عمون - من ساجدة الحياري..
السلط مدينة الأوائل وعلى سفوح الجبال المعلقة والوديان المنحدرة وبين كل تلك الحجارة الصفراء التي تعاقبت عليها الحضارات وتحديدا بالقرب من ساحة الأحرار التي شهدت العديد من المسيرات وبين تلك الحضارة والميراث خصيصا في جوار متحف السلط التاريخي المعروف "ببيت أبو جابر" الذي أقام به سمو الأمير عبد لله بن الحسين وبين كل ذلك المزيج التاريخي العريق يقع بيت خيرات السلط ذاك المقصد الذي بات وجهة من وجهات زوار المدينة بكل ما يتضمنه من عبق الماضي بنكهة الحاضر ناتج من أيادي سيدات المدينة التي بات لهن محطة انطلاق وتمكين متوسطة إياه امرأة ترتدي الثوب السلطي أمامها سخان من القهوة العربية بنكهة الهيل إلى جانبه وعاء من الكعك السلطي الأصفر الذي يشبه حجارة مبانيها يرحب بزواره يوميا من أبناء المدينة إلى السائحين فيها إلى تلك الوسائل الإعلامية التي باتت ترتاد إليه لتنقل إليكم تفاصيله.
وفي حديث خاص لصحافة اليرموك مع مؤسسة السيدة ثائرة عربيات واصفة إياه بقصة نجاح الثلاثة عشر عاما التي تعاقب فيها أجيال حيث بدأ مشروعها من ذاك الحين التي كانت تمارس به إعمالها اليومية ذات الطابع التراثي المميز من تحضير لبعض الأطعمة والأطباق ذات النكهة الخاصة التي كادت على وشك الانقراض بتغير نمطية الحياة وتوسع مجالاتها إلا أنها باتت على تمسك كبير بما تعلمته وتوارثته حينها من جدتها ووالدتها ووالدة زوجها التي كان لها بصمة خاصة فيما تصنع اليوم إضافة إلى كل هذا تقول عربيات أنها كانت تفضل ركن الأزياء الشرقي القديم وتميل إلى معرفة تفاصيله ودلالاتها إلا وكانت أيضا تمتهن مهارة التهديب بكافة أنواعه إلا أنها وحين شعرت بمدى تراجع الموروث الثقافي المميز شعرت بمدى مسؤولية ما تحملته لعاتق نشرها إياه وإعادة إحياء ما اكتسبته طيلة تلك الفترة من حياتها.
ومن هنا بدأت لها فكرة المشروع التي تعيد إحياء الماضي بنكهة الحاضر وعيون المستقبل الذي باتت تحمله أمانه لكل من يشاركها إياه وتقول عربيات انه في بداية الأمر بدا لها بأمر يحتاج إلى عناية دقيقة لكل ما سيقدمه حتى وان كانت تلك العناية إلى اسم المكان التي باتت متحيرة اتجاه إلى حين أن ساعدها احد أصدقائها موجها لها أن يكن هناك بيت للخيرات في كل محافظة يعرض ما يميزها عن غيرها ومن هنا أطلقت عليه اسم بيت خيرات السلط.
وتشرح لنا عربيات عما يتضمنه بيت خيرات السلط من ثلاثة أقسام بداية بالحرف الوطنية كتهديب الشماغات الذي عملت على استقلاله لضمان تشغيل اكبر نسبة من السيدات والشابات وأطلقت عليه مسمى "مهدبات الهدب " أما عن القسم الثاني المميز تضمن الأزياء التراثية بكافة أشكالها ابتدءا بالزي السلطي المعروف باسم "الخلقة السلطية" التي تشكل ثقافة اجتماعيه بحد ذاتها إضافة إلى أزياء المحافظات الأخرى التي تروي قصص بين طياتها أما عن القسم الثالث فتضمن المونة السلطية والتي تتكون من عدد من الأطعمة المميزة المصنوعة بطريقة ما تبت إلى عادة أو ثقافة أو مناسبة خاصة كالخبيصة التي تصنع من العنب والكعك السلطي واللزاقيات السلطية المميزة بكثرة سمنها .
وتضيف عربيات إلى أن المشروع ليس قائم بها وحدها إنما هو ممكن اقتصادي واجتماعي للكثير من السيدات المشاركات بما ينتجه بيت خيرات السلط كما نوهت إلى إن وبعد قرار إدراج السلط ضمن قائمة التراث العالمي شعرت بمزيد من المسؤولية والخوف اتجاه ما تقدمه بعدما أصبحت مدينة السلط وجهة سياحية ومقصدا للعديد من الزوار.
وتوصي عربيات جميع السيدات بما هن أهل لتلك الثقافة ضرورة تمسكهن بها والمحاولة على نشرها قدر الإمكان لكي لا تنقرض لأنها تلك الهوية التي تمتاز بها جغرافيتنا المتنوعة التي مكنتنا من الاختلاف الجامع على هوية واحدة تحت تفاصيل مختلفة .
بيت خيرات السلط احد محطات الرحلة إلى مدينة السلط الذي تجد به ما نبحث عنه جميعا ألا وهو خيط بسيط من ذاكرة الماضي العريق الذي عاش به أجدادنا وإبائنا من قبل ذاك المتجر الصغير بحجمه الكبير بتفاصيله هو ليس بيت للسلط إنما للجميع