المساجد والمقامات القديمة في منطقة عجلون

المساجد والمقامات القديمة في منطقة عجلون

د.أحمد مصطفى القضاة   

محرر وباحث في الموسوعة العجلوني

 

 المحتويــات

 1 – المقدمة.

2- مسجد راسون.

3- جامع عجلون الأثري

 4- جامع كفرنجة الأثري.

5- خانقاه سيدي بدر.

6- بقايا لمساجد ومقامات قديمة.

  •  مسجد عصيم الأثري.
  • مقام الحاجة أميرة.
  •  مساجد جنوب بلدة عنجرة.  (الحنيش- السرابيس- الحزار- الفاخرة- مقام الشيخعجلون.يف)
  •  مساجد في الجهة الشمالية والغربية من محافظة عجلون .  ( لستب- دير الصمادية- حلاوة- الهاشمية- باعون- عرجان- راس منيف-
  •  سامتا- صنعار- المرجم- شين)

 

 

- هوامش ومراجع البحث.

                                                            

1- المقدمـة:

تعد منطقة جبال عجلون من أغنى المناطق بالمعالم الأثرية، ومن أكثرها حضارة وعمراناً، وإن كانت لم تظهر معالمها كغيرها من المناطق، إذ أن المنطقة تقلصت مساحتها شيئاً فشيئاً، مع أنها حوت قديماً مساحات واسعة، وحضارات عريقة، ومعالم أثرية غنية، حيث ثبت تاريخياً وحسب الاكتشافات الأثرية للمناطق الأردنية، أن حضارات عدة لما قبل الميلاد سكنت هذه الجبال، لكن طبيعة المنطقة الجبلية، واكتظاظها بالأشجار وطراوة حجرها وضعف تماسك تربتها جعلها لا تخلف المعالم الأثرية القديمة زمناً بعيداً، ويتأكد هذا المعنى في زوال مساكن أجداد الأجداد التي كانت عامرة مزدهرة، حتى أن الكهوف المنتشرة في الجبال تتعرض تعرضاً بليغاً لما تتعرض له بقية المعالم الأثرية من عوامل الطبيعة المتغيرة، ومن أعمال التخريب والعمران، وقد علّل الرحالة الذين زاروا جبال عجلون كثرة الخرائب فيها وانطماس المعالم الأثرية القديمة منها بطراوة حجرها المستعمل في البناء، لأنه يتآكل مع الزمن.

والحفريات التي تتم أثناء عملية شق الطرق وإعادة العمران تشير إلى وجود آثار قديمة في مناطق الجبال المختلفة، وكذلك الاكتشافات البسيطة الفردية التي يعثر عليها الناس أثناء حفرياتهم تدل على عمق الحضارات الماضية التي كانت في المنطقة، ولكن لا نجد من هذه الدلائل كمعلم أثري بارز قديم سوى الجامع الأثري والقلعة الأثرية، مع أن التاريخ يحدثنا كثيراً عن منطقة عجلون، ووجود حضارات وأمم فيها، ومن أبرز هذه الحضارات التي يستدل بها على الوجود السكاني والوجود الحضاري هي الحضارة الرومانية التي اتخذت من مدينة جرش منطلقاً لها إلى المناطق المجاورة، لكن عوامل الطبيعة لم تؤثر في البناء المتخذ في آثار جرش بينما أثرت على المعالم الموجودة في جبال عجلون، نظراً لكونها جبلية، ولطراوة حجرها، ولضعف تماسك تربتها، وإلا كيف يعقل عمران منطقة وهجران جارتها؟ ونحن لا نرى في المنطقة مثلاً الأبنية والمساكن التي أقامها الأجداد السابقون الذين ثبتت سكناهم فيها، وقد حدثنا التاريخ بصفحاته الموثوقة عن سكنى الأمم فيها.

والآثار التي طمست في المنطقة هي كأي آثار حضارية في أي منطقة أخرى لكن كما قلت لم تظهر معالمها إلا بصورة فردية أثناء اكتشافات عفوية فردية، وهي تشبه الأشياء المتخذة في حضارات المناطق الأخرى، وخاصة المجاورة، وتتلخص في الكهوف والمساكن والعمران والمقابر والآثار، وكذلك المساجد منذ الفتح الإسلامي.

ولما كان البحث في سرد الكهوف أو الأحجار المتناثرة أو الآبار المنتشرة صعباً ويأخذ جهداً طويلاً فسأكتفي بالكتابة عن المساجد الأثرية القديمة الموجودة في محافظة عجلون مع أن المحافظة تحتوي على أكثر من مائتين وخمسين موقعاً أثرياً، على اعتبار أن المسجد دلالة تجمع سكاني ووجود حضاري في المنطقة التي يوجد فيها، وقد أفردت الحديث عن المعلم الحضاري الديني وهو جامع عجلون الأثري، والمعلم الحضاري العسكري وهو قلعة عجلون الأثرية، لأضيف إلى ذلك جامع كفرنجة الأثري، وخانقاه مدينة عجلون.

2مسجد راسون:     د. محمد أبو عبيلة

          يقع المسجد وسط قرية راسون، ويقع جغرافيا وحسب نظام التموضع الجغرافي الدرجات العشرية عند الإحداث ( 32˚,39951) شمالا والإحداث (,76090˚35) شرقا، ويرتفع فوق سطح البحر نحو ( 728م).

