيده وكيفية التعامل مع السمك الكبير وأنواع الطعم المناسب والصيد في الأماكن المختلفة وهكذا، أما الصبر فهو عدة الصياد حيث يحتاج الصيد إلى الصبر أثناء الصيد لطول الانتظار ومشقة العمل، لذلك ترى الصياد وقد لفحته الشمس فاسمر لونه وتشققت أنامله من كثرة سحب الخيط إلا أنه يفرح بصيده ويتحمل لأجله كل شيء.

الأقفاص (السخوة): وقد استعملها الصيادون متأخرا في رحلات الصيد الطويلة حيث كانوا يقتصرون على الصيد بالخيط والسنارة، ولكن بسبب شح السمك أخذوا يستعملون (السخوة)، والسخوة هي قفص من الشبك المعدني بأحجام مختلفة وله باب ممتد إلى الداخل ليسمح للسمك بالدخول ولا يسمح له بالخروج.

ويوضع الطعم داخل القفص وعادة ما يكون من العجين والطحالب والأسماك الصغيرة ثم يربط القفص بحبل طويل في نهايته طواف أو خشبة لتدل على مكانه وليسهل رفعه من الماء، ثم يوضع القفص بواسطة الحبل في أماكن تواجد السمك بين الصخور المرجانية مساء ويترك طوال الليل، وفي الصباح يتم إخراجه من الماء.

وقد كانت السخوة قديماً وقبل التعرف على الشبك المعدني تصنع من شجر الدوم أو جريد النخل ويوضع فيها حجارة حتى لا تطفو.

الشباك: والشباك من طرق الصيد التقليدية التي انتشرت في العقبة وهي كالأقفاص استعملت متأخرة في رحلات الصيد، وشباك الصيد أنواع متعددة ومن أشهر أنواع شباك الصيد:

 (الشوار): وهو عبارة عن شبك من خيط الكتان أو النايلون بعرض من متر إلى ثلاثة أمتار وطول يتجاوز العشرين مترا وبفتحات وأحجام مختلفة، ويثبت على طرفه السفلي قطع رصاص وعلى طرفه العلوي قطع فلين ليطفو في البحر على شكل جدار.

 

الصيد بالشوار

وللشوار عدة طرق في الصيد منها: طريقة (الجرف) ويستخدم فيها الشبك ذو الفتحات الصغيرة لصيد الأسماك الصغيرة والتي تستعمل كطعم.

 أما الطريقة الثانية فهي (المد) ويستخدم فيها الشبك ذو الفتحات الكبيرة والمتوسطة وغالبا ما يكون بطبقتين، ويستخدم لصيد الأسماك الكبيرة بحيث يوضع في الليل على طريق الأسماك وفي أماكن تواجدها ثم يسحب صباحا بعد أن يكون قد علق به السمك.

أما الطريقة الثالثة فتسمى (التحويط) بحث ينصب الشبك في البحر على شكل نصف دائرة (حاكورة) ثم يستدرج السمك إلى داخله بواسط المطاردة ثم يغلق عليه الشبك ويتم سحبه بعد أن يصطدم السمك بالشبك ويعلق به.

الشاعة: وهي عبارة عن شبكة دائرية قطرها يزيد عن ثلاثة أمتار وتستعمل للصيد على الشاطئ حيث يثبت على محيطها رصاص وترمى على السمك باليد، وقلما كان يستعملها الصياد في السرحة إلا إذا أراد صيد الأسماك الصغيرة للطعم.

وهناك أحجام وأنواع مختلفة من الشاعة، فمنها صغير الفتحات ويستخدم لصيد الأسماك الصغيرة للطعم، وهناك شاعة كبيرة الفتحات للسمك الكبير، كما أن هناك بعض الأنواع يكون بها حبل يجمعها بعد رميها، إلا أن أهالي العقبة لا يستعملون الشاعة ذات الحبل بل يستعملون الشاعة العادية.

والصيد بالشاعة يحتاج إلى المهارة اللازمة للتعرف على السمك ومهارة في رمي الشاعة بشكل صحيح على السمك، لذلك نجد أن مستعملي الشاعة في العقبة قليلون.

 

الصيد بالشاعة

المكانست: ومن أدوات الصيد أيضا (المكانست) وهو عبارة عن شبك على شكل كيس تربط فتحته بحلقة حديدية لها يد وبقطر نصف متر وهي تسبه شبكة صيد الفراش أو سلة كرة السلة وتستعمل لجمع السمك من البحر ونقله.

الشنكل: وهو عبارة عن خطاف من الحديد يستعمل لرفع السمك من البحر إلى القارب، وأحيانا يستعمل كمرساة.

الفد: وهو عبارة عن حبل المدّه وحجر كبير يربط به ويستعمل كمرسى للسفينة وقد استعيض عنه مؤخراً "بالبروسي" وهو المرسى الجديد.

استخدام المتفجرات: انتشر استعمال المتفجرات في الصيد في العقبة في بداية العشرينات من القرن الماضي بحيث يقوم الصياد بتجهيز قطع الديناميت بوزن 250-500 غرام للقطعة الواحدة ووضعها في علبة صغيرة أو كيس صغير ثم توضع الفتيلة في الكبسولة وتغرس في الديناميت ويكون طول الفتيلة قصيرا بحيث لا يتجاوز مدة اشتعالها عشر ثواني تقريبا، بعد ذلك يقوم الصياد برصد السمك فإذا ما شاهده أشعل الفتيل وقذف بالمتفجرات على السمك وبعد الانفجار يقفز إلى البحر ليجمع السمك.

وهذه الطريقة ممنوعة قانونيا لذلك يمارسها الصياد بشكل سري ويخفي المتفجرات في أماكن سرية في القارب، وقد اختفى الصيد بالمتفجرات منذ سبعينات القرن الماضي.

وتعتبر هذه الطريقة في الصيد من أخطر أنواع الصيد التي تهدد الصياد والبيئة البحرية في الوقت نفسه، ويكمن خطر المتفجرات أولا في انفجارها بيد الصياد وقتله أو بتر أطرافه وذلك بسبب الطريقة البدائية التي يستعملونها، وقد فقد العديد من الصيادين حياتهم أو أطرافهم بسبب هذه المتفجرات.

ولا تقتصر اخطار المتفجرات على الصياد بل يتعدى ضررها إلى السمك والمرجان والطحالب وتخل بالبيئة والتوازن البيئي، لذلك تم حظر استعمال المتفجرات قانونيا وتشديد العقوبة على مستعمليها.

القوارب التراثية في العقبة

كما أسلفنا فالصيد البحري أو صيد الأسماك وما يتعلق به من أدوات وعادات وتقاليد هو من أبرز مفردات التراث البحري في العقبة، ومن أهم أدوات الصيد البحري قوارب الصيد التراثية التي لا يستغني عنها الصياد وبخاصة في الصيد في عرض البحر أو في رحلات الصيد الطويلة خارج المياه الإقليمية.

ونقصد بالقوارب التراثية هي القوارب الخشبية القديمة والتي استعملها أهالي العقبة في مطلع القرن الماضي سواء باستخدام الشراع والمجداف أو المحركات لاحقا.

ولم تقتصر حاجة أهالي العقبة إلى القوارب والسفن للصيد فقط بل أيضا للتجارة والتنقل وغيرها من المقاصد.

 فكما هو معروف فأن العقبة مدينة ساحلية وهي تاريخيا مدينة مينائية حيث عرفت الملاحة البحرية منذ العصر الحجري، يعتبر العديد من الباحثين أن الأدوميين هم أول من استخدم ميناء العقبة (أيلة)  على البحر الأحمر ([7])، حيث استعانوا بالخبرات الفينيقية والبحارة الفينيقيين لصناعة وإدارة السفن الأدومية في العقبة، وقد بقي هذا الميناء نشطا على مدار العصور التاريخية اللاحقة.

وفي العصر الحديث حافظ ميناء العقبة على نشاطه بالرغم من تذبذب أهميته الاستراتيجية والاقتصادية، وقد نشط أهالي العقبة منذ بداية القرن التاسع عشر في التجارة البحرية مع المناطق المجاورة على الرغم من صغر المدينة وقلة السفن فيها، حيث يقول لويس موصل الذي زار العقبة عام (1898م): (وتعتمد معيشتهم على التجارة ونقل البضائع من مصر والجزيرة العربية) ([8])، وفي موضع آخر يقول : (ويبحث السكان عن معيشتهم في التجارة حيث يتم تبادل وبيع مختلف البضائع والتي تجلب بواسطة تجار السواحل أو التجار القادمة سفنهم من مصر)([9]).

أما قوارب الصيد في العصر الحديث فقد ظهرت في العقبة مؤخرا حيث كانت العقبة قرية صغيرة قليلة السكان قبل حوالي قرنين من الزمان وكان الصيد فيها وفيرا لا يحتاج إلى رحلات الصيد الطويلة والبعيدة في عرض البحر بل كان السكان يحصلون على حاجتهم من السمك من خلال الصيد الشاطئي الذي لا يحتاج إلى قوارب صيد، لذلك لم تكن هناك قوارب صيد كبيرة في العقبة.

وقد أشار ديفد روبرتز إلى ذلك أثناء زيارته للعقبة عام (1839م) ( لم يجد روبرت في هذه المدينة أي قارب فكان يتساءل : إنها معجزة على ماذا يعيش الناس هنا )([10])، أما لويس موصل الذي زار العقبة عام (1898م) فيؤكد أن المدينة تخلو من والقوارب ويقول : ( ولم يكن في سنة 1898 سفينة واحدة في القرية كلها )([11]) ولعله يقصد بذلك السفن الكبيرة.

لكن العقبة توسعت بعد ذلك وزاد عدد سكانها وزادت الحاجة إلى كميات أكبر من السمك، بل إن صيد السمك لم يعد فقط لتغطية حاجة السكان منه بل أصبح مهنة للتجارة والتصدير إلى المناطق المجاورة مما اضطر السكان إلى التوسع في الصيد واللجوء إلى الصيد في عرض البحر فظهرت الحاجة إلى قوارب الصيد فكان أول ما صنعوه من سفن استعمال جذوع النخل في صناعة سفن الصيد التي أسموها (الظهيرة) أو (السفينة) كما سنفصل لاحقا، ثم صنعوا الهوري من جذوع الأشجار الكبيرة ثم صنعوا بعد ذلك القوارب والسفن المختفة التي استعملوها في الصيد والتجارة والتنقل وغيرها.

أنواع القوارب التراثية في العقبة

تعددت أنواع القوارب التراثية في العقبة حسب استعمالاتها وحجمها، ومن هذه القوارب:-

أولا :- السواعي

ومفردها ساعية، وهي السفن الشراعية الخشبية الكبيرة وتسمى في بعض دول الخليج (البومة) او (الشواعي) بالشين وهي عدة أنواع وأحجام، وتستعمل هذه السفن لنقل البضائع والركاب بين الموانئ البعيدة، فهي إذن قوارب تجارية في المفهوم الحديث مع أن هذه السواعي كانت تستخدم للصيد أيضا في المناطق المجاورة والبحار المفتوحة إلا أنه اقتصر استخدامها لدى أهالي العقبة على الرحلات التجارية بشكل رئيسي.

 الساعية

وعندما توسع النشاط التجاري في العقبة امتلك أهالي العقبة مجموعة من هذه السفن في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين والتي كانت ترسوا على موانئ جدة وينبع والوجه في الجزيرة العربية، والسويس في مصر، والحديدة والمخا في اليمن ([12]) ومن أشهر السواعي التي امتلكها أهالي العقبة ساعية ذياب عبد الرحمن بسيوني التي كانت تنقل البضائع بين مينائي السويس والعقبة وقد تحطمت وغرقت عند مدخل الخليج في عشرينات القرن الماضي، وقيل أن ذياب مات من شدة حزنه عليها، وكذلك امتلك عبد السلام أحمد العسيلي ساعية حيث غرقت أيضا أثناء نقل البضائع بين الوجه وضبا، إضافة إلى بعض السواعي الصغيرة التي امتلكها عدد من تجار العقبة.

ثانيا :- السنبوك

السنبوك هو أحد السفن التراثية ويقال له في بعض دول الخليج (الصنبوك) أو (السنبوق) وهو قارب شراعي أصغر حجما من الساعية ويستخدم لنقل البضائع بين الموانئ القريبة مثل السويس والوجه وغيرها، كما يمكن استخدامه في الصيد.

واستعملت لفظة السنبوك في رحلات ابن بطوطة باسم «الصنبوق» وأصل اللفظة من سنبك، وهي كلمة فارسية بمعنى سفينة صغيرة أو زورق([13]).

 

سنبوك عبد خالد منزلاوي وشركائه على شاطئ العقبة

وقد بدأت هذه السنابك تنتشر في العقبة مطلع القرن العشرين كما نشطت حركة السنابك من وإلى العقبة في العشرينيات من القرن الماضي وبخاصة بعد الثورة العربية وقدوم الشريف الحسين بن على إلى العقبة، وهذا ما أشار إليه الشريف الحسين بن علي في برقيته من قبرص إلى قائم مقام العقبة عام 1925م.

وفي بداية الأربعينيات زادت هذه السفن وامتلك أهالي العقبة عدد منها ومن أشهر السنابك في العقبة آنذاك سنبوك ماضي ياسين الذي استخدمه للصيد ونقل البضاعة ويقال له الزورق أو السنبوك، وكان لهذه القوارب الدور الكبير في تنشيط حركة الصيد كما سنذكر لاحقا.

 

سنابك تنقل جنود الثورة العربية إلى شاطئ العقبة عام 1918م

ثالثا :- القطاير

القطاير ومفردها قطيرة وتعد أشهر نواع المراكب في العقبة في القرن الماضي وهي أصغر من السنبوك وتستخدم بشكل أساسي في رحلات الصيد البعيدة والمتوسطة، وأحيانا تستخدم لنقل البضائع والركاب للموانئ القريبة على سواحل سيناء والجزيرة العربية كما تستخدم للنقل الداخلي ونقل الحجاج وللنزهة والسياحة.

 

قطيرة رضوان حسن رضوان في الأربعينات من القرن الماضي

ولعلها سميت القطيرة لقطرها أحيانا بالقارب الكبير أثناء رحلة الصيد، وهي عدة أنواع وأحجام منها ما هو صغير بحيث لا يتجاوز طول القطيرة ستة أمتار ومنها ما هو كبير بحيث يصل طول السفينة عشرة أمتار، وكانت السفن في البداية تصنع غالبا خارج العقبة مثل مصر وفلسطين وتجلب إلى العقبة ثم أصبحت تصنع في العقبة في بداية الاربعينات، وبعد ذلك أصبحت العقبة مركزا لصناعة القوارب.

وقد كان لافتتاح مصنع الثلج وشركة الأسماك في نهاية الثلاثينات في العقبة أثره في زيادة الطلب على قوارب الصيد وبالذات القطاير والسنابك التي أصبحت تسمى(لنش).

وقد امتلك العديد من أهالي العقبة هذه القوارب، ويعد الرضاوين والبكور من أوائل من خاض غمار البحر حيث يروى أن ماضي أبوبكر كان صيادا ماهرا، وأن الرضاوين اقتنوا سفينة اسمها (أم العيلة) من قوة الحدود وأخرى اسمها (يافا)، كما أن محمد المغربي امتلك قاربا اسمه (طير النيل)، وما أن انتصف القرن العشرين حتى تجاوز عدد المراكب الأربعين مركبا، وكانت تسير في البداية بالأشرعة ثم تحولت إلى المحركات.

 

قطيرة تقوم باستعراض بحري بإحدى المناسبات الوطنية عام 1975م

أما اليوم فقد اختفت هذه المراكب وحل مكانها قوارب الصيد الصغيرة نظرا لمنع الصيد خارج الحدود الأردنية.

