التربــة فــي محافظــــة عجلــون

التربــة فــي محافظــــة عجلــون

 

(Soil)

 

إعداد

د. خليف مصطفى غرايبة

                                                    رئيس تحرير وباحث في الموسوعة العجلونية

                                                    أستاذ مشارك في جامعة البلقاء التطبيقية

 

المحتويات

 

أوّلاً-  عوامل تكوين التربة.

     1- المواد الصّخريّة الأصلية المُشتقة منها

     2- المناخ

     3- الغطاء النباتي

     4- انحدار السّطح

     5- عامل الزّمن

ثانياً- أنواع التربة في عجلون.

1- تربة  البحر المتوسط الحمراء

2- تربة البحر المتوسط الصفراء

3- تربة السُّهوب الصفراء

4- تربة المراوح الفيضية.

5- أنواع أخرى:

        أ- التربة الصخرية (الليثوسول Lithosol)

        ب-  تربة الرّندزينا (Rendzina(

ثالثاً-  مشكلة انجراف التربة

- هوامش ومراجع البحث

- الملحق.

 

 التربـــة في محافظــة عجلــــون

أوّلاً - عوامل تكوين التربة :

   تلعب التربة  دوراً كبيراً في حياة الناس من خلال تنويع الثروتيْن الاقتصاديّة (الزراعيّة، والحيوانيّة) والنباتيّة الطبيعية، فلا نبات ولا محاصيل دون توفّر التربة الصالحة لذلك.

   تتنوّع التربة في محافظة عجلون، وهي في مُجملها من أخصب أنواع التُرب في الأردن، وتبعاً لذلك تنوّعت محاصيلها ونباتاتها ، وخاصّة الغابات  التي اشتهرت بها منذ أقدم العصور، وأهم العوامل التي أثّرت على تكوين هذه التربة وتنوّعها ما يلي: ٍ

1- المواد الصّخريّة الأصلية المُشتقة منها:حيث تشكّلت معظم التربة في المحافظة من صخور الحجر الكلسي(1) الذي يقبل  التفاعل مع عناصر المناخ والبيئة بسهولة  من خلال عملية "الإذابة " مكوّنا أنواعاً جديدة من التربات بفعل عاملي الأكسدة (Oxidation)  والكربنة (Carbonization) .

2- المناخ: وهو أقوى العوامل التي تتدخّل في تكوين التربة، حيث يلعب عنصرا الحرارة والمطر دوراً كبيراً في تحطيم وتفتيت الصخور عن طريق عمليّة "الّتحلّل Decomposition"،

  و" التّفكّك Disintegration"(2) ونظراً لغزارة أمطار المحافظة  وخاصة في أجزائها الشرقيّة،  فقد أصبحت التربة السّطحيّة فيها حصويّة خشنة القوام.

3- الغطاء النباتي: تشتهر التربة في عجلون وخاصّة الأجزاء الوسطى والشرقيّة بغناها بمادة الدبال، وذلك لكثافة الغطاء النباتي في هذه الأجزاء.

4- انحدار السّطح: تعرّضت التربة في محافظة عجلون إلى تعرية وانجراف شديديْن نظراً لغزارة أمطارها، وشدّة انحدار سطحها، وقد أدّى ذلك إلى جرف طبقات التربة السطحية، وترك طبقاتها السفلية أو التحتيّة فقيرة في المواد المعدنيّة والعضويّة(3).

5- عامل الزّمن: يختلف عامل الزمن في تكوين التربة تبعاً لصلابة الصخر، وبناءً عليه فإنّ تربة المحافظة تكوّنت في فترة  زمنيّة قصيرة (4)،نظراً لاشتقاقها من صخور ليّنة (الصخر الكلسي أو الجيري)، ورغم ذلك فإنّها تعتبر من التربات غير النّاضجة نظراً لعمليّات الانجراف السريعة التي تتعرّض لها الطبقات السّطحيّة بمجرّد تكوينها، بسبب انحدار السطح وغزارة أمطارها كما ذكرنا سابقاً.

ثانياً- أنواع التربة في عجلون:

توجد في محافظة عجلون الأنواع الرئيسية التالية من الترب: (الشكل رقم 1)

1- تربة  البحر المتوسط الحمراء Mediterranean Red Soil وتسود في الأجواء الشرقية والوسطى من المنطقة (5)، حيث تزيد كمية المطر عن 350 ميليمتر (6)، وترتفع فيها الأكاسيد الحديدية، وتشتهر بلونها الأحمر المائل إلى السمرة لاحتوائها على مادة الدُّبال، وتعتبر تربة التيراروسا (Terra Rosa) من أهم الأنواع المنتشرة في هذه الأجزاء ويقلُّ عُمق هذه التربة في الأجزاء الشرقية، في حين يزداد في الأجزاء الوسطى وخاصة المنبسطة منها، وقد انتشر في هذا النوع من التربة زراعة الأشجار المثمرة كما انتشرت زراعة الحبوب الغذائية وخاصة القمح والذرة في الأجزاء الغربية منها؟

2- تربة البحر المتوسط الصفراء Mediterranean Yellow Soil : وتسود في الأجزاء التي تتراوح فيها كمية المطر بين 250 و350 ملم (7). وتمتاز المناطق التي تتواجد فيها بشدّة انحدارها وقلة غطائها النباتي من الأشجار، حيث تقتصر نباتاتها على الأعشاب، وهي منطقة انتقالية بين تربة البحر المتوسط الحمراء وتربة السهول الصفراء (8) وقد سادت زراعة الحبوب الغذائية وخاصة الشعير في هذا النوع من التربة.