 

 

 

 وما زال يؤدي وظيفته الإنشائية التي أنشئ من اجلها وهو خير أنموذج باقي لجوامع ومساجد الأردن في العصور الوسطى لاحتفاظه بتراث مادي يعكس التقاليد المعمارية الأموية والأيوبية والمملوكية والعثمانية سواء من حيث التخطيط أو من حيث ضخامة الجدران، وارتكاز السقف على دعامات مربعة بدورها تبين التأثر المباشر بين هذا المسجد والمساجد الإسلامية الباقية في عجلون وكفرنجة، والجوامع الإسلامية الأخرى في بلاد الشام ومصر.

تخطيط المسجد:  للمسجد مدخل واحد في الجهة الشمالية يفضي إلى داخل المسجد، وهو عبارة عن مساحة مستطيلة المسقط ويتبع تخطيطه الطراز غير التقليدي للمساجد وجوهر تخطيطه ( المسجد ذو الأروقة دون الصحن) ويمتد من الشرق – الغرب بشكل عرضي بطول ( 11م) وعرضه من        الشمال – الجنوب (5.60م) ، وذلك إذا قيست الجدران من الداخل وبشغل مساحة إجمالية قدرها (61م2) تقريباً، ويتكون المسجد من رواقين بواسطة بائكتين معقودتين بعقود متقاطعة كل بائكة تتكون من ثلاث دعامات مربعة تسير عقودها موازية لجدار القبلة وينطلق من أعلى الدعامات عقود متقاطعة قسمت سقف كل رواق إلى ثلاثة مساحات مربعة غطي كل منها بقبو متقاطع ويأخذ شكل الدعامة شكل المربع وتقوم مقام الأعمدة في حمل السقف المقبي بالأقبية المتقاطعة.

عناصر المسجد الزخرفة: نتيجة الإضافات التي أحدثت على المسجد والتغييرات المتمثلة في قصارة المسجد من الداخل والخارج وتكسية الجدران الداخلية بالخزف الصيني كما يظهر في اللوحة الفوتوغرافية

 

 

 

 جميعها أدت وللأسف الشديد إلى طمس معالم المسجد الزخرفة، ولم يبق من هذه المعالم سوى شريط زخرفي يزين واجهتي المدخل، وقوام هذه الزخرفة ما يعرف بزخرفة ( البيضة والسبحة) وتعتمد هذه الزخرفة في حقيقتها على الأشكال الهندسية المنتظمة المتشابكة مع بعضها على شكل سلسلة أو على شكل صف من أشكال تشبه اللآلئ الساسانية والشرفات المثلثة المسننة واستعملت الأشرطة والإطارات التي تقوم على استعمال صف من الدوائر والحلقات أو الأقراص والكرات الصغيرة تتكرر وتتعاقب وتتبادل إلى ما لا نهاية يغلب عليها التناظر والتكرار وقد أبدع الفنان المسلم في تركيبها إبداعا كبيراً بحيث لا تسأم العين من النظر إليها وبأسلوب لا يقل من قيمة عمله وجمال زخارفه.

 

تاريخ الإنشاء: يتضح جلياً بعد أن تناولنا تخطيط وتصميم المسجد ومعاييره التخطيطية  والزخرفة أن هناك تشابه إلى حد كبير بينه وبين مسجدي عجلون وكفرنجة وهناك الكثير من القواسم المشتركة وعناصر الائتلاف التي تجمع بينهما ويتضح هذا التطابق في التخطيط ونظام الحركة والدخول ونظام التهوية والإنارة والتغطية ومواد البناء واستنادا إلى المعطيات المعمارية والزخرفية فانه يمكننا تأريخ المسجد للعصر الأموي القرن الثامن الميلادي وأعيد ترميمه في العصرين الأيوبي والمملوكي القرن 13-14 ميلادي وأعيد استخدامه في العصر العثماني.

 

3- جامع عجلون الأثري:

جامع عجلون الأثري منارة من منارات الإسلام الكبرى في بلاد الشام، ومعلم من معالم الحضارة الإسلامية في الأردن، ورمز من رموز جبال عجلون المضيئة، وضوء براق في ثنايا الحياة اليومية، ومشعل نور ينير الطريق للسائرين وسط البرية، وعنوان مجد للأمة الإسلامية، ناطق بالحق صباح مساء، وشامخ بعلوه وسط السماء، يشع نوراً وبهاءً وضياءً، ويسطر أمجاداً وعزةً وإباءً، يضاهي شموخ الجبال الراسيات، ويستنطق بمنارته النجوم المضيئة، ويرسم مجداً لعجلون وفخراً وآيات، ويحوي بتاريخه أياماً مشرقة منيرة، وينادي الأهل من حوله أن الأجداد بنوا قلعة عتيدة.

 

الجبال من حوله خضراء، والأودية من خلالها منسابة بالماء، تروي المعلم الأثري وتبعث فيه الحياة، ليجدد المجد والتاريخ، ويروي قصته الروحية لأجيال الحياة، ويدعوهم ليكونوا أبطال جهاد وعبادة، ورواد علم وثقافة. وكلما رفع المنادي صوته عالياً مكبراً، تجاوبت أرجاء الأودية والجبال حباً وتشوقاً، وعزفت أوراق الشجر وطلائع الزهر طرباً وتحبباً، وغردت العصافير وغاباتها مع المؤذن شوقاً وتضامناً، وتبسمت جنبات الحياة فرحاً وتبسماً.

 

ويتعانق المسجد الأثري بالقلعة الأثرية، ويتسابق الاثنان شموخاً في كبد السماء، وهما يتحليان بأثواب المجد والنصر والإباء، ويتوجان جبال عجلون علماً وجهاداً بأقلام العارفين وصفحات العظماء، تنظر للقلعة فيستهويك المسجد، ثم تنظر للمسجد فتستهويك القلعة، لتبقى بين شموخ الروح والجسد، وبين منارة العبادة والجهاد، ثم تنتهي الأجيال وتأتي الأجيال ويصمد المسجد وسط الجبال، وتشمخ القلعة فوق التلال.