 

قطيرة قيد الصيانة على شاطئ البحر

رابعا :- البوط

وهو مركب قريب من القطيرة ولكنه أصغر قليلا يستعمل للصيد في الرحلات القصيرة والمتوسطة ويسير بالشراع والمجداف والمحرك، ويبدو أن كلمة بوط مأخوذة من الكلمة الإنجليزية (boat)، وأحينا يطلق على القطيرة بوط.  

البوط

خامسا :- الدنقي

وهو قارب صغير أصغر من القطيرة ويستخدم للصيد في الأماكن القريبة ويسير بالمجداف والمحرك الميكانيكي الصغير.

 

الدنقي

ويعتبر الدنقي اليوم من أكثر القوارب انتشارا في العقبة بعد منع الصيد في المياه الإقليمية حيث يستعمل للصيد والنزهة والسياحة داخل الحدود الأردنية وفي أوقات محددة.

الدنقي

سادسا :- اللنش

واللنش مصطلح ظهر في الخمسينات من القرن الماضي ولعل هذه الكلمة هي أجنبية وتطلق على القارب الذي له غرفة وطابقين وهو أكبر من القطيرة وأصغر من السنبوك ويسير عادة بالمحرك والشراع، وقد انتشر استعمال اللنشات في الخمسينات من القرن الماضي حيث امتلكت شركة الأسماك عدة لنشات وامتلك بعض صيادي العقبة اللنشات وهي بأحجام مختلفة.

 

لنشات شركة الأسماك ([14])

كما اطلق اسم اللنش على القوارب الزجاجية وعلى القوارب السريعة وعلى قوارب النزهة وعلى قوارب القطر في ميناء العقبة.

سابعا:- الهوري

وهو قارب صغير منحوت من جذع شجرة واحدة ليس فيه مسمار وعادة ما يكون متوسط طوله ثلاثة أمتار وعرضه قريبا من المتر حسب حجم جذع الشجرة التي نحت منها ويستخدم للصيد ولا تزيد حمولته عن شخص أو شخصين حسب حجمه.

 

هوري بجانب القطيرة على الشاطئ

وطريقة صناعة الهوري تبدأ بتحضير الجذع الذي سيصنع منه الهوري ويفرغ من الداخل بالقدوم وينحت من الأمام والخلف بشكل انسيابي مدبب وقد كان قليل الاستعمال في العقبة وذلك لعدم وجود أشجار بهذا الحجم في المنطقة بل كانوا يحضرون الهوري من الحجاز حيث الأشجار الكبيرة.

وأما نقله فكان يقطع ويترك عند مجرى السيل قبل الشتاء وعند قدوم السيل يجرفه إلى الشاطئ وكانا أحياناً يضعون له شراعاً صغيراً بالإضافة إلى المجذاف ولم يكن منه في العقبة إلا ثلاثة فقط في منتصف القرن الماضي وقد اختفى الهوري مؤخراً.

وتصف نجمية حكمت أول هوري رأته في العقبة عام 1940م فتقول: (وإذا بي أرى قاربا على بعد عشرة أمتار من الشاطئ كان قاربا عجيبا وكأنه قارب فرعوني صنع من شجرة ضخمة نحتت وجوفت حتى اسودّ لونه من أملاح البحر وعوامل الطبيعة والأيدي التي تناولته) ([15]).

حدثني الشيخ حميد الكبيش رحمه الله فقال: كنت أرعى الغنم وأنا صبي صغير في منطقة الساقية على الشاطئ الشمالي فرأيت هوري لحسن رضوان يرسو على الشاطئ فتركت الغنم وركبت الهوري وحررت الحبل فهبت ريح شمالية قوية فسحبت الهوري إلى عرض البحر فرآني بعض العقباوية فأخبروا اخي حسن ففزع إلى البحارة فركبوا قواربهم وحاولوا اللحاق بي إلا أن الريح منعتهم فأضاعوني وبقيت في عرض البحر والريح تسوقني جنوبا حتى اليوم الثاني، وفجأة هبت ريح غربية فقذفتني إلى الشاطئ عند الظهر فإذا انا في منطقة الحميضة جنوب مدينة حقل السعودية فلقيني بعض البدو فعرفوني فحملوني وأعادوني إلى العقبة.

 

الهوري

والجدير بالذكر أن كلمة هوري أحيانا تطلق على القوارب الصغيرة وليس فقط على القارب المنحوت من ساق شجرة واحدة.

ثامنا:- السفينة أو الظهيرة

وهي أول وأبسط أنواع المراكب التي استعملت للصيد في العقبة، حيث كان سكان العقبة قليلون وكان السمك متوفرا بكثرة على الشاطئ ولا يحتاج إلى الإبحار في عرض البحر.

 

والسفينة هي عبارة عن جذعين من جذوع النخل الطويلة والتي تسمى "الفلق" حيث يُقطع الجذع أو (الفلق) في الشتاء لتلافي أصابه بالتسوس او التشقق، ثم يربط كل جذعين مع بعضهما بعضاً، ويوضع بين الجذعين حجارة لمنعهما من الدوران في الماء والانفصال.

وهذه السفينة لا تتسع لأكثر من شخص واحد ولا يستطيع الصياد الابتعاد بها كثيراً عن الشاطئ كما لا يستطيع الصيد بها اثناء هيجان البحر، وكانوا قديماً يستخدمون الكرناف للتجديف، والكرناف "هو أصول جريد النخل العريضة".

ومن أنواع السفن أيضا "الظهيرة" وهي سفينة من ثلاثة جذوع وبطول لا يقل عن ثلاثة أمتار وتتسع لشخصين معاً.

 

 

الظهيرة

ومن الطريف أن بعض الصيادين ممن كانوا يملكون هذه السفينة كانوا يتركونها بعد انتهائهم من الصيد على الشاطئ لمن شاء من الصيادين لاستخدامها في الصيد.

تاسعا :- القوارب الزجاجية

وهي عبارة عن قارب خشبي يوجد في أرضيته نافذة زجاجية لرؤية أعماق البحر، والقوارب الزجاجية ظهرت حديثا نسبيا في العقبة ويقال أن أول قارب زجاجي ظهر في العقبة كان في منتصف الستينات من القرن الماضي ومملوك لأحد فنادق العقبة إلا أنه تحطم نتيجة الرياح الشديدة، أما أول قارب زجاجي للأهالي فكان لجواد حسن وعبدالله عبيد ياسين حيث قاما بصناعة قاربين زجاجين في نهاية الستينيات.

 

عبدالله عبيد ياسين

 

جواد حسن صانع اول قارب زجاجي

 

كتاب يبين أن عبدالله عبيد ياسين وجواد حسن يملكان قاربين زجاجيين عام 1971م([16])

 

قارب زجاجي على شاطئ البحر

 إلا أن الفضل يعود في النهضة الحقيقية للقوارب الزجاجية للريّس عبدالله عبيد ياسين رحمه الله والذي اطلق عليه لقب (ملك البحر) في هذا المجال، حيث تولى صناعة وتشغيل هذه القوارب وتطويرها منذ نهاية الستينات من القرن الماضي، وقد أضاف عليها أنواعا جديدة مثل البدالات البحرية وغيرها، وقد تراس جمعية الصيادين لدورات عدة رحمه الله.

والقارب الزجاجي هو قارب خشبي سياحي لحمل الركاب ويوجد في وسطه نافذة زجاجية أو اثنتان لكشف عمق البحر ومشاهدة الصخور المرجانية والأسماك الملونة في عمق البحر، ويختلف القارب الزجاجي عن قارب الصيد بأنه أقل عرضا ويصمم بقاريات جانبية على شكل مقاعد حول النافذة الزجاجية ويوضع له عريش لحماية الركاب من الشمس والمطر، ويسير القارب الزجاجي بالمحرك ويحمل معه كافة أدوات واحتياطات السلامة العامة.

وقد كان القارب الزجاجي يستعمل أحيانا للصيد وبخاصة في نصب الشباك وأقفاص الصيد إلا أنه تم مؤخرا إلزام القوارب الزجاجية بالرحلات السياحية وعدم الصيد بالقارب الزجاجي.

وقد شكل دخول هذا النوع من القوارب إلى العقبة نقلة نوعية على كافة المستويات السياحية والاجتماعية والاقتصادية وحتى الثقافية والتراثية وأصبح العديد من أبناء العقبة يملكون قوارب زجاجية، كما تم تأسيس جمعية خاصة بالقوارب السياحية لتنظم شؤونها والدفاع عن مصالح منتسبيها.

والقوارب الزجاجية تقو بعمل جولات سياحية إلى الأماكن السياحية في البحر مثل الصخور المرجانية وأماكن تواجد الأسماك المختلفة وكذلك أماكن الآثار الغارقة مثل السفينة التركية والطائرة وغيرها، لذلك يعد سائق القارب الزجاجي مرشدا ودليلا سياحيا يتحتم عليه المعرفة بكل هذه الأماكن كما يجب عليه امتلاك بعض المعارف العامة والتراثية والتاريخية وغيرها.

وقد كانت لي تجربة شخصية جميلة مع هذه القوارب حيث عملت في إحداها عندما كان عمري أحد عشر عاما أثناء العطلة الصيفية، فقد كان خالي علي عبيد ياسين يملك قاربا اسمه فراس قيل أنه من أقدم القوارب الزجاجية وكنت أرافقه أثناء العطلة الصيفية فأنظف له القارب وأحرسه على الشاطئ وأحمل الوقود للمحرك واساعده أثناء وجود السياح مقابل خمسة عشر قرشا في اليوم، وقد أتاح لي ذلك التعرف عن قرب وبشكل مبكر على الأماكن السياحية وأماكن المرجان والأسماك والآثار الغارقة في البحر مما زاد من تعلقي بالبحر وحبي لتراث العقبة البحري.

قوارب النزهة:

ظهرت قوارب النزهة في العقبة متأخرة نسبيا حيث كان أهالي العقبة في السابق يحملون السياح في قطاير الصيد والدناقي، إلا أنه مؤخرا تم تنظيم هذه المهنة وأصبحت قوارب النزهة تقتصر على حمل السياح للنزهة والصيد كما تم استخدام القوارب السريعة والرياضية للسياحة والنزهة.

ومن الجدير بالذكر أن القوارب الخشبية قد اختفت تقريبا وحل محلها القوارب المصنوعة من (الفايبركلاس).

الأكلات الشعبية البحرية

        تعتبر الأكلات الشعبية احدى المميزات التراثية التي يتميز بها شعب عن شعب ومجتمع عن آخر، ويعتمد تنوع الأكلات الشعبية حسب طبيعة الشعب وموارده الغذائية وتعتبر جزءاً من عاداته وتقاليده.

وأما الأكلات الشعبية في العقبة فقد تركزت على مادتين رئيسيتين هما السمك والبلح،

أما السمك فقد كان الطبق الرئيسي للمائدة العقباوية بل كان أيضا مؤونة الصياد ورفيقه في رحلة صيده حيث يأكل مما يصيده في كل يوم وليلة.

وقد تفنن الصياد في طبخه وتحضيره حتى اعد عشرات الأكلات منه سواء اثناء رحلة الصيد أو حتى في بيته في العقبة، ومن هذه الأكلات:

الصيادية (الصيدية): وهي أشهر الأكلات العقباوية الشعبية على الإطلاق، ويقدمها العقباوي للضيوف وفي المناسبات ويتباهون بها، وهي عبارة عن طبخ السمك مع عصير البندورة والبصل المقلي والبهارات، ثم طبخ الرز بمرقته ويقدم مثل المنسف.

الكشنة: وهي أكلة الصياد المفضلة أثناء رحلة الصيد، وتحضر من طبخ السمك بالبندورة والبصل والبهارات وبدون الأرز، وتقد ساخنة مع الخبز المحضر على الفحم.

الطاجن: وهي أكلة خاصة لذيذة وتحضر في صحن خاص كما يعد "الزرب" أو "المندي" حيث يوضع السمك مع البصل المقلي بالزيت وقطع البندورة والبهارات والتوابل داخل الصحن ويغلق بإحكام ثم يدفن في النار بحيث تكون النار محيطة به من كل الجوانب.

الطرطور: وهو عبارة عن طبخ السمك مع البصل والطحينة بالإضافة إلى الزيت والبهارات.

مقلوبة السمك: وهي من الأكلات المميزة في العقبة وتحضر من طبخ السمك مع الأرز والبصل والبهارات في وعاء واحد ودون استعمال البندورة وقد يضاف إليها بعض الخضراوات ويستخدم سمك خاص يخلو من الشوك.

السمك المشوي: وهي من الأكلات التي يستخدمها الصياد أثناء صيده وذلك لسهولة تحضيرها وقلة كلفتها، ويتم شواء السمك بعد تنظيفه على الفحم والحصباء الساخنة مما يعطيه مذاقا لذيذا.

السمك المقلي بالزيت: وهذه الأكلة غالبا ما تكون على مائدة العشاء بحيث يتم قلي السمك بالزيت ويقدم مع سلطة البندورة والخبز الساخن.

أغاني البحر:

التراث الغنائي أو الفلكلوري في العقبة تراث غني ومتنوع، والتراث البحري يحتل مساحة واسعة فيه حيث تجد ان المفردات البحرية ومصطلحات البحر حاضرة في الكثير من الأغاني الشعبية في العقبة والتي يطلق عليها أغاني البحر.

 

وينقسم الفولكلور الغنائي البحري في العقبة إلى قسمين أساسيين هما حداء الصيد والعمل وأغاني البحر. 

أغاني الصيد والعمل البحرية: فالصيد هي المهنة الرئيسية لأهالي العقبة حتى لا تكاد تجد أحدا من أهالي العقبة إلا ويمارس الصيد بشكل من الأشكال، والصيد كما هو معروف من المهن الشاقة التي تحتاج إلى الجهد والصبر والتوكل والمراس، لذلك نجد أن الصياد يفزع إلى الغناء والحداء أثناء الصيد ليتغلب على مشاق الصيد وتبعاته وليسري عن نفسه وزملائه وليرفع من همته ومعنوياته.

أغاني الإبحار والصيد: وتبدأ أغاني الصيد مع بداية رحلة الصيد فبعد أن يجمع الصياد أمتعته في قاربه ويتوجه نحو عرض البحر وكله امل بتوفيق الله له ورزقه الوفير فيقود قاربه نحو أماكن الصيد البعيدة حيث تستغرق رحلة الوصول إلى هذه الأماكن أحينا يومين من السفر المتواصل ولا يصطاد خلالها الصياد بل يكون في حالة سباق مع الزمن للوصول في أقرب وقت.

وأثناء المسير يحاول الريّس أو أحد الصيادين التسرية عن زملائهم ونشر جو من الفرح والتفاؤل والبشر وبخاصة إذا كانت الريح مواتية والبحر هادئا اثناء الإبحار فيجلس الريّس في مقدمة القارب ويمسك أحد الصيادين بالسكان ليقود القارب ثم يبدأ أحد الصيادين بالحداء والغناء والمواويل لترطيب الأجواء وقد يصطحب بعضهم السمسمية وبخاصة إذا كان يتقن العزف عليها، وكان عبد الواحد أبو عبدالله يصطحب سمسميته معه في رحلة الصيد.

ومن أغاني البحر الجماعية:

عندك بحرية يا ريس                 وزنود قوية يا ريس

والبحر غزير يا ريس        قطَع جنازير يا ريس

والبحر جبال يا ريس                   قطَع حبال يا ريس

جوزني بنتك يا ريس            ما تخافش عليها يا ريس

ووسط هذه الأغنية يخرج أحد البحارة بموال فيقول موجهاً كلامه للريس:

يا عمنا الريس أنا لي مسألة عندك

عشق الجمال حلال ولا حرام عندك

قال لي إن كان معك مال

عشق الجمال حلال عندي

وان كان ما فيش مال

عشق البنية حرام عندي

وهذا الغناء أيضا يتكرر أثناء العودة من الرحلة وبخاصة إذا كان الصيد وفيرا، وتزداد الحماسة كلما اقتربوا من العقبة حتى إذا ما ظهر لهم نخيل العقبة وبيوتها ضج الجميع بالغناء والحداء والمواويل وبخاصة اغنية:

سالمة يا سلامة     والحمد الله ع السلامة

سالمة يا سلامة     والحمد الله ع السلامة

أغاني الصيد: وهي نوع من الحداء والغناء البحري أثناء الصيد وهو كالغناء اثناء أي مهنة أو عمل يمارسه الإنسان كالزراعة والحرف المختلفة والسير في الصحراء وغيرها.

