سحر ملص*
عمان- وأنت تقرأ في كتاب الدكتورة سحر البشير، “رواقنا- خزنة ذاكرتنا الجميلة من التراث الأردني” الصادر ضمن منشورات جمعية الأسرة البيضاء منتدى الرواد الكبار، عن الزي الأردني والتراث الأصيل.
ترحل في طياته عبر ربوع الأردن. تتنشق عبير زهورها، تحلق مع طيورها، وتستمتع بزرقة سمائها، لتبدأ رحلتك من شاطىء العقبة الذي يغص بالصيادين الذين يرتدون الوزرة ولباس البحارة وقلوبهم معلقة ببحرها الذي تتلألأ أشعة الشمس على صفحاته، لتسمع إيقاع السمسمية وصوتهم الهادر يشدو أنا من العقبة ياعيوني من فوق المركب شوفوني.
تم ترحل بعدها الى معان مدينة العز والأصالة راعية قوافل الحجاج، وفاتحة ذراعيها لمؤسس المملكة، هناك تستقبلك النساء بالثوب الهرمزي المصنوع من حرير الهند، والمستورد من الشام، بألوانه الزاهية وتفصيلته المميزة ليكون منسوجا بقصب الأصالة وخيوط الكرم.
ثم تحملنا الى الطفيلة بثوب المرأة المثمنة واللون الأزرق والأخضر، هذا الثوب المضمخ بعبق الجوافة، من هناك ترحل بنا الى الكرك والمدرقة الكركية المطرزة بألوان زهر الرمان، وخضرة ثمار التين وسنابل القمح، أما في مادبا، مدينة الفسيفساء والتاريخ، المدينة التي تجاور نساء بني حميدة وتحفن من تراث اهل الكرك الذين عشقوها فاستوطن بعضهم بها حاملين مدارقهم وثوب العروس.
في عمان.. آه من عبق تراب جبال عمان المضمخ برائحة خليط السكان مثل باقة ورد من الشوام والشركس والفلسطينيين والشيشان وأزيائهم المختلفة التي تشكل لوحة فسيفساء أصيلة، من هنا ترحل بنا الى ربوع السلط لتستقبلنا المرأة السلطية وهي ترتدي الخلقة أوثوب العروس الذي يحتاج الى أكثر من عشرين مترا من القماش لتزينه برسوم مختلفة ليصبح تحفة تراثية.
من هناك نرحل الى جرش بربيعها الزاهي الذي يلون ثياب نسائها والعرجة التي تغطي الرأس، لنحلق مع الغيم في رحاب عجلون نتنشق هناك عبق الطيون ونلوح لنساء شامخات يرتدين الثوب الأسود المصنوع من قماش الملس.
الى إربد وسهل حوران الزاهي بألوان الطيف حيث المرأة تتهادى بثوب الشرش، الزاهي بالألوان والقطب المختلفة، لتنادينا الرمثا بأغنيتها المشهورة :”دق الماني دروب دروب / عالغربة ياصبر أيوب”.
هناك تقف الرمثاوية مثل نخلة باسقة بثوب الحبر المطرز بالمناحل وبين ابرتين، تغطي رأسها بالبشكير الألماني الذي أحضره الرجال في الماضي أثناء غربتهم في المانيا. أما واحة الأزرق بطيورها ومحمياتها وسكانها من الدروز وثيابهم فتلك قصة أخرى.
كتاب الدكتورة سحر جابر البشير رحلة ممتعة في ربوع الاردن تتعرف الى تراثها وزي نسائها ورجالها، وحين تقرأه تشتم عبر صفحاته رائحة القهوة الممزوجة بالهيل.. تسمع صوت المهباج، تسهر مع السمار، تذهب لطلب العروس مع الجاهة، تسهر مع الحصادين في ليالي الحصاد، تدخل حلقات الدبكة، تخضب يداك بالحناء وتدخل حلقات الدبكة في الأعراس.
تحية للدكتورة سحر البشير على هذا الإنجاز.
- المستشارة الثقافية في منتدى الرواد الكبار
-