منى أبو حمور / عمان
بخطوة جديدة من نوعها، توثق مؤسس شركة “إرث الأردن”، الإرث الغذائي الأردني بمجموعة من الفيديوهات التي تبين طريقة إعداد الأطباق التراثية الأردنية التي مضت عليها سنوات طويلة.
56 طبقا تراثيا أردنيا تناولتها المؤسسة في زاوية الإرث الغذائي حاكت من خلالها ذاكرة الأردنيين ولونت بها حاضرهم، مثرية سفرة الأردنيين بتشكيلة متميزة وتاريخية من الأطباق الأردنية التي يجهلها الكثيرون.
ويوضح مؤسس الشركة، فراس خليفات، أن توثيق الإرث الغذائي هو جزء من توثيق الإرث الأردني، لاسيما وأن الأكل وسيلة لنقل الثقافة على مستوى الأردن وخارجها، ولتكون أيضا فرصة للناس حتى يتعرفوا على تراث المدن والمحافظات وقرى المملكة الأردنية الهاشمية.
وتمكن الخليفات وفريق عمله من إنعاش ذاكرة الأردنيين حول العديد من الأطباق التي اندثرت ولم يعد هناك استهلاك لمكوناتها، الأمر الذي أثر على المزارعين مثل اللفت والسفرجل وجريشة القمح وغيرها من المواد الأساسية التي تدخل في طبخات التي لم يعد عليها إقبال في الوقت الحاضر.
ولم تقتصر الفيديوهات على أطباق معينة فحسب، إنما عرض جميع الأطباق التقليدية الموجودة في محافظات ومدن المملكة كافة على اختلاف عاداتهم وتقاليدهم بإعداد هذه الأطباق والنكهة التي تميز هذا الطبق عن غيره.
وتلعب التوابل والسمن الذي تصنعه سيدات المدن والقرى الأردنية بتميز تلك الأطباق عن غيرها، وما يميز طبقا في مدينة السلط عن آخر في مدينة الكرك يكون في كيفية إعداد الطبق والبهارات الطبيعية المستخدمة و”نفَس الأمهات”.
يقول “حرصنا على المحافظة على النكهة الأصلية للطبق”، وذلك من خلال التعاون مع سيدات أردنيات من المحافظة أو المدينة ذاتها التي نعد طبقا منها؛ حيث قدمت بعض السيدات الأطباق كهدية للإرث الأردني، افتخارا بتقاليدهن الغذائية واعتزازهن بتراث مدينتها وسعيا لنشر ثقافتها الغذائية.
لم يكن خليفات يتوقع تجاوب الناس الكبير مع هذه الفيديوهات؛ حيث تفاعل عدد كبير معها خلال دقائق قليلة من عرضها على “يوتيوب” وصفحة “إرث الأردن” على “فيسبوك”؛ حيث بدؤوا يستذكرون عبر تعليقاتهم لحظات تناولهم لهذا الطبق والترحم على جداتهم اللواتي تميزن في إعداد هذه الأطباق.
ولم يتوقف تأثر الناس بهذه الفيديوهات على المشاهدة فحسب، وإنما تبادلوا التعليقات بالأسئلة والاستفسارات حول هذه الأطباق، وإن وجدت أطباق أخرى تحاكي التراث الغذائي الأردني، مبدين استعدادهم لتصوير أطباق وإرسالها لموقع “إرث الأردن”.
وجاءت هذه الوصفات التي نشرتها “إرث الأردن” لتحاكي ذاكرة كبار السن مع هذه الطبخات، وأرجعتهم إلى الزمن البعيد وكيف كانوا يعدون هذه الأطباق، فتبعث فيهم الدفء في الشتاء وتملأ بطونهم وتسكت جوعهم.
خليفات يؤكد أن تلك الفكرة تعرف الأجيال الجديدة التي لم تكن تعرف هذه الطبخات؛ حيث يحرصون على تقديم تجربة جديدة وممتعة للمشاهد، ومنح الأسرة الأردنية خيارات جديدة بعيدا عن الوجبات السريعة.
وتعد هذه الفيديوهات خطوة أولى لتأسيس “مطبخ إرث الأردن” الذي ينوي خليفات إنشاءه قريبا وتأسيسه في العاصمة عمان ليكون مطبخا لتقديم الأطباق التراثية الأردنية بنكهة أيام زمان، تعبيرا عن الهوية الغذائية الأردنية.
وسيعبر هذا المطعم عن الطبق الأردني ممزوجا بعبق التاريخ الأردني، خصوصا في ظل غياب مطبخ تراثي يحاكي بأطباقه كافة محافظات وقرى ومدن المملكة في الأردن.
وسيقدم مشروع المطبخ الدعم الكبير للعديد من فئات المجتمع كالمزارعين والسيدات الأردنيات اللواتي سيقدمن خبرتهن في الطبخ لتلبية الطلبات والتواصي، فضلا عن تواصل القائمين على المشروع مع السيدات وشراء المنتوجات المنزلية منهن للحفاظ على نكهة الأطباق.
يقول “الحفاظ على نكهة الأطباق يتطلب أن تكون المنتجات بلدية ومن المنطقة ذاتها كذلك التوابل وطريقة الإعداد”.
ويعكف خليفات، وبعد حصول “إرث الأردن” على منحة من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، على توثيق أربعة مواقع أثرية جديدة على تقنية العالم الافتراضي لتصبح 11 موقعا أثريا على التقنية ذاتها.
وسيقوم خليفات، برفقة فريق العمل، بعمل جولات ميدانية على مراكز ذوي الإعاقة ومركز الحسين للسرطان، سيقومون من خلالها بنقل المرضى افتراضيا إلى المواقع الأثرية المختلفة في الأردن التي تعذر عليهم الذهاب إليها بسبب وضعهم الصحي