فالصياد عندما يصطاد في أعماق البحر ويدلي سنارته وينتظر ان تعلق بها الأسماك يقوم بالتسرية عن نفسه وزملائه بالغناء، وتزداد الحماسة عندما يكثر الصيد فيغني بكل أنواع المواويل التي يعرفها.

وعندما يسحب خيطه وسنارته وتبدأ السمكة بالظهور على سطح الماء يغني الحداء التالي:

توو بين    توو بان

توو بين    توو بان

 ويبقى يكررها حتى يخرج السمك فيعرف زملاؤه الصيادون أنه قد أخرج سمكته من البحر فتزداد الحماسة ويزداد العمل.

وهناك غناء جماعي يشارك فيه معظم الصيادين وبخاصة عندما يسحبون الشباك من البحر معا فيغني أحدهم فيقول: 

يا مصلي

ويرد الباقي:                                صلي

ثم يكملون:

صلي يا مصلي       صلي

على   نبينا            صلي

والي ما يصلي        صلي

امه     يهودية        صلي

  وأبوه    درملي         صلي

وعندما تزداد الحماسة فينتقلون إلى اغنية جديدة وهي:

النبي يا زين نوره       النبي يا زين نوره

النبي قصدي ازوره    النبي قصدي ازوره

ألذي صلى وصام          ألذي صلى وصام

يدخل الجنة قوام            يدخل الجنة قوام

يا رعى أم اليتيم             يا رعى أم اليتيم

فَلَهُ أجر عظيم                فَلَهُ أجر عظيم

وهذه الأغاني أيضا يغنيها الصيادون أثناء العمل في صيانة القارب واثناء إنزال القارب وإخراجه من البحر للصيانة.

 

والغناء البحري جزء أصيل من تراث البحر والتراث الشعبي في العقبة، كما أن العديد من الآلات الموسيقية لها علاقة بالبحر، فعلى سبيل المثال تعتبر السمسمية والتي هي الآلة الموسيقية التراثية الأبرز في العقبة تعتبر آلة موسيقية سواحلية وتنتشر بشكل كبير على سواحل البحر الأحمر والبحر الأبيض والخليج العربي، لذلك يعتبر الغناء البحري هو العمود الفقري للغناء الشعبي في العقبة.

والغناء البحري أو أغاني البحر في العقبة حملت صفات وملامح الغناء السواحلي في المنطقة فالبحر هو نافذة العقبة على المناطق والصيادون الذين يجوبون البحر طولا وعرضا ويتجولون على سواحل مصر والسعودية وحتى اليمن قد شكلوا حالة من التبادل الحضاري والتراثي فأثروا وتأثروا بتراث المناطق المجاورة مع احتفاظهم بخصوصية وتميز تراث العقبة.

من هنا نجد ان الغناء الشعبي في العقبة وبخاصة أغاني البحر قد حمل الكثير من لمسات وبصمات المناطق المجاورة وبخاصة مصر والجزيرة العربية فتشابه أو تطابق معه في بعض المصطلحات والألحان والأدوات.

 

 وأغاني البحر هي الأغاني التي يرددها الصياد اثناء صيده أو عمله أو هي التي تحمل مفردات البحر ومصطلحاته، وغالبا ما تكون عبارة عن موال أو أغنية أو اهزوجة يرددها الصياد أثناء الصيد وبخاصة عندما يكون الصيد وفيرا فيعبر عن سعادته بالغناء الحداء فيصف البحر والسمك ويحدث الريّس عن محبوبته ويبين مهارته في الصيد وحبه للبحر، كما يرفع الصياد عقيرته بالغناء أثناء قيادته لقاربه وعندما تكون الريح مواتية والبحر هادئا.

دقة الدقماق:

الدقماق هو مطرقة أو شاكوش خشبي يستعمله الصياد في عدة استعمالات منها صيانة القارب ومنها تفتيت ألواح الثلج لحفظ السمك وغيرها من الاستعمالات.

وأثناء صيانة الصياد لقاربه بواسطة الدقماق يقوم الصياد بالطرق بالدقماق على الإزميل بطرقات منتظمة تشكل إيقاعا موسيقيا يشبه دقة المهباش أثناء تحضير القهوة.

الرقص الشعبي:

        وأما الرقص الشعبي فهو جزء من تراث العقبة الغنائي وهو على عدة ألوان وأنواع منها الرفيحي والعرضة والسحجة.

العرضة:

        والعرضة هي رقصة عقباوية قديمة وهي منتشرة في المنطقة وبالذات في الجزيرة العربية مع بعض الاختلاف من منطقة إلى أخرى.

وقيل أن أصل العرضة كانت تقام احتفالا بقدوم البحارة من رحلات الصيد إلا أنها أصبحت بعد ذلك تقام في الأعراس والمناسبات الاجتماعية المختلفة.

وتبدأ العرضة العقباوية باصطفاف الرجال صفاً واحداً على شكل قوس، ثم يتوسطهم حامل السيف فيلوح بالسيف بيمينه وبالغمد بيساره، ويقف على رأس كل صف ضارب الطار، وتبدأ الرقصة بإشارة من حامل السيف والذي يعتبر قائد الفرقة حيث يشير بالسيف إلى الرجال فيشبكون الأيدي ويحركونها بشكل دائري يشبه التجذيف ويرفعون الأرجل بانتظام بمقدار عشرين سنتيمتراً ثم يضربونها بالأرض، وفي اثناء ذلك يبدأ الجناح الأيمن من الصف بترديد صدر البيت فيرد عليه الجناح الأيسر بعجز البيت وهكذا حتى يشتد الحماس فيقترب القائد بسيفه من الصف ويضرب بقدمه ثلاث ضربات على الأرض فيردد الثلاثة المقابلين له بنفس الضربات وهكذا يستمر القائد بالرقص أمام الصف ملوحاً بسيفه وغمده.

ومن قصائد العرضة الأبيات التالية:

يا الله اليوم وجه جاهنا                       واكفينا شر ولدات النحوس

يا الله اليوم نطلبك الستيرة           وان بلينا عوايدك الجميل

سيدي حسين كما نمر غدا           وصقر صنّات لحين اللزوم

        ويكون لحن قصائد العرضة أبطئ من لحن الرفيحي وعدد المجموعة زوجي يصل إلى أربعة عشر شخصاً وتعقد العرضة لاستقبال الحاج أو الزائر وفي الأفراح والمناسبات السارة.

الرفيحي:

        والرفيحي أيضا من الرقصات العقباوية القديمة وقيل أنها في الأصل هي رقصة الحرب كانت تقام لحث الرجال على الحرب والصبر والثبات، إلا أنها كالعرضة أصبحت تقام في الأفراح والمناسبات المختلفة.

        وتبدأ الرفيحي باصطفاف الرجال صفين يتوسطهم القائد حامل السيف ويقف على جانب كل صف حامل الطار ويشير القائد بسيفه موعزاً ابتداء الرقصة فتشتبك الأيدي ويبدأ الغناء ومن قصائد الرفيحي:

شد الحرايب يا حسين                                        لا يرتخي مسمارها

وأبوك قبلك ما يخاف                                 يفرح بشبت نارها

وحسين حايم بالسما                                  يدور نصر المسلمين

يا حسين حنا عزوتك                                 على الموت الأحمر دزنا

نعاهدك والرب يعلم                                   حنا على ما تبتغي

يا حسين وابشر بالفرج                      جيناك لو انك بعيد

جيناك يا عويد بزفة                          بين البنادق والرماح

الصقر ما يلطم بكفه                          ما يلطم إلا بجناح

سلامي مني والسلام                      على الربوع الوفية

السحجة العقباوية:

        من الرقصات التراثية القديمة وهي تشبه في أدائها الرفيحي غير ان الصفين يتقدمان ويتأخران حسب إشارة قائد المجموعة أو حامل السيف.

حامل السيف يتقدم من الصف الأول فيجلس أمامه فيجلس الصف معه ثم يقف ويوقف الصف كذلك.

 وبعدها يتوجه إلى الصف الثاني بنفس الحركات ثم يجلس الصفين معاً، وأما قصائد هذه السحجة فهي:

سبب عيني من عيونك                               سببها انت ما غيرك سببها

وأنا حطني في جوف نونك                           عسى العين يكسيها هذبها

وأنا يا سهيف يا رهيف                                      وأنا يا عويد الخيزرانة

وأنا يا سيدي اليوم مضمونك                                مع اللي تُرجي ولدها

وأنا يا هيلي شدوا ومدوا                                    وخلّوا منازلهم خليّه

وأنا يا راكب على زريقان                                    وندمان يا راعي الردية

وبعد ذلك تنتقل المجموعة إلى قصيدة أخرى بلحن جديد وهي:

شوفوني دونكم ساري                                يا عقيد الحرامية

وأنا ميشانك يا فلان                                  لا قطع الشوك بايديه

وأنا ميشانك يا علي                                  لأفرع وارمي الطاقية

وأنا ميشانك يا ولى                                  لامشي والرجل جفة

والعبوا وسلّوا بعضكم واللعب ما هو ردية

ثم تنتقل المجموعة إلى لحن آخر وهو:

صفينا لا تقربونا                              وازحفوا وحنا وراكو

يا جاهل دور كبارك                                   والخطا ما يجي منا

يا علي لولاك منا                                     لانهبك واخذ عزالك

وتديرق عني بحصيّة                         يحسبني عمي ما شوفه

***

يا ولد يا حربي                                        سايق الجنبية

بندقي ربابي                                           بالذهب مطلية

***

شفت قمرية                                           براس العلية

مين اجيبها لي                                        ويأخذ المية

شفتلي حاشي                                      صغير وماشي

زين الرماشي                                         عينة رمية

السحجة البدوية:

        وكان العقباوية أحيانا يؤدون رقصة السحجة البدوية في احتفالاتهم ومناسباتهم وتبدأ الرقصة باصطفاف الرجال على شكل قوس يتوسطهم الحاشي ومعه ضاربي الطار وتؤدى هذه الرقصة مع التصفيق ومن أبيات هذه السحجة:

سليم سليم ويش اسوي في محبوبي

ولقى الخلا وأعطى المفاتيح عبد الله

سقى الله سقى الله من سقاني وأنا ضميان

وعلّق لي البدرة على الدرب واسقاني

أنا ما احسبنك يا هوى البال تنساني

وتسمع كلام الناس يا حبيب فيّه

وانا ما احسبن الزين هذا مع البدوان

ترى زينهم زايد على الحضر بشويه

يا حليلك يا راكب الهجين                                    يوم تلفي بغيابها

لا تجر الرخي بالهجين                               لا تجي ذكر ابطالها

بكرتني غادية من سنين                                      نحمد الله بعقلانها

نحمد الله رمينا السمين                                       يوم شدّت نيشانها

ويش تشهدوا يا حاضرين                                    كل كلمة بميزانها

الدحية:

        وأما الدحية فيؤديها العقباوية في بعض المناسبات وهي تشبه تماماً دحية البدو إلا أن العقباوية لا يشاركهم النساء بالرقص بل يكون الحاشي بالسيف رجل، وقد كانت الدحية دارجة في العقبة قبل العرضة والرفيحي وكانت تقام الدحاحي من المساء وحتى طلوع الفجر وقد اشتهر بعض العقباوية بحفظهم لقصائد الدحاحي منهم (حميد الكباريتي، وحسن الخوجة) وأما اشهر من أتقن العرضة والرفيحي خلال النصف الأول من هذا القرن فهو (كليب مصطفى) حيث كان يضرب به المثل في قيادة فرقة الرفيحي والعرضة وكان يستدعي لإحياء الأفراح في القويرة عند البدو وتلاه بعد ذلك الحاج جميل القباني.

أشهر العازفين والمطربين الشعبيين في العقبة:

وقد اشتهر العديد من المغنيين في العقبة، ففي العشرينات من القرن الماضي اشتهر كل من عبد الحميد أبو الدوح وعيد الجهني بالغناء والعزف على السمسمية والربابة أيضا، واشتهر أيضا علي الشرقاوي، وعباس الفاخري وسلمان الحجازي وجمعة شحادة وغباشي الخوجة وربيع حسن الخوجة وعطية عبد الهادي واسماعيل عبد السيد وجبر عايش وأحمد عبدو البدري وراضي علي اسماعيل ورسمي عبد الهادي وعمر ربيع الخوجة.

وتبعهم أيضا جيل جديد من العازفين والمطربين الشعبيين مثل: عبدالله محمود أبو عوالي وحمدي جميل ماضي، وخميس فايز الدردساوي، وحسن الفايز، وحسن محمد دراوشة، ومحمد عربي الخوجة، وأيمن بشير اليماني، ومحمد غباشي الخوجة وأحمد مطر صباح وسعيد أبو معيتق وسعيد الجارحي وإسماعيل أبو عوالي وأحمد حسين عطية وحسين النابلسي ومحمود نجم وغيرهم الكثير.

ومن العازفين على السمسمية:-

حمدي جميل ماضي أبو بكر

 

العازف حمدي جميل ماضي

 

وهو من أبرز المغنين التراثيين والعازفين على السمسمية وهو يعتبر من الجيل الذي ساهم في الحفاظ على السمسمية وطورها وأحيا التراث الغنائي في العقبة، وقد ولد في العقبة عام 1966م وأكمل دراسته الثانوية في العقبة حيث عمل في القطاع الخاص.

مارس حمدي جميل العزف على السمسمية والغناء التراثي منذ نعومة أظفاره حيث تتلمذ على يد عبد الواحد أبو عبدالله ثم صنع أول سمسمية له من جالون الزيت، وبدأ تعلم العزف حتى أصبح محترفا ومميزا، حتى غدا العازف الرئيسي في العقبة لفترة طويلة وكان له الفضل في تواصل حضور السمسمية في المناسبات والاحتفالات المحلية.

 

وقد شارك حمدي جميل في العديد من المناسبات والأفراح والفرق الفنية ويعتبر العازف حمدي من أبرع العازفين على السمسمية وقد ترك أثرا كبيرا في هذا المجال  وكان له سهم في تطوير السمسمية ونقلها من جيل إلى جيل وإحياء التراث الغنائي الشعبي للعقبة.

وبعد نضوج موهبته تحول حمدي إلى التدريب على العزف على السمسمية وقد أصبح مدربا للعديد من العازفين الشباب الذين مارسوا العزف والغناء الشعبي.

التحق حمدي بجمعية العقبة للثقافة والفنون والتراث وواصل مشواره الفني والتراثي من خلالها ومن خلال فرقتها الفنية، وقد كانت له العديد من المشاركات المحلية والوطنية مثل: مهرجان جرش لدورات عدة، ومهرجان شبيب، ومهرجان العقبة للفنون الشعبية، والعديد من المهرجانات والاحتفالات المحلية، وقد توارى هذا العازف مؤخرا لأسباب صحية.

سفيان جاسر عبد الفتاح عيد (مطور السمسمية وملكها):-

من مواليد العقبة عام 1971م وقد أكمل دراسته في مدارس العقبة والتحق بالعمل الرسمي في مؤسسات المدينة، ويعد سفيان جاسر من أبرز عازفي السمسمية في العقبة بل يعتبر المعلم الرئيسي فيها حيث يعتبر أول وأكثر من طور السمسمية العقباوية شكلا وأداء، فأضاف لها أوتارا جديدة وصلت إلى تسعة عشر وترا بعد أن كانت خمسة أوتار ثم أضاف الوتر العشرين والذي سماه (المعلم) وهذا الوتر ينسجم مع كافة الأوتار الأخرى، وزيادة الأوتار تعني قدرة السمسمية عزف كافة المقامات والموسيقية والألحان الغنائية مما تساعد العازف على التعامل معها، مع أنها تحتاج إلى مهارة عالية للعزف على هذه الأوتار.