 

هذا المعلم الحضاري والرافد الروحي يجعلك تحلق في رحابه قبل البدء بتاريخه وأيامه، وكان لزاماً علي أن أسطر خاطرتي القصيرة قبل البدء بالحديث عن ذكرياته المجيدة، فإن العاطفة تستنطق العلم أحياناً وتسبق المعلومة أحياناً أخرى.

 

يعود بناء هذا المسجد العظيم إلى العهد الأيوبي والعهد المملوكي(1)، إذ ظهرت ملامح البناء الأيوبي والمملوكي عليه، والطرز المعمارية المتبعة فيه هي طرز معمارية أيوبية ومملوكية، حيث أمر ببنائه الملك الصالح نجم الدين أيوب صاحب مصر في سنة 645هـ: 1247م، وتحت إشراف نائبه الأمير علاء الدين أيدكين بن عبد الله البندقدار الصالحي، وبحضور الظاهر بيبرس الذي حضر مع مماليك الأمير، وأصبح سلطاناً فيما بعد.

 

ومما يدل على بناء نجم الدين للمسجد النقش الموجود على اللوحة التأسيسية المثبتة على باب المسجد الداخلي والتي تمت إزالتها مؤخراً، إذ وجدت العبارة الآتية: (بسم الله الرحمن الرحيم- إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين- هذا ما أنشأ وأعمر العبد الفقير إلى رحمته الراجي عفوه وغفرانه عمر بن دعماش بن يوسف الحميدي المالكي الصالحي النجمي في أيام مولانا السلطان الملك الصالح أبو المكارم نجم الدين والدنيا أيوب السلطان بن الملك الكامل محمد بن السلطان الملك العادل أبو بكر بن أيوب بن خليل أمير المؤمنين جمع الله له خير الدنيا والآخرة وذلك في العشر الأخير من شهر جمادى الآخرة المبارك سنة خمس وأربعين وستمائة أثابه الله تعالى).

وعندما تمكن الظاهر بيبرس من السلطنة ودانت له مصر والشام، لم ينس مدينة عجلون التي عاش فيها وقتاً من الزمن، وأحب أهلها وأحبوه وعشق جمالها وجبالها، فأمر في سنة 626هـ : 1263م، ببناء مأذنة بمسجدها الجامع، فبنيت في الجهة الشمالية الشرقية من المسجد، وقد دلت على ذلك اللوحة التي كتب عليها تاريخ البناء، إذ وجدت العبارة الآتية:

 

(بسم الله الرحمن الرحيم- إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين- أنشأ هذا  البناء المبارك في أيام السلطان ابن السلطان الملك الظاهر ركن الدنيا والدين بيبرس قسيم أمير المؤمنين المغفور له الراجي رحمة ربه سليم بن عبد الله الشوري تغمده الله وأسكنه بحبوبة جنته ورحم الله من ترحم عليه سنة اثنين وستين وستمائة من الهجرة النبوية).

 

وفي أيام السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون أتى سيل جارف على مدينة عجلون ومنشآتها وذلك في عام 728هـ : 1328م، وقد سبب هذا السيل هدم أجزاء من المسجد الجامع شمل الباب الشرقي والرواق القبلي والمطهرة والأوقاف التابعة للمسجد مع الأمتعة والبضائع التي فيها، وقد دخلت المياه وهي تحمل معها الحجارة والطين والأخشاب إلى قلب المسجد حتى بلغ الماء داخله إلى القناديل المعلقة في السقف.

 

ولما انتهت المحنة، وزال السيل، تواردت الأنباء إلى نائب دمشق سيف الدين تنكز بن عبد الله فندب إلى ذلك من يقوم بإعادة المنشآت المتهدمة إعادة جيدة بما في ذلك وقف الجامع المجاور له من الواجهة الشرقية، لكن هذا الوقف تهدم ثانية في عصور لاحقة.

 

وتشير بعض المصادر إلى أن المسجد الجامع في مدينة عجلون زمن الناصر محمد بن قلاوون كان يحوي مدرسة على غرار المدارس الملحقة بالمساجد في الشام والقدس، وتسمى بالمدرسة اليقينية، وهي داخلة ضمن المسجد في المنطقة الشمالية الشرقية منه، وقد تأثرت بالسيل تأثراً بالغاً مع ما تأثرت به الواجهة الشرقية.

 

وقد أشرف على البناء بأمر السلطان قلاوون ونائبه سيف الدين القاضي تاج الدين محمد الأخنائي قاضي عجلون يومئذٍ، ويدل على ذلك النقش الذي كتب على لوحة حجرية مبين فيها أعمال الترميم وتاريخ العمل لكن اللوحة وضعت في صحن المسجد ولم تثبت في مكانها المخصص، وقد وجدت العبارة الآتية:

 

(بسم الله الرحمن الرحيم- إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين – جدد هذا الباب المبارك في أيام قاضي القضاة علم الدين الأخنائي بالشام المحروسة بأمر مولانا القاضي تاج الدين محمد الأخنائي الحاكم بعجلون سنة اثنين وثلاثين وسبعمائة من الهجرة النبوية المحمدية).