3- تربة السُّهوب الصفراء Yellow Soil (Steppe) : وهي تغطي الأجزاء المنحدرة التي يسقط عليها أمطار تتراوح بين 100 و200 ملم (9).

4- تربة المراوح الفيضية: تتواجد عند السفوح للمرتفعات "أقدام الجبال" ومصبات الأودية الجانبية، كما هو الحال في التجمّعات الفيضية التي تتواجد بالقرب من سليخات وفقارس (10) وتشتمل على رواسب فيضية من تكوينات صخرية مختلفة أهمها: الجير والمارل والكونجلومريت (11). ويتراوح عمق التربة بين 3-5 أمتار (12)، وانتشرت في هذه التربة زراعة الحبوب الغذائية كزراعة بعلية، وزراعة الخضار والأشجار المثمرة كزراعة مروية.

5- بالإضافة إلى هذه الأنواع، توجد أنواع أخرى تنتمي إلى التربات غير الناضجة (Azonal Soils)، أهمها:

  • التربة الصخرية (الليثوسول Lithosol): وهي تربة هشة غير عميقة وتوجد مختلطة مع تربة البحر المتوسط الحمراء، حيث تقوم عملية التعرية بإزاحة التربة بمجرد تكوينها (13).
  • تربة الرّندزينا (Rendzina) وهي تربة حصويّة ذات لون بني فاتح إلى داكن تتواجد في جيوب صغيرة من الأجزاء المرتفعة جداً في المنطقة، حيث تغزر الأمطار ويمتاز صيفها بالبرودة نسبياً (14)، وحيث تختلط الأعشاب بالأشجار وتتكوّن مادة الدبال، وتكون غنية بكربونات الكالسيوم (15) وتتنوع التربات في المنطقة من حيث قوامها (Texture) ما بين تربات طينية Clay soils دقيقة الحبيبات قليلة المساميّة أو النفاذية للمياه، وتربات طفيلية Loamy soils ذات حبيبات متوسطة ومعتدلة في مساميتها ونفاذيتها، ويعتبر هذا النوع أنسب التربات صلاحية للزراعة والتربة الطفلية هي السائدة في منطقة الدراسة، ويظهر ذلك من خلال الجدول أدناه:

رقم

الموقع

نسبة الطين

نسبة الطمي

نسبة الرمل

القوام

 

 

Clay Percent

Silt Percent

Sand Percent

Texture

1

حوض راجب الأوسط

17

27

56

رمل، طفل

2

حوض راجب الأعلى

25

68

7

طمي، طفل

3

حوض كفرنجة الأعلى

53

27

20

طين

4

حوض كفرنجة الأوسط

14

58

28

طمي، طفل

5

حوض اليابس الأوسط

33

40

27

طين، طفل

6

المنطقة الشفاغورية

17

62

21

طمي، طفل

7

أقدام الجبال

33

53

14

طمي، طفل، طين

(المصدر Talli, A.R. "Soil studies of the East Bank catchment areas)

يُلاحظ من الجدول أعلاه والشكل رقم (2) قلة وجود التربات الرّملية في المنطقة وانتشار التربات الطميّية والطينية، وتتكوّن التربات في أجزاء كثيرة من نوعين، وأحياناً تجتمع الأنواع الثلاثة في مكان واحد، كما هو الحال في منطقة أقدام الجبال (منطقة رقم 7).

ثالثاً-  مشكلة انجراف التربة:

تعرّضت التربة في محافظة عجلون إلى تعرية وانجراف مستمرّين خلال فترة الدراسة بشكل عام، والفترة التي امتدت من أواخر القرن التاسع عشر وحتى قيام الإمارة الأردنية بشكل خاص، وقد كانت عملية انجراف التربة من الظواهر الخطيرة التي عانى منها السكان كثيراً، وتتمثل أهم العوامل التي أدّت إلى ذلك فيما يلي:

1-  العوامل الطبيعية، ومن أهمّها:

أ- انحدار السطح، وخاصة في الأجزاء الوسطى، حيث ترتفع كثافة السكان وتزدحم المراكز العمرانية وتتّسع مساحة الأراضي الزراعية.

ب-أ- عوامل مناخيّة، تتمثل في تغيُّر الاتجاه العام للأمطار نحو التناقص في منتصف فترة الدراسة (16)، الأمر الذي أدى إلى قلة كثافة الغطاء النباتي، وقد نتج عن ذلك إضافة إلى طول موسم إلى طول موسم الجفاف الصيفي في المنطقة أن تعرضّت الطبقات السطحية من التربة للتفكك، الأمر الذي سهّل من عمليّتي التعرية والانجراف للتربة بسبب عاملي الرياح والأمطار (17).