 

سفيان جاسر

ولا يقتصر دور سفيان جاسر على تطوير السمسمية بل كان له الفضل في نشرها وتسويقها محليا وعالما حيث شارك بمئات الفعاليات المحلية والدولية والتي كانت ميدانا لإبراز مواهبه وإبداعاته فسجلت السمسمية العقباوية حضورا دوليا ومحليا لافتا.

فقد كانت لسفيان جاسر العديد المشاركات الدولية في فرنسا وألمانيا ومصر وغيرها إضافة إلى مشاركاته المحلية والوطنية في مهرجان الفحيص، ومهرجان جرش، ومهرجان شبيب والمهرجانات والنشاطات المحلية في العقبة.

ويتمتع سفيان جاسر بمهارة عالية في العزف جعلته يطوع السمسمية فيؤدي بها أصوات معظم الآلات الموسيقية الأخرى بل لقد استطاع ان يروض المقامات الموسيقية العربية جميعها ويؤديها على السمسمية، واستطاع الانتقال بين المقامات الموسيقية، ولقد شهدت له عزفا على السمسمية في إحدى المناسبات الرسمية حيث عزف السلام الملكي الأردني بطريقة إبداعية جعلت راعي الحفل يقوم من مكانه ويعانق سفيان جاسر إعجابا به.

التحق سفيان جاسر بجمعية العقبة للثقافة والفنون والتراث، وهو يقود حاليا فرقة العقبة البحرية للفنون الشعبية والتي تؤدي أغانيها ومشاركاتها على السمسمية بشكل أساسي، كما يقوم بدور بارز في تدريب العازفين الشباب إضافة إلى دوره في مساعدة الباحثين والدارسين والإعلاميين في إجراء الدراسات والأبحاث على السمسمية.

وحصل سفيان جاسر على العديد من الجوائز وشهادات التقدير والتكريم منها حصوله على المركز الثاني في مسابقة عمان عاصمة الثقافة العربية لعام 2002م إضافة إلى تكريمه من قبل جامعة البتراء والجيش العربي والدفاع المدني وسلطة العقبة ووزارة الثقافة وغيرها من المؤسسات.

أحمد حسين عطية بسيوني

ولد في العقبة عام 1966م ودرس في مدارسها وقد مارس الغناء والعزف منذ طفولته، وهو عضو في جمعية العقبة للثقافة والفنون والتراث، ويعتبر احمد حسين مؤلف ومطرب شعبي حيث ألف ولحن العديد من الأغاني الشعبية منها اغنية (يالخيزرانة) وأغنية (ابن الأردن) وغيرها.

كما شارك احمد حسين عطية في العديد من النشاطات والمهرجانات المحلية في العقبة إضافة إلى مشاركته في الأفراح والمناسبات الاجتماعية.

محمد عبد الصالحين حسن الخوجة

من مواليد العقبة عام 1976م ودرس في مدارسها، وهو عضو في جمعية العقبة للثقافة والفنون والتراث، وهو أيضا عضو فرقة العقبة البحرية، ويعد محمد الخوجة مطربا شعبيا وعازف سمسمية، له العديد من المشاركات الدولية والمحلية مثل فرنسا وألمانيا وتركيا إضافة إلى مشاركته في مهرجان جرش، ومهرجان شبيب، ومهرجان العقبة للفنون الشعبية، ومهرجان الفحيص، وفي العديد من المهرجانات والاحتفالات الوطنية والشعبية.

عبدالله محمود أبو عوالي

ولد في العقبة ودرس في مدارسها، تعلم الغناء والعزف منذ نعومة أظفاره ثم التحق بجمعية العقبة للثقافة والفنون والتراث وأصبح عازفا رئيسيا في فرقتها ثم التحق بفرقة العقبة البحرية للفنون الشعبية.

 

عبدالله محمود أبو عوالي

له العديد من المشاركات المحلية والدولية، وشارك في العديد من المناسبات والاحتفالات الوطنية والاجتماعية وله بصماته الواضحة على العزف السمسمية.

الفرق الفنية البحرية:

كان الغناء البحري في العقبة والغناء الشعبي بشكل عام يمارس بشكل فردي وقد كان معظم المطربين الشعبيين يمارسون الغناء والعزف على السمسمية في الأعراس والمناسبات الاجتماعية والاحتفالات الرسمية وبشكل فردي، وحتى الرقصات والأغاني الجماعية كانت تأخذ الطابع الفردي أيضا.

إلا أن الأمور بدأت تأخذ النهج المؤسسي في بداية ستينات القرن الماضي بعد تأسيس نادي العقبة وعودة العديد من أبناء العقبة من دراستهم في الخارج حاملين معهم خبرات وأحلام ومشاريع فنية تراثية، فبدأ هذا الحراك الفني والتراثي والثقافي يتمظهر على شكل تجمعات وفرق فنية.

فقد تشكلت أول فرقة للأغاني في العقبة عام 1967م باسم (فرقة شباب العقبة) والتي قدمت كثيرا من الأغاني الشعبية والأغاني البحرية والمنولوجات المسرحية على مسرح سينما الاهلي في العقبة، ومن أبرز أعضاء هذه الفرقة "مصباح الشريف، وعطا الله علي عيد، وكرم أديب ماضي، وعبد الوالي جميل القباني، ويوسف شكري.

        بعد ذلك شكلت فرقة نادي شباب العقبة للرفيحي عام 1970م والتي ضمت معظم شباب فرقة شباب العقبة، وقد قدمت العديد من المشاركات الفنية في المناسبات الاجتماعية والرسمية.

في نهاية الثمانينيات تبنت بلدية العقبة الفرقة وأصبحت تابعة لها وقدمت مشاركاتها باسم البلدية.

 وفي مطلع التسعينات من القرن الماضي أعيد تشكيل فرقة الرفيحي وأصبحت تابعة لجمعية أبناء العقبة للتراث الشعبي والمهني.

 

ومن الفرق الفنية التي مارست الغناء البحري الشعبي في العقبة والتي مازالت قائمة حتى الآن:

فرقة العقبة للفنون الشعبية

تعد فرقة العقبة للفنون الشعبية امتدادا لفرقة الرفيحي التابعة لجمعية العقبة للتراث الشعبي والمهني، وسبب تأسيسها كما يروي محمد عطية العسيلي، أن الفرقة قدمت إحدى مشاركاتها في مدينة معان وبحضور وزير الثقافة آنذاك السيد محمود السمره، وقد أعجب الوزير بأداء الفرقة واقترح عليهم تسجيلها بشكل رسمي في وزارة الثقافة وعرض عليهم المساعدة في ذلك.

وفعلا تم تقديم طلب التسجيل وتمت الموافقة بشكل سريع وتأسست فرقة العقبة للفنون الشعبية عام 1992م، وترأسها كل من محمد ذياب الكيال ومحمد عطية العسيلي وعبد الرحمن سعود بيومي بالتناوب.

شكل تأسيس هذه الفرقة نهضة في الفنون الشعبية في العقبة ومأسسة للعمل التراثي والثقافي، حيث ضمت نخبة من قدامى العازفين والمطربين الشعبيين، إضافة مجموعة من العازفين الشباب مما شكل حالة من التواصل وتوارث الخبرات، وقد أخذت هذه الفرقة على عاتقها إعادة إحياء الغناء الشعبي العقباوي فقدمت العديد من المشاركات المميزة في الغناء الشعبي والعزف على السمسمية والرقص الشعبي والرفيحي والعرضة والسحجة وطافت بسمسميتها الكثير من دول العالم وشكلت حضورا دوليا كبيرا.

كما عملت الفرقة على خطين متوازيين أولهما: إحياء الغناء الشعبي القديم، وثانيهما:  تطوير أدائها وأدواتها فألف عدد من عازفيها الأغاني الشعبية الجديدة وطوروا السمسمية واستحدثوا أعذب الألحان واستخدموا الطار والمرواس والطبل ودربوا الشباب الجدد وسوقوا العقبة والأردن بفنهم وإبداعهم.

ويحسب لهذه الفرقة أنها بالرغم من التطوير والتحسين الذي مارسته في أدائها وأدواتها إلا أنها حافظت على أصالة التراث الشعبي للعقبة وتمسكت بهويته وملامحه الأصيلة ودافعت عنه.

في عام 1995م تم تغيير اسم الفرقة إلى جمعية العقبة للثقافة والفنون والتراث/فرقة العقبة للفنون الشعبية، وبذلك توسع مجال عملها وأصبحت تمارس كافة النشاطات الثقافية إضافة إلى الفولكلور الغنائي، وقد قادت الجمعية العمل الثقافي في العقبة بكل اقتدار وحرفية وقدمت منظومة من الفعاليات والنشاطات الثقافية التي أثرت المشهد الثقافي في العقبة، ويحسب لرئيسها محمد عطية العسيلي آنذاك نشاطه وحماسه للثقافة والتراث المحلي، ولا زالت الجمعية وفرقتها تقدم العديد من المشاركات المحلية والوطنية والدولية وقد حصلت على العديد من الجوائز وشهادات التقدير والتميز.

فرقة العقبة البحرية للفنون الشعبية

تأسست فرقة العقبة البحرية للفنون الشعبية عام 2000م على يد العديد من العازفين والمطربين وحملة وحماة التراث المحلي منهم رئيس الفرقة عماد جمعة الكباريتي ومحمود الكباريتي وعبد الواحد محمد أبوعبدالله واسماعيل أبو عوالي وعبدالله محمود أبو عوالي، وسفيان جاسر عيد وغيرهم، وقد شكل تأسيس هذه الفرقة أضافة نوعية في تطوير وحماية وتوثيق التراث الشعبي والبحري في العقبة من خلال تخصصها في الغناء الشعبي والغناء البحري والعزف على السمسمية والرقص الشعبي والرفيحي والعرضة والسحجة وغيرها.

 

فرقة العقبة البحرية

 فقد أسهمت هذه الفرقة في إحياء التراث الغنائي الشعبي من خلال:

 أولا: التركيز على الأغاني الشعبية المحلية وتأليف أغاني جديدة على منوال الأغاني القديمة من قبل مطربيها وعلى رأسهم عبد الواحد أبو عبدالله.

ثانيا: مساعدة الباحثين والمتخصصين في دراساتهم وأبحاثهم عن التراث الشعبي المحلي في العقبة.

ثالثا: عقد العديد من الدورات الفنية وتدريب العازفين الشباب على فنون العزف والغناء والرقص الشعبي كما احتضنت كبار العازفين والمطربين الشعبيين في العقبة مما كان له أكبر الأثر في نشر وتوثيق وتوظيف التراث الشعبي المحلي.

كما طور عازفوا الفرقة وعلى رأسهم سفيان جاسر السمسمية العقباوية شكلا وأداء، فأضافوا لها أوتارا جديدة وصلت إلى عشرين وترا، مما زاد من قدرة السمسمية عزف كافة المقامات والموسيقية والألحان الغنائية.

وسعت الفرقة إلى نشر وتسويق التراث المحلي للعقبة محليا وعالميا من خلال مشاركتها بمئات الفعاليات المحلية والدولية.

 

الآلات الموسيقية الشعبية في العقبة

الأغاني الشعبية في العقبة تتميز بالتنوع والتعدد وتأخذ عدة ألوان وتؤدى بعدة أدوات وآلات موسيقية شعبية، ومن هذه الآلات:

السمسمية العقباوية :

والسمسمية من أشهر الآلات الموسيقية في العقبة وهي من الآلات الفريدة على مستوى الأردن بحيث تتميز بها مدينة العقبة.

وتعتبر السمسمية من الآلات الوترية القديمة وتنتشر بشكل واسع على سواحل البحر الأحمر والجزيرة العربية مع بعض الاختلاف بين منطقة وأخرى.

أما السمسمية العقباوية فهي امتداد لهذا التاريخ العريق من الآلات الوترية وهي جزء من التراث السواحلي للبحر الأحمر، أي أن السمسمية هي أحد مفردات التراث البحري في العقبة.

 

وقد انتشرت السمسمية واشتهرت بشكل واسع في العقبة في بداية القرن الماضي وقيل أن من أوائل الرواد في العزف على السمسمية في تلك الفترة هما "عبد الحميد أبو الدوح وعيد الجهني" وفي بداية الثلاثينات برز العازف العقباوي والذي يعتبره أهالي العقبة (أبو السمسمية العقباوية) وهو (طلب صالح عباس ياسين) وصنع أول سمسمية له بنفسه عام 1938م وقد فاق طلب معلمه على هذه الآلة.

 

سمسمية من أغصان الشجر وجلد السمك

وتصنع السمسمية في الغالب من قبل العازف نفسه لذلك تعتبر آلة شخصية للعازف بحيث يصنعها مناسبة له من حيث طول الأذرع وحجم الصحن والأوتار وغيرها من الأطوال والأشكال، وتتكون السمسمية العقباوية من الأجزاء التالية:

الصحن: وهو صندوق الصوت الرئيسي وكان يصنع قديماً من الهنابة وهي صحن خشبي بيضوي أو كروي ويصنع من قطعة خشب أو جذع شجرة مجوف ومحفور، وقد يكون الصحن من القدح المعروف، وهو عبارة عن قطعة خشب بيضوية الشكل مجوفة ومحفورة، وقد يستعمل صحن من النحاس أو المعدن ويغطى الصحن بجلد سمك (الهظروم) حيث يكون اتجاه الشوك إلى الداخل ويستعمل جلد سمك (الهظروم) لمتانته وشدة تردد الصوت عليه.

 ويستعمل أحيانا جلد الماعز أو الجمل في حالة عدم وجود جلد (الهظروم) إلا ان جلد الهظروم أفضل، ويثبت الجلد على الهنابة بحبل من الليف يجمع بحلقة من أسفل الصحن حيث يبدو الصحن كأنه طبل.

الأذرع: وهي عبارة عن أذرع من أغصان من الشجر أو الخشب وطول الذراع الواحدة (60سم) تقريباً وهي ثلاث أذرع تربط ببعضها على شكل مثلث يثبت رأسه داخل الصحن ويسمى الذراع العلوي (الممسك) ومنه تحمل السمسمية، أما الذراع السفلي فيسمى (المسند) لاستناده على ركبة العازف، أما الذراع الثالث فهو قاعدة المثلث ويسمى (العامود) وهو الذي يحمل مفاتيح الأوتار بحيث يثقب بخمسة ثقوب في الوسط.

الأوتار: وهي خمسة أوتار من الحديد، وكانت تستخدم أسلاك التلفون المعدنية، واليوم نستخدم أسلاك فولاذية خاصة.

 وتكون أوتار السمسمية عادة متساوية الطول والسُمك تقريبا وتربط من أول الصحن بحلقة وتمتد فوق الصحن حتى الذراع الثالث للسمسمية حيث تشبك بالمفاتيح.

المفاتيح: وهي عبارة عن قطع من الخشب أسطوانية تشد الأوتار وتثبت في ثقوب الذراع الثالث وتستعمل (لدوزنة) السمسمية.

الغزالة: وهي قطعة خشب توضع تحت الأوتار على سطح الصحن لرفع الأوتار عن الصحن.

الريشة: وهي قطعة من البلاستيك المرن ويستعملها العازف للضرب على الأوتار للعزف.

2.المرواس:

وهو عبارة عن طبل طوله 70سم تقريباً وقطره 50سم ويوضع الجلد على طرفيه وغالباً ما يكون من جلد الجمل أو الماعز.

 

وكان المرواس يستعمل في الأغاني والرقصات الشعبية وأشهر من كان يستعمله في العقبة هو هديب الدوسري.