 

وتشير هذه اللوحات الثلاث إلى أمور عدة منها:

  1. اعتناء الحكام والأمراء بالمساجد ورعايتهم لبيوت الله رعاية عالية، وحرصهم على إبقاء المساجد منارات هدى تخاطب الأجيال، ولذلك كان كل أمير أو حاكم يضع له بصمات على المعالم الأثرية، وخاصة الدينية منها.
  2. نلاحظ أن كل لوحة بدأت بالآية القرآنية المشهورة التي تحث على عمران المساجد، وهي إشارة إلى البعد الديني عند أولئك.
  3. تبدأ اللوحة بذكر العبودية والحاجة لله سبحانه وتعالى وتذكر رجاء الحاكم للعفو والغفران، ثم تختم اللوحة بذلك أيضاً.
  4. أُرِّخت اللوحات الثلاث بالتاريخ الهجري وهي دلالة على الاعتناء بتاريخ الأمة الإسلامية الذي أرخ به عمر بن الخطاب.
  5. ذكرت اللوحة الثالثة القاضي تاج الدين محمد الأخنائي بحاكم عجلون، حيث تدل على أن سلطة القاضي تشمل كل النواحي والقضايا، وهو بمثابة الحاكم الإداري بالإضافة إلى سلطة القضاء.

 

ومن النقوش المتقطعة التي وجدت على لوحات حجرية في مسجد عجلون ما أثبته الدكتور يوسف غوانمة في كتابه "المساجد الإسلامية القديمة في منطقة عجلون"، وقد تناول في الكتاب شرحاً تفصيلياً لبناء المسجد من الوجهة التاريخية والمعمارية،  وأورد أقيسة البناء، ودعَّمه بالرسومات والصور.

ومن هذه النقوش ما يعود إلى السلطان خشقدم 865هـ - 872هـ: 1461م -1467م، أحد سلاطين دولة المماليك الثانية (الجراكسة)، وقد وجدت الكلمات الآتية:

  1. . . . (الملكي الظاهري خشقدم خلد الله ملكه لا يضار جميع.
  2. . . . لعزله ورد؟ القطعة التي بقرب الخان والبساتين والجنايات والمظالم.
  3. . . . رد له المعز الحسامي خرج بالأمر الملكي بتاريخ أربع.....

ويفهم من الكلمات السابقة أن منطقة عجلون تبعت السلطان خشقدم المملوكي، وقد أمر السلطان برفع الضرائب والمظالم عن أهلها، كما يستدل على وجود خان في مدينة عجلون.

ومن النقوش أيضاً ما يتعلق بإلغاء بعض الضمانات إذ وجدت الكلمات الآتية:

  1. . . . الذين بعجلون من ضمانات...
  2. جميعاً حسب المربع الشريف وملعون ابن ملعون من جدده.
  3. بسم الله الرحمن الرحيم، المرسوم بالأمر الشريف العالي.

ويعد جامع عجلون من أعرق المساجد وأقدمها في منطقة شرقي الأردن، ويعد أحد مسجدين في مدينة عجلون، حيث تشير المصادر إلى أن الأمير سيف الدين تنكز ابن عبد الله الحسامي المتوفى عام 741هـ نائب دمشق بنى جامعاً في عجلون(2)، لكن لم يعثر على معالمه وآثاره.

أما الوصف العام للمسجد الجامع في مدينة عجلون فهو نفس الملامح العامة لأبنية المساجد القديمة التي كانت متبعة في مصر والشام، وخاصة في العصرين الأيوبي والمملوكي، وقد شمل هذا المسجد بيتاً للصلاة يتسع لأعداد كبيرة من المصلين، وقد بني في وسطه الأعمدة المربعة المتعانقة بشكل قوسي، وروعي فيه الانحدار القليل عن الجزء الشرقي من المسجد، ليكون قريباً من الانغلاق، فيحفظ المصلين من البرد شتاءً، ويجلب البرودة صيفاً، إضافة إلى الهدوء والاستقرار الذي يضيفه هذا الانغلاق بما يتناسب مع العبادة والذكر، وقد يكون بيت الصلاة مرتفعاً عند البناء، لكن تأثيرات الطبيعة ووقوعه في ملتقى الوديان جعله أخفض من البناء الذي أضيف إليه.

 

كما يوجد في داخل المسجد المحراب الذي عمل بشكل تجويف قوسي تعلوه قبة متناسبة مع شكله، وضعت على عمودين، وقد زخرف المحراب زخرفة جميلة تناولت أشكالاً لبعض النباتات، لكن الطلاء الحديث طمس الزخارف التي كانت مجملة للمحراب وللمسجد، ويوجد عن يمين المحراب منبر حديث البناء.

ونلاحظ في الواجهة الشمالية في داخل المسجد ثلاث خلوات، لعلها تستخدم للمعتكفين، خاصة في شهر رمضان، أو قد تكون مكاناً للكتب أو منظراً مكملاً للطرز المعمارية المتبعة في بناء هيكل المسجد، ثم تم فتحها مؤخراً لتصبح أبواباً يخرج منها المصلون من الجهة الشمالية.

 

ومن الواجهة الشرقية تنفتح ثلاثة أبواب، يتوسطها الباب الرئيس، وقد عملت واجهة الأبواب بشكل مهيب، وبأقواس هندسية رائعة، وعلى غرار الطرز المعمارية المتبعة في الشام في كون الأبواب ثلاثة ومن الجهة الشرقية، وهي بشكلها وأقواسها ومداخلها تعطي جمالاً ومهابة، كما عمل باب خاص من الواجهة الشرقية الجنوبية، ولعله مدخل خاص بالنساء، ويضيف الدكتور غوانمة تعليلاً آخر لهذا الباب بأنه قد يكون مدخلاً للحاكم زيادة في الحيطة والحذر.