2-  العوامل التاريخية، ومن أهمها:

  • تعرّض الغطاء النباتي للاستغلال الجائر من الحكومة العثمانية أثناء إنشائها لسكّة حديد الحجاز، واستعمال أخشاب المنطقة كمرابط للسكّة، أو كوقود للقطارات فيما بعد، كما تعرض الغطاء النباتي للاستغلال الجائر من السكّان المحليّين لاعتمادهم عليه كوقود، أو في بناء سقوف منازلهم أو صنع أدواتهم الإنتاجية وخاصة الزراعية منها.
  • تعرض سلطة الحكومة العثمانية في نهاية القرن التاسع عشر، وعدم وجود حكومة فعليّة بعد الحرب العالمية الأولى، وقد أدّى ذلك إلى انعدام الأمن وانتشار حالة من الفوضى وعدم التوازن بين السكّان والموارد الطبيعية المحيطة بهم، مما أدّى إلى زيادة انجراف التربة كنتيجة طبيعية لإهمال السكان لأراضيهم وابتعادهم عن الاهتمام بها.

اشتهرت منطقة عجلون بزراعتها واهتمام السكان بأراضيهم نتيجة الاستقرار الذي شهدته المنطقة، وقام السكّان ببناء المدرّجات الحجرية لحفظ التربة من الانجراف(18)، ويذكر الرحّالة لورنس أوليفانت Oliphant, L أنه اجتمع مع قائممقام عجلون وحدّثه عن أحوال الأمن التي بدأت بالتحسّن منذ تعيين مدحت باشا والياً لدمشق(19).

كما تحسّنت أوضاع المزارعين نتيجة الاستقرار طيلة حكم الإمارة الأردنية، وازدياد اهتمام السكّان بأراضيهم، يشهد على ذلك تصدير سكّان المنطقة لمحاصيلهم الزراعية –وخاصة العنب- إلى المناطق المجاورة وإلى المدن الفلسطينية بالذات (20).

هوامش البحث ومراجعه:

(1) علي العنانزة" الناتج الرسوبي في حوض وادي كفرنجة" رسالة ماجستير غير منشورة ، الجامعة الأردنية، عمان ، ص57.

(2) علي البنّا: أسس الجغرافيا المناخية والنباتية"دار النهضة العربية للطباعة والنشر،بيروت، 1970، ص269.

(3) تعتبر هذه العوامل أبرز العوامل التي تؤثّر على تكوين التربة بشكل عام كما يرى "ديكوشايف Dekuchayev " ، وهو أحد علماء التربة الرّوس.

- علي البنا، المرجع السابق، ص268.

(4) لا توجد أرقام صحيحة عن الزّمن الذي تستغرقه تكوين تربةٍ ما، مع أنّ أحسن التّقديرات في ذلك تتراوح بين 500و1000سنة. وللمزيد أنظر:

 - علي البنا، المرجع السابق،ص276.

(5) علي العنانزة "الناتج الرسوبي لحوض وادي كفرنجة". ص 57.

(6) Burdon, D. J. Op. Cit, P. 20

(7) Burdon, D. J. "Handbook of the Geology of Jordan", P. 20

- Moorman. F. "The Soils of East Jordan" Report No. 1132. Rome, 1959. P. 22

- Bender, F. "Geology of Jordan". Gebrunder Borntranger, Berlin, 1974, P. 189.

(8) على العنانزة "الناتج الرسوبي لحوض وادي كفرنجة"، ص 58.

(9) Ministry of Information, "Geography of Jordan", Amman, 1978, P.13

(10) Merril, S. Op. cit. P. 438

(11) حسن سلامة "جيومورفولوجية الحافة الصدعية الشرقية لغور وادي الأردن" ص 41.

(12) Ionides, M. G. and Blake, G. S. Op. Cit. P. 105

(13) Burdon, D. J. Op. Cit. P. 192

(14) Bender, F. Op. Cit. P. 192

(15) علي البنا، أسس الجغرافيا المناخية والنباتية" دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1970، ص204.

(16) انظر موضوع "الاتجاه العام للأمطار في المنطقة" الفصل الرابع من هذا البحث.

(17) Ionides, M. G. Op. Cit. PP 218-216

(18) A Handbook of Syria, Op. Cit. P 254

(19) سليمان موسى "في ربوع الأردن"، ص 139.

(20) ملف 19/3 "تسهيلات السفر بين شرقي الأردن والمناطق المجاورة" من 22/8/1936 إلى 9/9/1956.

 

- الملحق:

شكل رقم(1) أنواع التربة في محافظة عجلون

(منحدرات عجلون الغربية)

المصدر: عمل الباحث عن Talli,A.R الخارطة الموجودة في الكتاب

 شكل رقم(2) مواقع عينات التربة

المصدر: Talli,A.R,1968

© 2024 تطوير وتصميم شركة الشعاع الأزرق لحلول البرمجيات. جميع الحقوق محفوظة