 

3. الطار:

والطار نوع من الدفوف وهو عبارة عن اطار خشبي لا يتعدى سمكه 15سم وبأقطار متفاوتة ويثبت على أحد طرفيه جلد غنم، والطار أقدم آلة موسيقية استخدمت في العقبة في الأغاني الشعبية والرقصات وفي الغناء الصوفي أيضا ويستخدم بالضرب باليد أو بعصا.

4. البازات:

        وهي نوع من الدفوف وتشبه الطار إلا ان معظمها من اطار معدني مخروطي وكانت تستخدم لحلقات الذكر في الزوايا الصوفية في العقبة وهي قديمة الاستعمال في العقبة.

 

5. الشبابة:

وهي عبارة عن قضيب من القصب وكانت تستعمل في العقبة قديما إلا أنها كانت محدودة الاستعمال، وكان أشهر عازفي الشبابة في العقبة هو (عيد الجُهني).

 

عازف الناي (الشبابة) على شاطئ البحر في القرن الماضي

6. الربابة:

تعد الربابة من الآلات الموسيقية البدوية وقد نقلها أهالي العقبة عنهم حيث تعلم العزف عليها بعض أهالي العقبة مثل (فرحات احمد درويش وغيره) وكان يغني القصيد عليها في الأفراح العقباوية.

7. الطبل:

وقد استعمل حديثا في العقبة حيث كانوا يستعيضون عنه بالطار والمرواس، أما اليوم فأصبح يستعمل بكثرة من قبل العازفين والمطربين الشعبيين.

 

الجالون (القلن):

غالبا ما كان الصياد يغني مواويله أثناء الصيد دون استخدام أدوات موسيقية وذلك للترفيه عن نفسه وتحفيز أقرانه، ولكن قد تدركه الحماسة والطرب أو يفرغ من صيده وعمله فيرغب في الغناء والرقص والمواويل وقد يحتاج إلى الطبل فيستعمل ما طالت يده في قاربه، فكان بعض الصيادين يطبل على قارية القارب أو سطح الثلاجة.

والطريف أن الصياد اكتشف آلة موسيقية جميلة متوفرة بين يديه ولا تفارقه في رحلته وهي جالون الوقود لمحرك قاربه، فقد كان الصياد يحمل معه في رحلة صيده عددا من جالونات الوقود المعدنية لمحرك قاربه وهذه الجالونات انتشرت في العقبة منذ بداية الأربعينات في القرن الماضي من قبل الجيش، وقد استخدمها الصياد كطبل أو مرواس فيخرج منه صوت جميل وإيقاع موسيقي فريد.

 

جالون الوقود المعدني

وقد انتشر استعمال الجالون في العقبة ولم يعد يقتصر على الصيادين في البحر بل أصبح العزف عليه في الأعراس والمناسبات المختلفة.

كما اشتهر العديد من المغنيين في العقبة بمهارتهم في استعمال الجالون والطرق عليه وتطويع إيقاعاته حسب اللحن والأغنية الشعبية، ومن أشهر المغنيين على الجالون هو راضي علي ياسين.

ويستخدم المغني الجالون بوضعه منصوبا بين فخديه ويضرب بيديه على وجهي الجالون بالتناوب وحسب الإيقاع الذي يريده.

 

 

 

المعتقدات الشعبية البحرية

في كل المجتمعات البشرية تكثر وتنتشر المعتقدات الشعبية والتي تكون جزء من ثقافة الشعوب وتراثهم، وفي تراث العقبة العديد من المعتقدات الشعبية التي طالت العديد من الجوانب الحياتية ومنها ما يتعلق بالمعتقدات البحرية والتي لها علاقة بالبحر ومفرداته مثل ما يتعلق بالسمك والصيد والمرجان وغيرها، وهنا يجب أن ننوه إلى أن هذه المعتقدات بعضها خرافية وقد تخالف الشرع الحنيف وبعضها فرضتها التجربة والخبرة وبعضها قد يكون له أصل في الشرع، ومن هذه المعتقدات:-

ماء البحر طهور وطعامه حلال:

ويعتقد أهالي العقبة أن ماء البحر طاهر مطهر وهذا الاعتقاد له أصل شرعي فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحر: ((هو الطهور ماؤه، الحِلُّ مَيتته))([17]).

لذلك يستخدم أهالي العقبة ماء البحر في معظم جوانب حياتهم فيتوضؤون منه ويغتسلون فيه ويغسلون قواربهم وماشيتهم وأوانيهم وملابسهم وغيرها.

وقد أدركت كثيرا من أهالي العقبة ينزلون إلى الشاطئ قبل كل صلاة فيتوضؤون من ماء البحر ثم يذهبون إلى الصلاة.

كما يعتقد أهالي العقبة أن رمال الشاطئ التي يغسلها البحر هي طاهرة نظيفة فيصلون عليها ويجلسون عليها ويلعبون ويتسامرون ويأكلون ويشربون عليها، فإذا ما قاموا نفضوا ملابسهم ثم انطلقوا.

 

مجموعة من أهالي العقبة يجلسون على رمال الشاطئ عند أحد المقاهي (من صور آل الكباريتي)

أما السمك فيعتبرونه أحل ما يكلونه من طعام، لذلك يفطرون في عيد الفطر على السمك ويقولون: هذا أحل ما نأكله في هذا اليوم المبارك.

ماء البحر علاج:

يعتقد أهالي العقبة أن ماء البحر علاج للعديد من الأمراض فيعتقدون أنه مطهر ويشفي الجروح لذلك يأخذون أولادهم بعد الختان بأيام ليغتسلوا بماء البحر، وأذكر أن والدي اصطحبني وإخوتي إلى البحر بعد الختان وبقينا نسبح لساعات، كما كانوا يغسلون بعض الجروح بماء البحر لتطهيرها.

ويستعمل أهالي العقبة ماء البحر في علاج مرض الحصبة فيغسلون المريض بماء البحر، كذلك يستعملون ماء البحر في علاج أمراض العيون والزكام والرشح وغيرها.

أما السباحة في البحر فيعتقدون أنها تعالج مرض الإمساك فينصحون المريض بالسباحة، كما يعتقدون أن السباحة تعالج أمراض العضلات والعظام والرضوض وغيرها.

الدولفين (أبو سلامة):

الدولفين هو حيوان بحري ثديي من ذوات الدم الحار وهو من فصيلة الحيتان ويوجد العديد من الأنواع منه، ويعيش غالبا على السواحل وفي البحار الأقل عمقا ويعيش في مجموعات ويتنفس خارج الماء بواسطة فتحات في أعلى رأسه، والدلافين عادة حيوانات لطيفة وودودة تحب اللعب والمرح والتواصل.

والدولفين له مكان في تراث أهالي العقبة البحري كغيرهم من المجتمعات البحرية الأخرى، حيث يسمى محليا (أبو سلامة) ويتواجد في المياه العميقة في العقبة ويحظى بعلاقة خاصة مع الصياد الذي يعتبره صديقا حميما له وفألا حسنا في رحلة صيده، فإذا ما استقبلهم أو رافقهم منذ بداية الرحلة فيتفاءلون ويعتقدون أنهم سيعودون بسلامة وصيد وفير ويرددون عبارة (القنصة طوس) يعني الرحلة موفقة والرزق وفير، لذا لا يتعرضون له بأي أذى ولا يصطادونه ولا يأكلونه.

 

الدولفين

 

ومن المعتقدات الشعبية أيضا أن زيت الدلافين لها صفات علاجية فإذا ما وجد الدولفين ميتا أو تم اصطياده عرضا فإنهم يستخدمون زيته لاستخدامات علاجية وطبية.

وقد وجدنا مرة أحد الدلافين ميتا على الشاطئ فقام والدي بسلخ جلده ونشر الجلد تحت الشمس على شكل حفرة أو حوض وبعد فترة تجمع الزيت على الجلد ثم جمعه والدي في وعاء.

وهنا أحب أن أنقل تجربتي الشخصية مع (أبو سلامة) والتي وثقتها بمقالة كتبتها منذ عقدين من الزمن وهي بعنوان (أنا وأبو سلامة والبحر) وكتبت فيها:

  كان والدي صيادا ماهرا، امتهن الصيد منذ أن كان عمره عشر سنوات، وبعد خمسين سنة من ممارسة الصيد كمهنة تحول إلى التجارة، لكنه لم يترك الصيد بل أصبح يمارسه بشكل متقطع وحسب أوقات فراغه على متن قاربه الصغير (الدنقي)، وكثيرا ما كان يتفاخر بأنه لا يأكل إلا من السمك الذي يصيده بيديه.

   وكثيرا ما كنت أرافقه في رحلات صيده هذه، وفي احد أيام الصيف الحارة رافقت والدي بعد أن أدينا صلاة العصر ثم لبست ملابس الصيد وشرعت بتجهيز لوازم الرحلة من الماء والطعام وأدوات الصيد والطعم (الطعمة)، ثم انطلقنا إلى الشاطئ الجنوبي حتى نزلنا منطقة (حقينة الرمت) وهي مسيل وادي صغير يقع على الشاطئ جنوب منطقة المملح و(الحقينة) هي لفظة محلية تعني اللسان البحري أو الخليج الصغير الذي يشق اليابسة، أما (الرمت) فهو نوع من النباتات التي تنبت في تلك المنطقة، وتتميز هذه المنطقة كما يصفها الصيادون بظلمة ليلها وشدة حرها، حيث كانوا يبيتون فيها في ليالي الشتاء القارصة ، وكانت آنذاك مخفرا ومبيتا للقوارب.

    حملنا أمتعتنا وأدوات صيدنا ثم ركبنا في القارب (الدنقي) وأدار أبي محرك القارب ومخرنا نحو عرض البحر، في تلك الأثناء كنت مشغولا في تجهيز (الفد) وهي مرساة القارب التي تتكون من صخرة مستطيلة يتدلى منها حبلا بلاستيكيا، وقد علمني والدي طريقة ربط (الفد) على شكل أنشوطة يسهل حلها إذا علقت في الصخور في عمق البحر.

   بعد لحظات أطفأ والدي المحرك ثم وقف يستطلع المنطقة فينظر إلى الماء تارة ويلتفت حوله تارة أخرى، وكنت أعجب من قدرته على تحديد أماكن الصيد وأماكن تواجد الأسماك على هذا العمق وفي عرض البحر، فأنا لا أرى سوى الماء والسماء وليس على سطح الماء تضاريس أو لافتات إرشادية، فكنت أسأله : كيف تحدد أماكن الصيد يا أبي ؟ فيقول هذا يسمى ( التزهيد ) ويعني قدرة الصياد على تحديد مكانه في البحر من خلال معالم اليابسة إن كانت قريبة وواضحة في النهار أو من خلال مواقع النجوم ليلا.

  تلفت أبي قليلا ثم قال هذا (محوتنا) اليوم، و(المحوت) هو مكان الصيد، حملت (الفد) المرساة وقذفتها في البحر وبدأ والدي يحرك القارب بالمجداف حتى لا يجرفه التيار بعيدا عن مكانه أثناء نزول المرساة، وبعد أن استقرت المرساة في الأعماق ربطت الحبل بمقدمة القارب ثم التفت إلى والدي وقد تناول خيطه وبدأ بتجهيز (العمرة) وهي عبارة عن خيط  يربط في نهايته عدة سنانير تصل إلى خمسة وتبدو كأنها أفرع أو جذور شجرة طولها حوالي ذراع، وتستخدم هذه (العمرة) للصيد في الأماكن العميقة ليصطاد الصياد أكثر من سمكة في المرة الواحدة .

   جهز والدي عمرته من خمسة صنانير وملأها بالطعم ثم ربط في نهايتها (الصقلة) وأنزلها في البحر بهدوء، و(الصقلة) عبارة عن حجرين مفلطحين أو محارتين يوضع بينها حفنة من الطعم وغالبا ما يكون من السمك الصغير (البخة)، ثم تربط (الصقلة) في نهاية الخيط بطريقة الأنشوطة، وعندما يصل الخيط مع (الصقلة) إلى الأعماق ينفض الصياد الخيط فتتحرر(الصقلة) ويتناثر الطعم حول الخيط فيجذب الأسماك إلى الخيط.

   أنزل والدي عمرته ثم اتكأ على جانب القارب ورمى ببصره نحو البعيد حيث وادي طابا ووادي مراخ على الساحل الغربي، وأخذ يرتجز بصوت جميل ويقول :

طابا ملم الحبايب           والصديق مراخ

وقد تحرك الموج فرقص القارب على أنغام صوت الموج وشدو والدي الذي أخذ ينتقل من لحن إلى لحن ومن موال إلى موال في جو مفعم بالمشاعر وعبق التاريخ والتراث.

   أما أنا فكانت عمرتي من فرعين فقط وقد أنزلتها ببطء إلى عمق يزيد عن المائة متر ثم جلست أستمع إلى حداء والدي وأنا أتأمل سعة البحر وقد التقت زرقة الماء بزرقة السماء في منظر بديع فسبحان بديع السموات والأرض.

    مر الوقت سريعا ولم نشعر به وأبي يحدثني عن ذكرياته ورحلاته وأحوال الصيد وأهوال البحر، وكان كلما اصطاد سمكة حمد الله ثم حدثني عن نوعها واسمها وطريقة طهيها وأية قصة تحضره حولها حتى آذنت الشمس بالمغيب، فالتفت حولي فإذا بالشمس ترسم بشفقها الأحمر لوحة تخطف العقول بجمالها حيث تلونت الدنيا كلها باللون البرتقالي الذي انعكس على صفحة الماء كأنها مرآة حمراء وقد قاربت الشمس بالمغيب خلف الجبال كأنها تستأذن للمبيت بحياء انعكس على وجهها، فقلت لوالدي أنظر إلى جمال هذا المنظر إنها كلوحة أبدعتها ريشة فنان، فرد والدي بعفويته المعهودة وقال: أنه يا ولدي صنع الله الذي أحسن كل شيء خلقه، فقلت: سبحان الله العظيم ما أبدع صنع الله.

    ونحن في هذه الأجواء الشاعرية إذ ببعض الدلافين تقترب منا لتضفي على هذا الجمال جمالا ولتكمل هذه اللوحة البديعة فتقفز في الهواء ملوحة لنا بزعانفها كأنها تحيينا وتحتفي بنا، يا له من منظر خلاب فقد تركت خيطي وسنارتي وجلست على مقدمة القارب أتابع الدلافين وهي تتراقص لنا وتدور حول القارب في احتفالية منقطعة النظير.

   نظر أبي إلى الدلافين وقد ارتسمت على محياه ابتسامة أشرق بها وجهه ثم قال: هذا (أبو سلامة) صديق الصياد وأنيسه في وحشته فمرحبا به، فقلت: ولم تسمونه (أبو سلامة) يا أبي؟ قال: لأنه فأل الصياد الحسن ومبشره ومنقذه من الغرق، فقلت: وهل فعلا ينقذ الدلفين الصياد من الغرق؟ فقال: هكذا يعتقد الصيادون لذلك لا أحد يجرؤ على صيده أو التعرض له بأي أذى، ومن يفعل ذلك يرافقه الشؤم طوال رحلته وقد يغرق دون أن يجد من ينقذه. فقلت: وهل فعلا يمكن أن يحصل مثل هذا، أم أن ذلك مجرد أسطورة، فقال: خرجنا يوما للصيد بقاربين أحدهما معي والثاني مع الريس ربيع حسن، وعندما وصلنا إلى جزيرة تيران اقتربت منا مجموعة من (أبو سلامة) الدلافين وبدأت تقفز حولنا وقد استبشرنا بها خيرا، فقال الريس ربيع سأصيد أحد هذه الدلافين لأنني أحتاج زيتها كعلاج، فقلنا له: لا تفعل فأنت تعرف أنه لا ينبغي صيدها، فقال: هذه خرافات وما هي إلا أسماك كغيرها من الأسماك، فحاولنا أن نثنيه عن ذلك إلا أنه أصر على صيدها، وفعلا صاد إحداها وسلخ جلده ونشره على ظهر القارب ليستخلص منه الزيت، ثم واصلنا إبحارنا، وما هي إلا لحظات حتى اصطدم قارب الريس ربيع بصخرة قرب الجزيرة وكاد القارب أن يغرق لولا أن تداركناه وأصلحناه بعد معاناة كبيرة استغرقت منا اليوم بأكمله، وفي المساء واصلنا السير فإذا بقارب الريس ربيع يتعطل فقطرناه إلى الساحل الغربي وبقي أياما حتى تم إصلاحه.