ونظراً لوقوع المسجد في حضن الجبل ونهايته وعند ملتقى أودية تقريباً، فإن النوافذ كانت قليلة فلم يعمل سوى نافذتين من الجهة الجنوبية، وبنفس الطريقة المتبعة في الأقواس، بالإضافة للنوافذ التي عملت في القبة التي تعلو وسط المسجد، والملاحظ فيها أنها بسيطة الهندسة والزخرفة إذ تعد من النماذج الأولى التي كانت في عصر المماليك ثم تطورت.

 

وقد شملت الجهة الشرقية صحن المسجد المكون من ساحة مفتوحة محاط بأبنية وقفية، وقد يكون هذا الصحن أعد لأغراض كثيرة، فلربما استعمل كساحة مكشوفة يتدارس فيها المصلون، ويلتقي فيها الناس، أو يتدارس فيها المنتسبون للمدرسة اليقينية، أو أنه مصلى صيفي، كما يحتمل أنه استعمل للوضوء والطهارة، إذ المتوقع أن المتوضأ كان في يسار الداخل في صحن المسجد، ويحتمل أن الصحن كان يحوي نافورة ماء ثم أزيلت مع أعمال التجديد والترميم. وقد ذكر هذه الاحتمالات السيد محمد عثمان الكيلاني الذي اشترك في بناء الباب الخارجي للمسجد عام 1964م، ثم أُزيلت الأوقاف المحيطة بالمسجد من جميع جهاته.

 

ثم أضيف لبناء المسجد مأذنة في زمن الظاهر بيبرس، وذلك بعد بناء المسجد بسبعة عشر عاماً، كما يظهر من النقوش التي وجدت على اللوحات الحجرية، ثم أضيف إليها بقية المأذنة في سنين لاحقة لأن تكملة البناء حديثة، حيث يظهر الفرق جلياً من خلال النظر إليها(3)، ويذكر الدكتور غوانمة بأن المأذنة تعد أقدم مأذنة موجودة في منطقة شرقي الأردن، وهي تأخذ الطابع الشائع في مآذن الشام.

 

والحقيقة أن المأذنة بنسقها المعماري الجميل وشموخها العالي الأصيل قد أعطت بعداً تاريخياً مجيداً، ورمزاً إسلامياً بديعاً، وشاءت حكمة الله – سبحانه – أن تجاور المنارة الشامخة البيضاء شجرة باسقة خضراء، فتستهوي قلوب الناظرين، وكأن المأذنة نبت أصِّل جذره في الأرض كالشجرة المجاورة.

وهذا المعلم الأثري معلم إسلامي، اتبع في بنائه أصول العمارة الإسلامية وأقيم على تربة عادية طبيعية، وأنشئ لمقصد إسلامي نبيل، فهو لم يكن ردة فعل لأبنية المعابد والصوامع، ولم يبنَ على غير الأرض الإسلامية، ولم يتبع فيه غير الأسس الإسلامية المتبعة في البناء والعمارة، وأجزم بما أقول، وأؤكد على ما قلت، لأن بعض الحاقدين يرمي بأسهم الشكوك حول أرضية المسجد أو أطر البناء، لحاجة في نفسه، أو لضعف حجته.

 

والمسجد بناء إسلامي من أول حجر في قواعد بنائه إلى أعلى حجر في قمة مأذنته، لا أثر فيه لغير التأثيرات الإسلامية، وأدلل على هذه الحقيقة الساطعة رغم وضوحها، وبعد العرض السابق لتاريخ بناء المسجد بالأدلة التي تبين أصالة إسلامية المسجد من كل نواحيه وجوانبه:

أولاً: تؤكد المصادر التاريخية واللوحات المثبتة أن تاريخ البناء يعود إلى عصر الدولتين الأيوبية والمملوكية، كما أن البناء يشتمل على العناصر المعمارية المتبعة في الفن المعماري عند الدولة الأيوبية والدولة المملوكية.

 

ثانياً: مكونات البناء، وطريقة الإنشاء، وعناصر التخطيط في الأبنية تؤكد إسلامية هذا المعلم الأثري منذ البدء ببنائه، فالبناء يشتمل على بيت للصلاة ومحراب وصحن ومتوضأ ومدرسة ومأذنة، والبناء مؤسس وفق أسس أبنية المساجد وليس وفق أبنية أخرى، والفن المعماري الإسلامي في البناء ظاهر واضح.

ثالثاً: كثرة الكتابات الدينية التي كتبت على لوحات حجرية في أزمنة متعاقبة سواء عند البناء أو الإضافة أو الترميم، ولو وجد أثر مغاير للأثر الإسلامي في منطقة البناء أو الإضافة لذكر في التاريخ، إذ لا حرج لدى المسلمين يومئذٍ من ذكره.

 

رابعاً: يستبعد استبعاداً كاملاً أن يكون أي أثر للتأثيرات المسيحية أو غير المسيحية على البناء، فمنطقة البناء منطقة عادية، إذ لو كانت منطقة عذاب لما بنى المسلمون فيها لأنهم منهيون عن السير فيها فكيف ببناء المساجد عليها؟ ولو كانت مكان دير أو معبد أو صومعة لما بنى المسلمون فيها أيضاً، فإن عمر بن الخطاب أبى أن يصلي في الكنيسة عند فتحه لبيت المقدس حتى لا يتخذها المسلمون مصلى، وقد جاء في العهدة العمرية –أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينتقل منها ولا من حيزها(4) ولما أرسل أبو بكر الصديق جيشه إلى بلاد الشام أمره أن لا يقطع شجرة ولا يقتل شيخاً ولا يهدم صومعة، ثم ما الداعي لهدم الصومعة والأرض واسعة؟ والكنائس وغيرها من المعابد لم تتعرض لهدم عبر التاريخ الإسلامي الماضي.

 

ولا غرابة في الاستطراد، فلقد أتى لويس مخلوف بقول ضعيف، -هو ذكره بصيغة التضعيف- في كتابه –الأردن تاريخ وحضارة(5)ليعطي بعداً مغايراً للحقيقة التاريخية عن بناء المسجد وأرضيته، إذ يقول: ولربما أقيم على أنقاض كنيسة بيزنطية- وكأن البيزنطيين لا حضارة لهم إلا تحت جدران المسجد الأربعة، ومع أن لويس طرح الخبر بصيغة التضعيف الذي لا يقوى أمام الحقائق إلا أنه كان يقصد من ذلك أموراً، إذ أن الذين لا يدققون النظر سيأخذون الخبر على أنه حقيقة، وكل هذا تمشِّياً مع نهج المستشرقين في تثبيت الحقائق التي يريدونها حيث تبدأ أولاً بالإشاعات والأقاويل لتنتهي إلى تاريخ وحضارة، ثم أنه دلل على قوله بفكرة ضعيفة حيث قال: إذ أن التاريخ لا يذكر على الإطلاق أن الصليبيين قد تمركزوا طويلاً في جبل عجلون،- لأنه لا يعني مكث الصليبيين أو عدمه وجود كنيسة بيزنطية قديمة.

 

4- جامع كفرنجة الأثري:

   يعود بناؤه إلى العهد العثماني، وقد اتبع في بنائه أسس العمارة الأيوبية والمملوكية، حيث أنه يشبه جامع عجلون الأثري من أوجه متعددة، إذ نلاحظ فيه الأعمدة والسقف والمحراب والمدخل والشكل الداخلي كما نلاحظه في جامع عجلون، إلا أن جامع كفرنجة له مداخل من جهة الشمال خلافاً لجامع عجلون الذي اقتصرت أبوابه على الجهة الشرقية، ولعله فعلاً جمع أسس العمارة العثمانية والأيوبية والمملوكية.

وقد دلت اللوحة التأسيسية المثبتة فوق المدخل الشرقي المغلق حالياً على تاريخ تجديده، إذ تشير اللوحة إلى أن تاريخ التجديد كان عام 1320هـ : 1902م وذلك في عهد السلطان عبد الحميد الثاني الذي استمر حكمه من 1876م – 1909م.

واللوحة مكونة من سبعة أسطر تحوي المعلومات الآتية:

  • تم بواسطة بسم الله الرحمن الرحيم فوزي باشا.
  • إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر.
  • هذا جامع الفاروق من جعل بإحيائه للطاعات باباً مشرعاً.
  • وبعد اندراس جددته عصبة تصدت لفعل الخير والبر أجمعين.
  • بأيام سلطان الأنام مليكنا حميد المزايا من به الفضل جمعاً.
  • قرابة للرحمن أرَّخ ما ازدهى به نبي الله في الفردوس لمن سعى بيننا.
  • 1320هـ.

وتدل هذه اللوحة على معلومات قيمة حول المسجد، إذ أنها حوت تاريخ التجديد الذي كان زمن السلطان عبد الحميد الثاني وتم بواسطة فوزي باشا، وكان هذا التجديد بعد اندراسه، بمعنى أن بناء المسجد ومكانه قديم وأثري، وأنه تعرض لهدم وإزالة أو لتساقط جدران وما شابه ذلك، مما دفع أهل الخير والمعروف في البلدة للتصدي لهذا الاندراس والقيام بإعادة بنائه وتجديده، والتطوع بأنفسهم وأموالهم للحفاظ على المسجد قربة للرحمن وحباً للطاعات، وقد أخذ هذا المسجد تسمية الفاروق نسبة إلى الفاروق عمر بن الخطاب، كما هو واضح من السطر الثالث في اللوحة.

واللوحة موجودة – كما ذكرنا - في الجدار الشرقي فوق أحد الشبابيك الشرقية الذي كان باباً ثم أغلق، ولعل الباب أغلق في عهد التجديد، وهو بملامحه وأسسه يحوي ملامح العمارة العثمانية والأيوبية والمملوكية(6)، وقد يكون من أسباب تجديده في العهد العثماني كونه عثمانياً، وتعرض لاندراسٍ زمن العثمانيين.

 

5- خانقاه سيدي بدر:

   ومن المعالم الأثرية البارزة في عجلون خانقاه مدينة عجلون (سيد بدر)، الذي اكتشف حديثاً حيث قامت وزارة الأوقاف الأردنية مؤخراً بإزالة الأتربة المتراكمة عليه، وإظهاره بصورته القديمة مع أن البناء تهدم منه أجزاء لا بأس بها أثناء فتح الطريق العام، وذلك من المنطقة الغربية الشمالية، ولو قدر أن ظهر بصورته المتكاملة لأعطى بعداً حضارياً أكثر من وضعه الحالي، مع أن الجزء المتبقي يشير إلى أهمية عظيمة لمدينة عجلون زمن الأيوبيين.

 

والخانقاه عبارة عن مبنى يحوي مرافق عدة يقام من أجل العبادة والعلم، وهو يشبه المؤسسة الدينية التعليمية في العصر الحديث، كما كان يشبه الزوايا والأربطة في الزمن الماضي، لكن الزوايا أعدت للعبادة فقط والأربطة أعدت للجهاد فقط، إلا أن الخوانق تشمل أكثر من مرفق وتحوي أكثر من هدف، مع أنها بدأت أولاً بما يشبه بيوت الصوفية، وقد ظهرت هذه الخوانق زمن الأيوبيين، ذلك الزمن الذي كثر فيه الزهاد والعباد، واحتلت فيه الصوفية مكانة مرموقة بين الناس.