   استمعت لوالدي وهو يتحدث بشوق عن الدلافين وكأنه يحفر في الماضي ويستخرج من كنوزها، ثم قلت له: وهل تصدق ذلك يا أبي؟ فقال: إن الأمر يا بني كله بيد الله ولكن الذي أحبه ألا يتعرض أحد لهذه الدلافين وأن أراها سعيدة تقفز حول قاربي.

  حملنا ما رزقنا الله به من سمك وطوينا خيوطنا وعدنا أدراجنا إلى الشاطئ والدلافين تحفنا من كل جانب كأنه موكب بحري حتى ورسونا في (حقينة الرمت).

السلحفاة (البسا):

السلحفاة البحرية هي من الزواحف المعمرة ويعتقد أنها من أقدم الزواحف على الأرض وتتميز بقوقعتها ويوجد منها أنواعا عدة وهي تتنفس بواسطة رئتها خارج الماء إلا أنها تستطيع الغوص وحبس أنفاسها داخل الماء لعدة دقائق، وتتكاثر الزواحف بواسطة البيض بحيث تضع بيضها في حفر قريبة من الشاطئ وبعد فقس البيض تعود السلاحف الصغيرة إلى البحر لتكمل دورة حياتها.

 

السلحفاة

وبالطبع تحتل السلحفاة مكانة في تراث أهالي العقبة البحري فهي تسمى محليا (البسا)، ويعتقد الصياد في العقبة بأن السلحفاة مسالمة لا تؤذي لذلك نجد أنها ذات علاقة خاصة مع الصياد في العقبة فهو لا يصيدها ولا يتعرض لها بأذى، وكثيرا ما كان يطلقها إذا ما علقت في شباكه أو سنارته، بل وكان يتفاخر بإطلاقها.

أما طريقة صيد السلحفاء فتكون بالشبك أو برمي حبل عليها فيلتف حولها ثم يتم سحبها إلى القارب.

وكان الصياد لا يأكل السلحفاة إلا اضطرارا، إذا ما نفذ طعامه ولم يجد غيرها، فكان يصطادها ويذبحها كما تذبح الشاة ثم يسلخ ظهرها ويخرج لحمها ويطبخه بالماء على شكل حساء أو مع الأرز.

ومن المعتقدات الخاصة بالسلحفاة في العقبة أنهم يعتقدون أن أكل بيض السلحفاة يزيد من الفحولة ويعالج الضعف الجنسي، ولكثرة أعداد البيض التي تضعها السلحفاة كانوا يعتقدون أن كل سلحفاة تضع (99) بيضة.

أما طريقة استخدام بيض السلحفاة فكان يجمع من الحفر الشاطئية ثم يزال القشر ويصب في وعاء نظيف، لأنهم كانوا يعتقدون أنه يتأثر بالروائح وبقايا الطعام لذلك يبعدونه عن الروائح النفاذة، ثم يوضع على النار ويطبخ بالسكر.

ويتفاءل الصياد بالسلحفاء فإذا ما وجدها ميتة أو اصطادها كان يأخذ درقتها فيزين بها بيته أو متجره، وأحيانا كان يجففها كاملة ويعلقها على مدخل بيته.

وقد أدركت في نهاية السبعينات من القرن الماضي إحدى السلاحف السوداء التي اصطادها أحد الصيادين وقد حنطها ووضعها عند مدخل أحد المقاهي على الشاطئ الأوسط.

وكانوا يستخدمون درقة السلحفاة كوعاء للعجين وكثيرا ما كانوا يضعونها في الشمس للحصول على الدهن الذي يستخدمونه في الطبخ.

ولم تكن العلاقة بين الصياد والبسا على ما يرام دائما فأحيانا كانت السلحفاة تسطو على أقفاص الصيد (السخوة) فتمزقها وتأكل ما فيها فكان الصياد يصطادها عقابا لها وخلاصا منها.

ومن القصص الجميلة للسلحفاة في العقبة قصة سلحفاء ياسين، فقد وقعت إحدى السلاحف في شبكة الصياد ياسين كليب، فتردد في إطلاقها أو أخذها، إلا أنه تذكر أنه وعد أولاده بصيد وفير، فما كان منه إلا أن حملها وأرسلها إلى بيته.

فرح الأولاد بالسلحفاة وتجمعوا حولها ولعبوا معها وقدموا لها الطعام والمأوى، لكنها أبت أن تشاطرهم فرحتهم وانطوت على نفسها لا تأكل ولا تشرب ولا تتحرك.

حاول الأولاد اللعب مع السلحفاة كثيرا إلا أنها أبت، فلما يأسوا منها قرروا أن يذبحوها في الصباح ويأكلوا لحمها.

في الصباح تجمع الأولاد حول السلحفاة وتقدم أكبرهم سنا يحمل السكين ثم قلبها على ظهرها ووقف على بطنها مفتخرا بقوته، وأمسك الصبي برأس السلحفاة ليذبحها، فإذا بدموعها تسيل من عينيها بغزارة، اندهش الأولاد من بكاء السلحفاة وبكوا معها ثم تراجعوا عن ذبحها.

حمل الأولاد السلحفاة إلى الشاطئ وأطلقوها في الماء وهم يصفقون ويلوحون بأيديهم فرحا بإطلاقها، أسرعت السلحفاة إلى الماء كأنها تركض نحو أمها وقد توقفت دموعها، ثم قفزت إلى الماء وابتعدت عن الشاطئ والأطفال ينظرون إليها.

ابتعدت السلحفاة عن الشاطئ ثم توقفت قليلا تنظر إلى الأطفال كأنها تودعهم وتشكرهم وهم يلوحون لها بأيديهم مودعين، ثم غاصت في عرض البحر ولم تظهر بعد ذلك.

عروس البحر:

المخلوقات الأسطورية الهجينة بين الإنسان والحيونات جزء من ثقافات الشعوب القديمة فمثلا عند الفراعنة يوجد أبو الهول نصف بشر ونصف أسد وهكذا، أما عروس البحر فهي واحدة من هذه المخلوقات الهجينة الأسطورية وهي منتشرة في العديد من الثقافات البشرية المختلفة وهي اسطورة قديمة عرفتها البشرية مبكرا مثل الآشوريين واليونان وغيرهم من الثقافات القديمة، وصورتها العامة هي ان جسمها العلوي على شكل فتاة يافعة جميلة ونصفها السفلي على شكل سمكة وتعيش في أعماق البحار ونادرا ما تصادف البشر، وبعض الثقافات تربطها بالحوادث الخطرة والعواصف وغيرها وبعضها يربطها بالحوادث الجميلة.

وعروس البحر موجودة في التراث البحري العقباوي ويعتقدون أن من يؤذيها أو يصيدها يصيبه مكروه، وهناك قصة قديمة مأثورة في العقبة أن أحد الصيادين حاول صيد عروس البحر وإخراجها من الماء فهددته وتوعدته ودعت عليه فلما عاد إلى العقبة حصل له مكروه هو وعائلته، وقد ادعى بعض العقباوية أن هناك من رآها في البحر وكلمتهم.

ربيع البحر:

ومن المعتقدات التي يعتقدها الصياد في العقبة أن ربيع البحر كربيع البر وان الأمطار والسيول التي تصب في البحر تُخضر البحر بالطحالب كما تُخضر البر وان الربيع الجيد في البر يصاحبه ربيع جيد في البحر وموسم الخير يكون مشتركاً بين البر والبحر حيث يسمن السمك كما تسمن الماشية.

البحر يتجشأ:

ويعتقد أهالي العقبة أن البحر يتجشأ كما يتجشأ الإنسان ويطلقون على ذلك (تكرع البحر)، وذلك عندما يكون البحر في حالة جزر أثناء الصيف فتتكشف الطحالب البحرية فتخرج لها رائحة خاصة تنتشر على الشاطئ فيقول الصياد: (البحر تكرع).

بركة المرجان الأسود (اليسر):

ومن المعتقدات الشعبية القديمة في العقبة أن بعض أنواع المرجان والصدف تجلب البركة والحظ ومنها استعمال مرجان (عود اليسر) وهو مرجان أسود جميل على شكل شجرة، ويتم وضعه في زوايا البيت طلبا للبركة.

وهذا المعتقد منتشر عن العرب منذ القدم، ويسمي العرب عود اليسر بـ(اليسر)، وهو المرجان الأسود المعروف.

 

المرجان الأسود (عود اليسر)

ويعد البعض المرجان الأسود من الأحجار الكريمة مع أنه حيوان بحري وهو أشهر أنواع المرجان ويتواجد في خليج العقبة على شكل أشجار تنمو على الصخور المرجانية، والطريف أن العديد من المجتمعات تنسج حوله الأساطير الشعبية والخرافية مثل جلب الحظ والسعادة ودرء الحسد وعلاج العقم والفحولة وغيرها من الأساطير.

كما تتعامل بعض المجتمعات مع المرجان الأسود كالتعامل مع الأحجار الكريمة والعقيق فيتم صناعة الحلي والمسابح وغيرها منه.

استخدام الصدف للبركة:

ومن المعتقدات الشعبية الاعتقاد أن نوع من الصدف يسمى (البروكة) يجلب البركة لذلك يضعونه مع النقود في كيس لجلب البركة للنقود.

العلاج من لدغة العقرب:

ومن المعتقدات الشعبية أيضا استعمال نوع من أنواع الودع يسمى (الحواية) لعلاج لدغة العقرب والثعبان.

 

صدفة (الحواية)

استعمال المرجان لفطام الأطفال:

ومن المعتقدات الشعبية الخرافية التي كانت سائدة في العقبة قديما استعمال قطع مرجان النار (الحُرّيق) للفطام، بحيث تؤخذ منه قطعة صغيرة وتربط مع قطعة من جريد النخل وتعمل على شكل عقد وتوضع في صدر المرأة عند فطام الطفل وذلك لاعتقادهم أنها تجفف حليب الأم.

وسمي هذا المرجان (الحريق) لوجود إبر دقيقة عليه تؤدي إلى لسعات مؤلمة تسبب الاحمرار والحكة.

 

مرجان النار (الحريق)

استعمال السمك المجفف لعلاج الخبل:

ومن المعتقدات الشعبية الخرافية استعمال بعض أنواع السمك المجفف في علاج الخبل بحيث يعلقون السمكة على باب غرفة المريضة لمساعدتها في العلاج.

استعمال نجم البحر لدرء الحسد

ومن المعتقدات الخرافية أيضا اعتقادهم أن نجم البحر يساعد في درء الحسد لذلك يعلقونه على مدخل البيت أو داخل الغرف وعلى الجدران.

التيمن بأسماء الأسماك

ومن شدة تعلق الصياد بالبحر والسمك فإنه يسمي أبنائه بأسماء الأسماك التي يحبها، فقد سمى أحد أبناء العقبة ابنه بـ(عربي) وأخرى سميت (قزّة) وأخرى (ريمة) كما سمى منزلاوي ابنه (بلمة).

الخمول والسمية

ويعتقد أهالي العقبة أن تناول بعض أنواع الأسماك تسبب الخمول الكسل لاحتوائها على الدهن، كما تسبب بعض أنواع الأسماك التسمم والحساسية وبخاصة الأسماك التي تتغذى على قنديل البحر والأسماك والطحالب السامة.

تعليق الأسماك المجففة للزينة والتفاخر

ومن العادات المنتشرة في العقبة قديما أن الصياد إذا ما اصطاد سمكة مفترسة مثل القرش أو أي سمكة غريبة جففها وعلقها أو علق جزء منها في بيته للزينة والتفاخر فكلما زاره ضيف حدثه عن قصة هذه السمكة وكيف وأين ومتى اصطادها.

 

رأس قرش مجفف ومعلق على الجدار

لغة العصفورة :

وهي لغة كانت منتشرة في العقبة في القرن الماضي وقد اختفت حاليا، وقيل إن أول من استعمل هذه اللغة هم الصيادون وذلك من أجل التخاطب فيما بينهم دون أن يفهم من معهم ماذا يتحدثون وبخاصة إذا كان هناك غرباء أو أشخاص لا يرغبون بالحديث أمامهم.

إلا أن هذه اللغة لم تكن تقتصر على الصيادين فقد كان العديد من أهالي العقبة يتقنونها وبخاصة الشباب والغلمان وقد تعلمت هذه اللغة أنا ومجموعة من أقراني وأنا طفل وكنا نتبارى ونتسابق مع بعضنا البعض أينا يستطيع التحدث بهذه اللغة لأطول فترة وبسرعة دون أن يخطئ أو يتلعثم.

ولغة العصافير هي لغة عادية لكن يتم إضافة حرف السن وحرف النون إلى كل كلمة ثم تكرار حروف المد والتحدث بسرعة مما يصعب على السامع الذي لا يعرف هذه اللغة فهم ما يقال، وسميت لغة العصفورة لكثرة حرف السين فيها مما يجعلها قريبة إلى صفير العصافير.

ومن الأمثلة على هذه اللغة:

عبارة: (كيف حالك)، تقال: (كيسنيف حاسنالك)

وعبارة : (وين بدك تروح ، تعال نسبح في البحر)، تقال: (ويسنين بسندك تروسنوح، تعاسنال نيسنسبح فيسني البسنحر).

وكان هناك بعض أهالي العقبة يضيفون حرف الراء مكررا لكل كلمة ويتحدثون به بطلاقة، إلا أن لغة العصفورة كانت الأوسع انتشارا.

الأسماء التراثية للمواقع الساحلية على شاطئ العقبة:

أسماء الشواطئ وتاريخها وسبب تسميتها والأحداث التي وقعت فيها وارتبطت بها هو جزء من التراث البحري والتراث الشعبي للأمم والشعوب، إذ تعد هذه الأسماء والتضاريس أحد مفردات التراث البحري التي يستطيع الصياد أن يحدد من خلالها أماكن الصيد وأماكن المبيت لقاربه وغيرها من مهام الصيد والإبحار.

ويقسم شاطئ العقبة تراثيا وكما هو متعارف عليه بين الأهالي والصيادين إلى العديد من المواقع والتضاريس التي تعارف عليها أهالي العقبة، أما حدود المدينة الساحلية فقد تعرض للتعديل أكثر من مرة فقد كانت الحدود الطبيعية لساحل العقبة يشمل رأس الخليج وجانبي الخليج وحتى حدود تيران وصنافر، حيث كانت جزيرتي تيران وصنافر تتبعان للعقبة ويكلف جنود من أهالي العقبة بحمايتهما أثناء الحكم العثماني، ويروي السيد عليان العطوي رحمه الله فيقول: وضعت تركيا مخفرا في جزيرة تيران على مدخل الخليج ووضعت فيه عددا من الجنود العقباوية منهم صالح أبو عبدالله وحماد عبد العال بسيوني وحسن رضوان وصالح عمار ومحمد الفيومي، وقد خدم عدد من الجنود من أهالي العقبة في هذه الجزيرة ومات بعضهم ودفنوا هناك ولا زالت قبورهم شاهدة عليهم في الجزيرة.

إلا أن الحدود تعدلت كثيرا كان آخرها اتفاقية ترسيم الحدود عام 1906م عندما تم الاتفاق بين الحكومة المصرية والحكومة العثمانية ان تكون حدود العقبة الغربية تبدأ من منطقة طابا جنوب المرشش ([18]) وفي عام 1949م قامت إسرائيل باحتلال المرشش وأصبح خط الهدنة هو الخط الفاصل بين أراضي العقبة المحتلة وبين المدينة.