وأقيم في مدينة عجلون واحد من هذه الخوانق زمن الأيوبيين(7)، ولعلها رافقت بناء الجامع والقلعة زمنياً، ذلك أن الملامح العامة لهذا البناء أيوبية، ثم إن الخوانق لم تكن معروفة قبل الدولة الأيوبية كما يذكر القلقشندي(8).

 

6- بقايا لمساجد ومقامات قديمة(9):

 الموجودة في الجبال التي ظهرت ملامحها بصورة بسيطة فهي كثيرة، وتحتاج إلى وقت وجهد كبيرين، وقد يساعد عامل الزمن مع البحث الحثيث على اكتشاف مساجد أثرية ذات دلالات عظيمة على حضارة المناطق والقرى، ووجود السكان وعمرانهم، لأن المسجد عنوان تجمع في التصور الإسلامي، وحيثما وجد فهو يعني التجمع السكاني والحضارة العمرانية، وقد أحصى الرحالة خرائب عدة في أودية راجب وعجلون واليابس أثناء زياراتهم للجبال في سنين غابرة, لكن عوامل الطبيعة –كما ذكرت- أدت إلى طمس كثير من المعالم الحضارية المهمة.

ومن هذه المساجد القديمة المهجورة:

 

أ- مسجد عصيم الأثري:

    ولا يظهر منه إلا المحراب والباب الغربي وبعض القناطر البسيطة، التي تشير إلى البعد التاريخي لهذا البناء، إذ من المتوقع أن يعود تاريخ بنائه إلى العصر الأموي، لأن ملامح البناء ملامح أموية، وقد يرجح هذا القول وجود الأمير محمد بن عبد الملك الأموي وسكناه في بلدة راسون، على اعتبار أن الأرض المبني عليها هذا المسجد من أراضي منطقة راسون، وهناك طريق تاريخية مارة بين بلدة راسون وبلدة عصيم المتوقع أن تكون ممراً للأمويين إلى بلاد الشام أثناء وجودهم في راسون، وقد يكون بناء هذا المسجد في منطقة راسون على غرار بناء المسجد الأموي الأثري في منطقة جرش،كما يحتمل أن يعود بناء المسجد إلى العهد الأيوبي أو المملوكي لاشتهار المنطقة زمنهما

 

ب- مقام الحاجة أميرة:

تعد المناطق الجنوبية الغربية من جبال عجلون من أغنى المناطق بالآثار على الرغم من خلوّها سكانياً أو من قلتها، ففي جنوب بلدة راجب يوجد آثار مسجد قديم محاط به أشجار السنديان، وفي منطقته حجارة متناثرة، وأنصبة قبور قديمة، وكهف صغير، والظاهر من المسجد المحراب وبقايا بعض الجدران، ويدعى هذا المكان عند الناس بمقام الحاجة أميرة، وقد يشير هذا البناء إلى أن وجود أهل بلدة راجب في السنين الماضية كان في الجهة الجنوبية من البلدة الحالية.

 

ج- مساجد جنوب بلدة عنجرة :

كما يوجد في المناطق الجنوبية من بلدة عنجرة مساجد أثرية متهدمة في كل من السرابيس والحنيش والحزّار وخربة السوق والفاخرة.

  •  ففي منطقة الحنيش يوجد مسجد تقدر مساحته بقرابة (130م2)، ومحرابه وجدرانه ظاهرة المعالم، وإن لم تكن مرتفعة، ومدخله من الجهة الشرقية، وحوله حجارة ضخمة متساقطة، ويقع من جهته الغربية كهف أثري صغير مدموس بالتراب، ومن جهته الشرقية خربة قديمة دارسة، كما يقع من جهته الشمالية عين ماء يشير منظرها الخارجي إلى قدمها لوجود بعض الرسومات الأولية عليها، والوصف العام لمنطقة المسجد يعطي بُعداً حضارياً قديماً، ولعل وجود مدخل المسجد من الجهة الشرقية يشير إلى العهد الأيوبي والمملوكي، إذ أن الطابع العام لمداخل المساجد زمن هذين العهدين الجهة الشرقية، كما هي الحال في مسجدي عجلون وريمون العائدين للعهد الأيوبي والمملوكي.
  •  وفي منطقة السرابيس يوجد مسجد تقدر مساحته بقرابة (100م2)، وهو عبارة عن بقايا جدران، ومدخل ومحراب، وحجارة متناثرة، لكن ملامح المسجد من مدخل ومحراب وغيرهما ظاهرة بينة، كما يوجد بالقرب منه بناء آخر شبيه به لكنه متهدم لم يظهر منه إلا المدخل الشمالي.
  •  وفي منطقة الحزّار يوجد مسجد تقدر مساحته بقرابة (120م2) ، ومحرابه وجدرانه واضحة المعالم، وإن لم تكن مرتفعة، وحجارته ضخمة كبيرة، ومدخله من الجهة الشرقية، ويقع من جهته الشمالية بعض الكهوف الأثرية التي يوجد عليها وعلى المنطقة المحيطة بها آثار قبور إسلامية، ومن جهته الشرقية خربة قديمة تحوي بيوتاً عدة، ومن جهته الغربية عين ماء، ولعل ملامح هذه المنطقة من مسجد وكهوف ومقابر وعيون تشبه ملامح منطقة الحنيش، نظراً لقرب المنطقتين، ووقوعهما في منطقة واحدة.
  • وفي بلدة الفاخرة توجد آثار قديمة لمسجد في الجهة الشمالية الغربية من البلدة الحالية، ويدعى ذلك المكان عند الناس بمقام الجعبري، كما يوجد في منطقة خربة السوق الواقعة في الشمال الشرقي من بلدة الساخنة بقايا مسجد قديم.
  •  وفي الجهة الجنوبية الشرقية من قرية ثغرة الزبيد المجاورة لقرية راجب وعلى بعد كيلو ونصف تقريباً وجدت آثار مسجد قديم تقدر مساحته بقرابة (100م2)، وفي منطقته قبورٌ عدة قد تناثرت حجارتها، ويذكر الناس أن المنطقة تحوي مقاماً للشيخ أبي رغيف، وأن له كرامات مشهورة، وأن عشيرة الرغايفة من نسله.