أما على الحدود الشرقية فقد تقلصت حدود مدينة العقبة إلى منطقة البريج جنوب المدينة في بداية عهد الإمارة ثم تم تعديل الحدود عام 1965م لتصل حدود مدينة العقبة الساحلية إلى منطقة الدرة وبطول يصل إلى (27) كم تقريبا.

 

خارطة تبين أسماء الأماكن التراثية (سلطة منطقة العقبة الاقتصادية)

أما أسماء شاطئ العقبة فسنبدأ من أقصى الجنوب من الساحل الشرقي ونذكرهم بشكل متسلسل، وهذه المناطق هي:-

 الدرة: وهي آخر الحدود الأردنية وبداية الحدود السعودية وقد دخلت ضمن الأراضي الأردنية بعد اتفاقية تعديل الحدود بين الأردن والسعودية عام 1965م.

 الساهية: وتسمى (ساهية المعازة) والساهية هي الوادي الفسيح والمعازة قبيلة بدوية، وهي مجاور للدرة شمالا، وهي الآن موقع الميناء الجديد.

قوز السليلمي: وهو لسان بري داخل البحر، والسليلمي هو شخص اشتهر بإقامته في هذا الوادي قديما، ويقع فيه عدد من المشاريع والمصانع والأرصفة.

قوز سعيدة: أو (وادي سعيدة) وسعيدة امرأة ماتت ودفنت في هذا الوادي، ويقع في هذا الوادي ميناء النفط

 النجيلة: وهي امتداد لوادي سعيدة، والنجيلة نبات ينبت هناك.

حقينة الرمت: والحقينة تصغير حقنة وهي اللسان البحر وهي نهاية وادي يصل إلى وادي اليتم شمالا، والرمت نوع شجر يكثر هناك.

 المملح: وكانت تسمى (حقينة النويبع) وسمي المملح لوجود أرض سبخة مالحة فيه، وقد أقام فيه الشريف ناصر بن جميل ميناء ومساكن وسمي ميناء الشريف، واليوم يوجد فيه نادي الغوص.

عارض المملح: وهو امتداد للملح وسمي عارضا لانحنائه، وهو من أجمل مناطق الشاطئ الجنوبي.

ابو حصبة: وهو وادي فسيح، وسمي بذلك لكثرة الحصباء على شاطئه، ويقع فيه حاليا منتجع (تالابيه).

ابو قلوم: ويسمى (حرفة حماد) أو منطقة أبو حميد حيث كان أبو حميد الكباريتي له عريش (براكية) هناك، والقلوم هو نبات ينبت هناك.

الحصاني: وهي وادي بجانب أبو قلوم، وسمي بذلك بسبب حصان لجندي تركي ضاع هناك، ويقع فيها المتنزه البحري حاليا.

اليمنية: وتسمى (نقرة اليمانية) وهي أشهر مناطق الشاطئ الجنوبي، وهي الآن شواطئ عامة ومتنزه بحري.

المضبعة: وسميت بذلك لوجود مغائر للضباع فيها قديما.

 طور القناص: ويقع إلى الشمال من المضبعة، وسمي بذلك لوجود مكان مقابل الطور يجلس فيه الصياد.

 الشميسي: وهو وادي فسيح مشمس وحار لذلك سمي الشميسي، ويسمى أيضا (مقطع مروان) و (ام اللّصيف) لبريق حجارة من الشمس.

الشريح: وهو وادي ملاصق للشميسي وسمي بذلك لأنه يشرح الشاطئ إلى شرحتين، ويوجد فيه تلة تسمى (تليعة الضرطة)

ام حايط: وهي وادي صغير بجانب الشريح وينقسم إلى (ام حايط القصوى) و(ام حايط الدنيا) والبلنجة ويقع فيها محطة كهرباء.

 البريج: وهو جبل يمتد حتى يدخل إلى البحر، والبريج هو تصغير برج وسمي بذلك لوقوع برج صغير وقديم على رأس الجبل، وكان قديما يسمى البويب وهو البوابة التاريخية للعقبة وكانت آخر الحدود الأردنية قبل اتفاقية تعديل الحدود عام 1965م.

 وادي الجيشية: وهو أول وادي في حدود البلدة الجنوبية، ويقع فيه حاليا ميناء الفوسفات القديم، وينقسم إلى قاد الجيشية والقاد الأوسط وقاد البلد، والقاد هي المنطقة المحاذية، ويقع على الشاطئ صخرة مرجانية تسمى (هرفة شاهين).

 الملاحة: وتقع شمال الجيشية ويقع فيها الميناء الرئيسي القديم، وسميت بالملاحة لوجود الملح بكثرة على شواطئها.

 الطرف: وهو أول حدود المدينة بعد الميناء ويسمى الطرف لوقوعه على أطراف المدينة وأطراف النخيل، وتمتد المنطقة حتى وسط البلد.

 الترعة: وهي مسيل الوادي وتقع في نهاية منطقة الطرف.

 التمايل: وهي المنطقة التي تمتد من الترعة وحتى بيت الشريف الحسين بن علي، والثمايل جمع ثميلة وهي نبع الماء وسميت بذلك لكثرة جداول الماء فيها.

 بير الست: وهو البئر الرئيسي الذي كانت تشرب منه المدينة ويقع بجوار بيت الشريف وقد حفره محمد الأسد قائمقام العقبة عام 1920م.

 البضيات: وهي المنطقة المحيطة ببيت الشريف، وكانت تسمى الأرض البيضاء وتمتد شمالا على الشاطئ الأوسط.

 الغافلية: وهي حفيرة تقع بجوار البضيات على الشاطئ الأوسط.

 البويزم: وتسمى حاليا شاطئ الغندور.

 الحقنة: وتقع شمال منطقة البويزم ويقع وسطها وادي يصب في البحر ويجاورها السمريات وهي منطقة ينبت فيها شجر السمر.

الحمام: وهو أول منطقة على الشاطئ الشمالي وتقع قبالة آثار مدينة أيلة الإسلامية.

الدار: وتقع بجوار الحمام إلى الغرب ويقع فيها حاليا الفنادق الشاطئية.

العزب: وهي تقع حول منطقة آثار أيلة وكانت مساكن لأهل العقبة، والعزبة تعني الضيعة.

الساقية: وهي مجموعة من الحفاير تمتد من الدار وحتى آخر حدود العقبة غربا، كان يمتلكها الحاج إسماعيل احمد ياسين، وسميت بذلك لوجود ساقية ماء تسقي الزرع فيها.

 تل الخليفي: وهو تل يقع شمال الساقية على خط الهدنة ويقع فيه آثار مدينة أيلة الأدومية.

 المسيبك: وهي حفيرة يمتلكها ذياب بسيوني وتقع حاليا ضمن الأراضي المحتلة وتجاورها حفيرة أبو قبيلة.

البحير: وهي آخر حدود العقبة غربا.

المرشش: وهي الضاحية الغربية للعقبة وقد احتلها اليهود وأطلقوا عليها اسم(إيلات).

ومن أسماء شواطئ (المرشش) ما يلي: حصاة علوي – قبر البنت – بحيرة البنات- مغور سويعد – وادي المصري (وادي الحاج) – الطوارف – طابة – طويبة – طربيزة-    - السلبوط – مراخ – الكراع جزيرة فرعون(القرية).

أما الأودية والتلال في العقبة فهي: وادي الركيبية – وادي الشلالة – الشهبي (الخزان) – سد الصاج – وادي ام انصيلة، ثم التل الأحمر – قبر العسكري – تل جرمي – تل حمدان – تل طبجي – المناخ (المناخة) سيح أبو سلامة.

 

 

الفصل الثالث

عبد الواحد أبو عبدالله أيقونة التراث العقباوي

في كل شعب هناك حراس وحملة للتراث يحملونه وينشرونه ويدافعون عنه يشكلون أيقونته ومعزوفته الخاصة به، وفي العقبة يعد عبد الواحد محمد أبو عبدالله من أشهر حراس وحملة التراث في العقبة حيث يحفظ الكثير من جوانب التراث الشعبي للعقبة ومفرداته، ويرجع له الفضل في حفظ وإحياء العديد من جوانب تراث العقبة.

 

عبد الواحد أبو عبدالله (أيقونة التراث العقباوي)

عبد الواحد عازفا ومغنيا: لئن كان طلب عباس هو أبو السمسمية العقباوية فإن عبد الواحد هو من أحياها وحافظ عليها وسلمها للجيل الجديد فقد تعلم السمسمية من طلب ونقلها وأبدع فيها، ويعد عبد الواحد حلقة الوصل بين الجيل الأول والجيل الجديد في العزف على السمسمية بل يعد معظم جيل الشباب العازفين من تلاميذ عبد الواحد.

ويملك عبد الواحد صوتا رخيما مميزا وبحة جميلة تنشر جوا من الحب والطرب والتراث على أغانيه إضافة إلى قدرة كبيرة على تطويع إيقاع السمسمية ولحنها.

عبد الواحد شاعرا وملحنا : ولا يقف عطاء عبد الواحد على حفاظه على السمسمية بل هو شاعر شعبي وملحن الّف الكثير من الأغاني الشعبية ولحنها بل وحافظ على الطابع العقباوي المميز لها فلا تكاد تسمع عازفا على السمسمية أو مغنيا إلا وتجد عبد الواحد حاضرا في عزفه وأغانيه.

عبدالواحد قاصا ومؤرخا: ويعتبر عبد الواحد مرجعا في التراث الشعبي للعقبة وبالذات التراث البحري فهو يحفظ كل تفاصيل هذا التراث ومفرداته، ويملك أسلوبا شيقا في عرضه والحديث عنه، وكما يملك طلة تراثية مميزة بلباسه التقليدي ولفة منديله ولونه الأسمر وبسمته وقسماته العقباوية الأصيلة.

وتحفل المكتبة الأردنية الوطنية بالعديد من التسجيلات والبرامج التي وثقها شيخ التراثيين عبد الواحد عن تراث العقبة وفولكلورها.

عبد الواحد صيادا:- وقد مارس عبد الواحد الصيد منذ نعومة أظفاره فنشأت بينه وبين البحر علاقة حب فريده جعلته بحارا عاشقا وصيادا ماهرا، كما كان من مؤسسي جمعية الصيادين في العقبة.

ولتسليط الضوء أكثر على أيقونة التراث العقباوي نتركه يتحدث هو عن نفسه:-

والدي: يقول عبد الواحد: (والدي هو محمد عبدالله أبو عبدالله ولد في العقبة عام 1915م ولقبه المشهور به هو (تكلة) وسبب هذه التسمية هو أن والدي عندما كان صغيرا أصيب بمرض الحصبة وأصبح طريح الفراش وترك تناول الطعام لعدة أيام بسبب مرضه.

 وفي يوم من الأيام كانت عمتي تخبز خبز الشراك على الصاج وعندها صديقتها البدوية وكان والدي نائما في فراشه فاستيقظ فجأة ثم قام وتوجه مباشرة إلى عمتي وأخذ خبز الشراك من على الصاج وهو ساخن ثم أكله مباشرة فاستغربت البدوية وقالت: هذا العيّل (تكلة) أي نبيه ويحصل على رزقه بقوة ذراعه.

عمل والدي صيادا منذ صغره حتى أصبح صيادا ماهرا وخبيرا بحريا كبيرا بل أصبح أحد حكماء البحر العارف بقوانينه وعاداته وتقاليده وأحكامه، كما أّصبح من أشهر ريّاس البحر وقد امتلك في أواخر حياته البحرية ثلاثة (قطاير) قوارب هي (حمامة) وكانت مصدر رزقنا، اما الثانية فهي (يسرى) وأما الثالثة فكانت (ماجدة) وماجدة هذه أطلق عليها العقباوية اسم المدرسة لكثرة ما عمل فيها وتعلم فيها وتخرج منها الصيادون، وهذا يعني أن الكثير من الصيادين تعلموا من والدي مهنة الصيد ورافقوه في رحلات الصيد لذلك أصبح من أشهر رياس البحر وحكمائه.

مولدي: يقول عبد الواحد: (ولدت في العقبة عام 1946م وكنت الابن الذكر البكر حيث كانت امي قد فقدت العديد من أجنتها فلما ولدت وأبقاني الله فرحت امي وفرح العديد من أقربائي وجيراني لدرجة أن العديد منهن أصرت على إرضاعي فكنت انتقل من حجر إلى حجر ومن بيت إلى بيت، لذلك حظيت بأربع أمهات من الرضاعة وأنا املك الآن ثلاثة وسبعين حفيدا يقولون لي عمي وخالي كلهم من الرضاعة.

 

هذا الوضع جعلني صاحب أكبر عائلة في العقبة وأكثرهم أقارب وأرحاما وجعلني ادخل وأنام في العديد من البيوت وكلهم محارم لي، فأخذت من كل بيت علما ومعرفة وقصة ومن كل عائلة خلقا وطبعا وأدبا فنشأت ابنا لكل العقبة فأحببتهم وأحبوني.

وفي يوم مولدي كان والدي في رحلة صيد فلما قدم من السرحة ذهب المبشرون يركضون إليه ليبشروه بمولدي وكان أول من وصل إليه هما فؤاد الهلاوي ومحمود مصطفى أبو عوالي فتسابقا إلية وكان في قاربه في البحر فقفزا بملابسهما إلى البحر وأسرعا إليه ونادا عليه معا وقالا:(مبروك يا تكلة مرتك جابت ولد) ففرح أبي فرحا شديدا وقرر أن يعطيهما (البشارة) من السمك الذي اصطاده وكان والدي يعرف كل واحد منهما ما يحب من أنواع السمك فأعطى محمود أبو عوالي سمكة (تربان) كبيرة وأعطى فؤاد الهلاوي سمكة (توين) كبيرة فلم يستطيعا حملهما فكانا يضعان واحدا على الأرض ويحملان الآخر ويسيران به مسافة ثم يضعانه على الأرض ويعودان للأول فيحملانه وهكذا حتى وصلا إلى البيت.

بيتي: يقول عبد الواحد : (ولدت في بيت من الطين والحجارة وكان هذا البيت وسط البلدة القديمة التي ضمت العديد من العائلات العقباوية والتي عاشت كأنها عائلة واحدة في بيوت من الطين متلاصقة وكان بين هذه البيوت نوافذ مشتركة يتواصلون من خلالها ويتبادلون اطباق الطعام والمواعين، وأحيانا يستعملونها كأبواب فرعية للطوارئ.

أما بيتنا فكان كباقي بيوت العقبة التقليدية عبارة عن حوش يتوسط مجموعة من الغرف وكانت جدرانه الطينية سميكة يصل عرضها إلى متر وهي تؤمن الدفء شتاء والبرودة صيفا، وكان سقف البيت من جذوع النخل ومن جريد النخل حيث كنا نضع الدامر أو الفلق وهو ساق النخل فوق الجدران ثم نضع عيدان جريد النخل فوق الفلقة وبعد ذلك نصنع حصيرة من جريد النخل ونضعها فوق عيدان الجريد ثم نضع طبقة من الطين المخلوط بالتبن والقش فوق الجريد وأحيانا نخلطه بالرماد (السكن) وذلك لمنع الدلف في الشتاء، والطريف هنا أن والدتي هي التي أشرفت بنفسها على بناء بيتها بل هي التي صممته حيث رسمت مخطط البيت على الرمل ثم طلبت من جدي بناء البيت حسب الرسم الذي رسمته وكنت القبها بمهندسة العقبة الأولى.

 كان بيتنا يقع قبالة الشاطئ وأمامه الحفيرة حيث كانت الحفيرة هي بوابة البحر فمنها نذهب إلى البحر وعبرها نعود من البحر، أما الشاطئ فكان يسمى باسم عائلتنا (أبوعبدالله) لوجود حفائرنا وبيوتنا قبالته.

طفولتي: يقول عبد الواحد: (كانت طفولتي بريئة وحالمة وجميلة وقد نشأت في أزقة وشوارع العقبة والتي كانت ضيقة ومتلاصقة فعلمتنا الألفة والمحبة والقرب من بعضنا حتى كأننا عائلة واحدة وكنا نلعب بين هذه الأزقة ونتنقل من بيت إلى بيت ومن زقاق إلى زقاق وكأنها بيت واحد.

كنا نذهب مع امي وجدتي إلى الحفيرة فتقوم امي بخبز الشراك وإعداد الطعام في الحفيرة ويذهب أبي لإحضار السمك أما أنا وأولاد عمي فنذهب إلى الشاطئ نسبح ونلعب فيعود أبي بالسمك إلى الحفيرة ويضعه على النار، فنعود من البحر وقد نضج الطعام فنتناوله ثم نعود إلى البيت.

دراستي: (درست في مدرسة العقبة الموجودة في البلدة القديمة بجوار تل جرمي وبيوت فرحات وباقي العقباوية، وكنا في الصيف ندرس الكتّاب مع الأستاذ محمد ذياب بسيوني رحمه الله الذي كان يأخذنا بالاستراحة إلى الشاطئ فنسبح ونصعد على النخل ونحضر البلح، وقد تعلمنا منه الكثير.

أنا والبحر: (تعلقت بالبحر منذ طفولتي فقد تفتحت عيني على منظر البحر وصوت أمواجه وألوان اسماكه ومرجانه، فقد كان أبي صيادا ماهرا بل كان ريّسا حكيما وكان أعمامي واقاربي كذلك فنشأت وسط أمهر الصيادين في بيئة بحرية من الطراز الأول فتعلمت الكثير عن البحر من والدي وقد علمني السباحة وعلمني الصيد وعلمني كيف أصبح صيادا ماهرا.

ومنذ طفولتي بدأت كأي طفل عقباوي أمارس الصيد على الشاطئ وأثناء العطلة الصيفية، في البداية كنت أحمل علبتي وأصيد بها الأسماك الصغيرة والتي تسمى محليا (العرفج) و (الناقة) ثم صنعت بعد ذلك سخوتي الصغيرة بيدي وكان لي خيط وسنارة كنت آخذها معي كل يوم إلى الشاطئ، وكم كانت فرحتي غامرة وأنا أدخل إلى بيتي وأنا أحمل معي سمكة أو سمكتين فتمدحني أمي وتصنع منها غداء وتقول لوالدي: اليوم غدانا على عبد الواحد، وأنا في قمة الفخر والسرور.

وما ان اشتد عودي حتى أصبحت أرافق والدي في رحلات الصيد الطويلة (القنصة) أو (السرحة) وقد تعلمت منها الكثير وأصبحت رحلات الصيد جزء من حياتي فكنت ما أن أعود من رحلة الصيد حتى أستعد للرحلة الثانية فكانت هي حياتي ومصدر رزقي.

وتستمر الرحلة من أسبوع إلى أسبوعين حسب وفرة الصيد وكنا نقضي معظم الوقت في الصيد في عرض البحر نتعرض خلالها للكثير من الآمال والآلام وقد كان معظم زملائي الصيادين ينشغلون بالصيد غالب أوقاتهم أما أنا فكنت اسرق الوقت واجلس على مقدمة القطيرة قليلا مع سمسميتي أعزف وأغني ثم أعود للصيد من جديد.

لقد كانت القطيرة هي بيتي الثاني وكان البحر هو بلدي ومدينتي أنا هوتي عقباوي بحري والبحر كان كل حياتي.

 

انا والأغاني: (من الطبيعي أن يكون الصياد مغنيا فالبحر والصيد والسمك والمرجان تلهم الصياد بالغناء والمواويل، أما أنا فقد تعرفت على الغناء الشعبي من والدي الريّس تكلة الذي كان كثيرا ما يغني مواويل وأغاني البحر بصوته الشجي وقد ورثت عنه هذا الصوت وورثت عنه حبه لأغاني البحر ومواويله.

 

عبد الواحد يعزف على سمسميته على الشاطئ

إلا انني اعتبر نفسي في الغناء تلميذ جيل من المغنيين والعازفين التراثيين العقباوية ولست تلميذ شخص واحد فقد أدركت جيلا من العازفين والمغنيين التراثيين في العقبة إلا أن أكثر من تأثرا به كان الجد طلب صالح ياسين الذي أعتبره أبو السمسمية العقباوية فهو أول من عرفني على السمسمية، أما جمعة شحادة فكان شريك ورفيق أبي في رحلات الصيد فكنت أرافقه وأسمع منه بل وأشاركه في الأغاني وكنت أراه كثيرا ما يعزف على سمسميته وكذلك عباس الفاخري وحسن مصطفى درويش الملقب بطبطب، كل هؤلاء كنت أحضر معهم جلسات العزف والغناء وأتعلم منهم العزف والغناء حتى أنني أصبحت اساعدهم في (دوزنة) أوتار السمسمية وأعزف لهم وهم يغنون، وكنت أخجل من نفسي وأستحي منهم وأنا أعزف لهم وهم أكبر مني.

الغناء التراثي بالنسبة لي هو رسالة مضمونها هو الصورة الجميلة للعقبة وتراثها ودوري هو توصيل هذه الرسالة وهذه الصورة للعالم أجمع، لذلك تعلمت الغناء والعزف وصنعت أول سمسمية لي من صندوق خشبي ووضعت عليها جلد الماعز وكانت هذه السمسمية هي بداية مشواري مع العزف فحفظت الأغاني العقباوية وبدأت أغنيها على أنغام السمسمية وقد التقيت يوما مع حسن الفاخري في سهرة جميلة على شاطئ المملح فأعطيته سمسميتي ليعزف عليها فلما بدأ بالعزف بكى وقال: ذكرتني بالأيام الماضية.

وبعد ذلك انتقلت من العزف والغناء على السمسمية إلى تأليف الأغاني التراثية وتلحينها وأذكر أن أول اغنية ألفتها كانت اغنية (عاليادي اليادي اليادي) وقد الفتها أثناء وجودي في رحلة الصيد (السرح) في السبعينات من القرن الماضي حيث اصطحبت معي سمسميتي في رحلة الصيد وفي الليل أثناء الصيد تناولت سمسميتي وبدأت أعزف لحن (عاليادي) ثم تناولت ورقة وقلم من علبة الوثائق في القطيرة وبدأت أكتب ابيات الأغنية وقد انتشرت هذه الأغنية بشكل واسع ووجدت استحسانا كبيرا من العقباوية مما شجعني على تأليف العديد من الغاني العقباوية والتي وصلت إلى ستة عشر أغنية في مجالات متعددة مثل الغزل والبحر والصيد والأغاني الوطنية.

 

 وبعد مشوار طويل من العزف والغناء والتلحين رأيت شبابا متحمسين لتراث أباءهم وأجدادهم ومتشوقين لتعلم العزف على السمسمية وأغانيها وأغاني البحر فطفقت أعلمهم هذا الفن وهذا التراث حتى أصبحوا اساتذته ومعلميه، وكم أنا سعيد اليوم وأنا أرى هؤلاء الشباب وهم يحملون تراثهم وفنهم ويطوفون به حول العالم سفراء لبلدهم وحملة لتراثه وثقافتهم.

وقد ألف ولحن عبد الواحد العديد من الأغاني والمواويل التراثية العقباوية ومنها:

اغنية (عاليادي اليادي اليادي)

عاليادي اليادي اليادي                            يا ما احلى الصحبية

على شطك يا العقبة                                    يا عروسة بحرية

يا بسمة ثغر بلادي                                     يا نسمة حنيّة

همسة بحرك للنخلة                                     بنغمة سمسمية

يا ناس قلب هوى                                       ابنية عقباوية

ما ا حلى قعدتنا سوى                                   على شط الميه

ما احلاها بلبس الطرحة                                      مع الجلابية

لما نعود من السرحة                                    نعمل صيادية

يا شوفة شفتها                                         بتريس عالدفة

قعدتها مثل الريس                                      بانتباه وخفه

كل ما جتها موجة                                      عضت على الشفة

شفة حمرة وردية                                       بلون البوصية

يا شوفة شفتها                                         عالشط الشمالي

تمشي عالرمل الناعم                                    وتميل بدلالي

شبكتني بشباك الحب                                    وشاغلت لي بالي

وصادت قلبي بصنارة                                    البنت البحرية

يا شوفة شفتها                                                 عارصيف المينا

طار قليبي معاها                                        على برج السفينا

قلت لها يا البنية                                                بالله ترحمينا

رمتني بطرف محكول                                      وقعني في الميه

يا شوفة شفتها                                         عالشط الجنوبي

وبتشوي سمك احمر                                    وكان الوقت غروبي

قالت ميل يمّنا                                          اتفضل يا محبوبي

ابوي ريّس مركب                                            وأمي عقباوية

أدعي رب السما                                        يجعلها نصيبي

ويجمعني بها بهنا                                      وتهدا نار قليبي

ويهنينا كلنا                                             يا فرحة لا تغيبي

السعد شفته انا                                                    بحب العقباوية

وكذلك من الأغاني العقباوية والتي ألفها عبد الواحد:

يا لعقبة يا عروس البحر                                        يا مكلله باكليل اخضر

يا مزوقة بنخيل وزهر                                   لعريسك البحر الاحمر

يالعقبة          يالعقبة                                  يالعقبة يا عروس البحر

***

يا زينة يا أم الشط جميل                                        يا أم الكرم والحنية

نسمتكي تشفي كل عليل                                        والقعدة على شط الميه

ليكي القلوب تعشق وتميل                               حتى العزول صفا النية

يالعقبة          يالعقبة                                  يالعقبة يا عروس البحر

***

يا بنت بلدي انا بحري                                   وعقباوي وبحب العوم

هواكي قلبي من بدري                                   وأنا ناوي احبك دوم

وما دام الموجة بتجري                                  راح احبك يوم زود عن يوم

يالعقبة          يالعقبة                                  يالعقبة يا عروس البحر

***

يالعقبة فين زيك فين                                    يا ام المراكب ومواني

محروسة يا بلدي من العين                             ويرعاكي حسين الباني

وبحبك يا ملكنا حسين                                   حنزيد ونعلي المباني

يالعقبة          يالعقبة                                  يالعقبة يا عروس البحر

ومن تأليف عبد الواحد أبو عبدالله أيضا:

عطشان يا صبايا           دلوني على السبيل

عطشان بالله سقوني              ميتكو سلسبيل

مهُوَّا السبيل قُدامك           روح اشرب يا جميل

سقوه تسعد أيامك                 وتشفي كل عليل

إذا شربت من ميتنا                       ح تطيب

أنا حالف لشرب من ماكو      لو عكره وفيها طين

مية بيركو وسماكو                بتروي العطشانين

يا شادوف حفيرتنا                ياللي دِلْوَكْ جديد

يا ساقي نخلتنا                      أمِّ البلح وجريد
 إنْجَمِّ الما وتحوّش                 في بير الطيبين
 لَنْشِلْ واشرب واتروشْ       واغَنّي يا ليل يا عين

 

ومما اشتهر بغنائها عبد الواحد أبو عبدالله أيضا:

يا بنت يا ام الدبل                                       والكف متحني

قومي اقلعي هالدبل                                     واللا ابعدي عني

يا وعدي يا بوي                                        يا ناري يا بوي

يا بنت يا ام الدبل                                       والحجل بيلالي

قومي اقلعي هالدبل                                     اللي شغل بالي

يا وعدي يا بوي                                        يا ناري يا بوي

ودخلت انا داركم                                                عطشان وبدي اشرب

واطلعت من داركم                                       مقروص انا بعقرب

يا وعدي يا بوي                                        يا ناري يا بوي

مريت على داركم                                       عطشان وسقيتوني

يا سوة السعد يا اللي                                   انتم يقيتوني

يا وعدي يا بوي                                        يا ناري يا بوي

مريت على باب داركم                                   لا اشكي ولا اتكلم

يا دمع عيني على                                      حيطانكم علّم

يا وعدي يا بوي                                        يا ناري يا بوي

طلعت فوق السطح                                     كل البيوت بانت

غير بيت حبيبي يا ناس                                 يا دمعتي سالت

يا وعدي يا بوي                                        يا ناري يا بوي

طلعت فوق السطح                                     والسطح وقعني

وكسر ذراعي اليمين                                    والثاني بيوجعني

يا وعدي يا بوي                                        يا ناري يا بوي

 

 

وهذا الموال اشتهر بغنائه عبد الواحد أبو عبدالله :     

يا ليل ... يا ليل ... يا ليل ...

الله مع البيض ان كشفوا عن المكشوفْ
 

بيسوّحوا الشاب لو كان له نظر ويشوفْ
 

والبيض سكر يلالي بالورق ملفوفْ
 

والسمر عطر بالقناني بالجمال موصوفْ
 

يا ربي ياللي انت عالم وبتشوفْ
 

من لام أهل المحبه يبتلي ويشوفْ
 

 

 

 

 

 

المحتويات

المقدمة  ........................................................

الفصل الأول   ..................................................

 التراث البحري في العقبة ................... .................

مميزات مدينة العقبة وخصوصيتها............................

مميزات التراث البحري في العقبة............................

يوميات عقباوي ............................ ...................

الفصل الثاني............................ .......................

مفردات التراث البحري في العقبة............................

رحلة الصيد (السرحة) أو (القنصة) ........................

أدوات الصيد وطرقه............................ .............

القوارب التراثية في العقبة....................................

الأكلات الشعبية البحرية.......................................

أغاني البحر.....................................................

الرقص الشعبي..................................................

أشهر العازفين والمطربين الشعبيين في العقبة...............

الفرق الفنية البحرية............................................

الآلات الموسيقية في العقبة....................................

المعتقدات الشعبية البحري.....................................

الأسماء التراثية للمواقع الساحلية على شاطئ العقبة .......

الفصل الثالث............................ ........................

عبد الواحد أبو عبدالله أيقونة التراث العقباوي...............

 

 

 

 

 

 

B

 

 [1] - المكتبة الوطنية - ملف رقم 28/5/5/10

[2] - arapia petraea – alois musil – p 47

[3] - تاريخ سيناء – نعوم شقير - ص 193

 [4] - ابي وديع انطونيوس اسعد – نجوى وديع اسعد – ص35

 [5] - ابي وديع انطونيوس اسعد – نجوى وديع اسعد – ص37

 [6] - ابي وديع انطونيوس اسعد – نجوى وديع اسعد – ص38

[7] - IN THE HOLY LAND – PAINTINGS BY DAVID ROBRTS – P -19  ،أيلة والبحر الأحمر – يوسف غوانمة – ص18

[8] -  arapia petraea – alois musil – p 47

[9] - alois musil – p 85  the northern hegaz -

[10] IN THE HOLY LAND – PAINTINGS BY DAVID ROBRTS – P-20

[11] - دائرة المعارف الإسلامية –ص 209

[12] - /النشاط التجاري في قضاء العقبة في عهد مملكة الحجاز- محمد سالم الطراونة-ص271- مجلة دراسات – الجامعة الأردنية -المجلد 36 – العدد2-حزيران 2009

[13] - من التراث البحري القطري – جاسم عبدالرحمن عيسى المناعي – ص243

 [14] - ابي وديع انطونيوس اسعد – نجوى وديع اسعد – ص77

[15] - نجمية حكمت- 65 عاما من حياة امرأة اردنية – ص80

 [16] - المكتبة الوطنية - ملف رقم 24/12/4/1

 [17] - أخرجه الأربعة، وابن أبي شيبة، واللفظ له، وصححه ابن خزيمة والترمذي.

[18] - تاريخ سيناء – نعوم شقير –ص 612

© 2024 تطوير وتصميم شركة الشعاع الأزرق لحلول البرمجيات. جميع الحقوق محفوظة