 

د- مساجد في الجهة الشمالية والغربية من محافظة عجلون:

  وكما وجدتُ في المنطقة الجنوبية من جبال عجلون آثار مساجد ومساكن، فقد وجدت أيضاً في المنطقة الشمالية والغربية منها في كل من لستب وحلاوة والهاشمية ودير الصمادية ومنطقة صخرة والطيارّة وباعون.

  •  ففي منطقة لستب أو الأستب وجدت آثار مسجد قديم ما زالت ملامحه العامة ظاهرة، وحوله بيوت قديمة متهدمة، وعنده بركة وآبار وكهوف، وقد أشارت بعض الروايات إلى أن النبي إلياس عليه السلام قد ولد في منطقة لستب، ولعلها احتلت مكانة مرموقة أثناء انتشار الحضارات الإنسانية القديمة في جبال عجلون، وخاصة أثناء الوجود الأيوبي والمملوكي بمنطقة وادي اليابس ومنطقة القلعة.
  •  وفي قرية دير الصمادية حيث تكثر الأتربة والحجارة المتناثرة توجد أشكال فنية وحجارة قناطر متساقطة في أرضية المسجد الحالي وما حوله، وقد تشير الأشكال الموجودة والآثار المتهدّمة المخفية إلى قدم القرية لكن يبدو أن تلك الأشكال والآثار مطموسة تحت الأتربة والمساكن الحالية.
  •  ويوجد في وسط بلدة حلاوة مسجد قديم يعود ببنائه إلى أكثر من مائة وخمسين عاماً وهو صغير الحجم، وفي منطقة المسجد الحالي ظهرت أحجار قديمة أثناء القيام بحفر جورة امتصاصية، كما يوجد في الجبل الواقع بين بلدة حلاوة ووادي اليابس آثار مسجد قديم متهدم، وفي منطقته قبور كثيرة وآبار وكهوف ويظهر من بين هذه الكهوف سبعة كهوف متداخلة، وما زالت بعض الكهوف تأخذ الأسماء الغريبة، فيذكر كهف محبس الدم، وكهف المشنقة، وكل هذه الآثار تدل على عمران ذلك الجبل وكثرة سكانه، وتدل آثار المسجد على سكنى المسلمين للجبل، والواقف على قمته يشاهد جبال فلسطين، وسهول بيسان، كما يوجد في المنطقة الواقعة شمال بلدة حلاوة في وادي الأزقيق آثار قنطرة تصل بين طرفي الوادي، وهي تشير إلى سكنى الوادي واشتهار منطقته والمنطقة التي تحته بالزراعة والري.
  •  وفي بلدة الهاشمية وجدت حجارة قديمة في منطقة المسجد الحالي، ويذكر أن المسجد الحالي الغربي يقوم على أنقاض بيوت قديمة وكهوف وآبار مع المنطقة المحيطة به.
  • وفي منطقة باعون من الجهة الغربية الشمالية من البلدة الحالية تكثر الحجارة المتناثرة التي تدل على استعمالها في المساكن والعمران.
  •   وكذلك في بلدة عرجان، وفي قرية الطيارّة ما زالت الحجارة المستخدمة في المساكن متناثرة في القسم الغربي من البلدة، وفي بلدة صخرة وجدت آثار قناطر وحجارة متناثرة لكنها طمست تحت الأتربة، وقد وجد في منطقة المقبرة بعض منها لكن تراب المقابر غطى عليها.
  •  وفي قريتَيْ رأس منيف وسامتا توجد الآبار والكهوف والمساكن المخفية تحت الأتربة.
  •  وكذلك بالنسبة لمنطقتي صنعار والمرجّم، وأيضا منطقة شين، التي تعد هذه بمثابة الأماكن التي توزع فيها الساكنون في بلدة راسون زمن الأمير محمد الأموي وزمن الوجود السكاني عند مسجد عصيم.

هوامش البحث ومراجعه

(1) انظر ذيل مرآة الزمان اليونيني 4/262، الآثار الإسلامية للعابدي ص 231، المساجد الإسلامية القديمة في منطقة عجلون – يوسف غوانمة ص 45-70، تاريخ شرقي الأردن – يوسف غوانمة ص 84.

(2) البداية والنهاية 14/187

(3)  وأكد السيد الكيلاني أن تكملة المأذنة حصلت عام 1948م.

(4)  تاريخ ابن جرير الطبري 3/105.

(5)  الأردن تاريخ وحضارة ص 55.

(6) المساجد الإسلامية القديمة في منطقة عجلون ص37.

(7) وقد أعطى الدكتور يوسف غوانمة وصفاً متكاملاً مدعماً بالصور لخانقاه مدينة عجلون في كتابه –المساجد الإسلامية القديمة في منطقة عجلون- ص71.

(8) صبح الأعشى في صناعة الانشا 3/364.

(9) جولات قمتُ بها في الفترة الممتدة بين1984م- 1987م

© 2024 تطوير وتصميم شركة الشعاع الأزرق لحلول البرمجيات. جميع الحقوق محفوظة