العادات المستحدثة أنموذجاً د.عبدالحكيم خليل سيد أحمد*
استهلال
تحمل الثقافة الشعبية بين طياتها ماضي الأمة وموروثها المادي والمعنوي الممتد إلى حاضرها ومستقبلها، المتمثل في سلوك أبنائها، وأنماط معيشتهم، وذكرياتهم الفردية والجماعية، التي جعلت من التراث مكوناً رئيسياً من مكونات الهوية الوطنية على تعدد مستوياتها. وخاصة في صرح العادات والتقاليد الشعبية التي تعبر بها الأمم عن هويتها وتعمل على الحفاظ عليها، فبقدر تمسك الأمم بهويتها واستعدادها للتضحية في سبيلها، بقدر ما يكون تمسكها واعتزازها بتجليات هذه الهوية.
وفي إطار تفاعل هذه الثقافة الشعبية مع التغيرات المتعددة التي تشهدها الحياة المعاصرة وما يواكب العالم من تقدم تقني ومعرفي. وفي مقدمتها تكنولوجيا الاتصال الحديثة/ شبكة الانترنت التي فتحت عصراً جديداً من عصور الاتصال والتفاعل بين البشر، ساعدت على ظهور عادات وأنماط جديدة من السلوك، عادات مستحدثة أو بديلة، الذي يواكب هذا التقدم ويسايره ويتفاعل معه، ويخلق قدراً من التكيف الاجتماعي لدى الجماعة الشعبية يساعد على مواجهة مظاهر العولمة المختلفة ويحفظ للمجتمعات هويتها الوطنية والقومية والحضارية.

 

حيث يقترن مفهوم العادات المستحدثة بالتجدد المستمر والتحول الذي يقترب أحياناً من الموروث وينفلت منه دون الإعلان عن إلغائه، وما يلبث أحياناً أخرى أن يعود إليه تثبيتاً أو توثيقاً لتأكيد صلته به، فالعادات المستحدثة ليست مجرد تراث معزول عن الحياة اليومية بل هي لبها والعرق النابض منها، والشكل الصادر فيها والناشئ عنها.
لذلك فإن البحث عن العادات المستحدثة يمكن له أن يسهم في جمع المتعدد والمختلف لربطه بذاكرة المجتمع وبوجدانه التراثي بما يساعد في الوصول إلى كتابة علمية أصيلة. فهي تتغير تلبية لاحتياجات المجتمع وترتقي برقي الحياة المعاصرة، بعد أن يضيف إليها فاعلوها معاني وأبعاداً جديدة تسهم في استيعابه ودمجه في الحياة المعاصرة.
ويحاول هذا البحث في إطار منظوره الجديد تقصى وفهم الطريقة التي تظهر بها هذه العادات الجديدة والمستحدثة وأشكال السلوك التي تؤدى من خلالها هذه العادات المألوفة وغير المألوفة (المستساغة وغير المستساغة) والتي يؤدى بها أفراد المجتمع على اختلافهم وتنوعهم الفكري أفعالهم، ومغزى أداء هذه السلوكيات والأفعال.
وتتلخص أهداف هذا البحث في تقديم إطلالة على الهوية والثقافة الوطنية المصرية الجامعة بأبعادها الاجتماعية والسياسية والديموغرافية والسلوكية والقيمية وغيرها، لأجل بلورة هوية وثقافة وطنية مصرية تعظم الجوامع وتقزم الفوارق، وذلك في إطار محاولتنا لرصد بعض أشكال التغير للعادات الشعبية المستحدثة أو البديلة، في إطار التطورات التي شهدها المجتمع المصري في العقود الأخيرة. مرتبطة ومتأثرة بالعولمة الثقافية وطبيعة تأثيرها على الخصوصية الثقافية للمجتمع المصري.
لذا يطرح البحث مشكلة رئيسية يحاول الإجابة عنها هي:  أن العالم يعيش مع مطلع القرن الواحد والعشرين على وقع ثورة ثقافية ومعرفية هائلة ترتبط بتلك الوسائل التكنولوجية الحديثة وخاصة الفضائية منها (وسائل الاتصالات المختلفة)، والتي دفعت بأفراد المجتمع على اختلاف فئاتهم وأعمارهم وطبقاتهم الاجتماعية والنوعية للانفتاح على ثقافة الآخر في ظل ثقافة العولمة وطرح البدائل المختلفة، العادات المستحدثة، والتي تمثل أو تجسد كافة الأذواق والميول المختلفة، وتشبع حاجات علمية ومعرفية أضحت متاحة في عصر العولمة.
وقد اعتمد البحث نظرية إعادة إنتاج التراث لكونها تتفق وتلك التغيرات المصاحبة لثورة الاتصالات الإلكترونية، وانفتاح الحدود بين الدول والشعوب (في ظل العولمة)، وما ينذر به ذلك من إحداث تغيير كمي ونوعي في شبكة العلاقات الإنسانية قاطبة.
حيث تم تطبيق عدد من دراسات الحالة الميدانية بلغت عشرين حالة من طلاب المعهد العالي للفنون الشعبية بأكاديمية الفنون/ مصر من الجنسين، اختيرت بطريقة عشوائية خلال الفصل الدراسي الثاني من العام الجامعي2011ـ2012م، باستخدام دليل للمقابلة شمل عدة محاور هي: دور العولمة في تشكيل أو إعادة تشكيل فكر الشباب بالنسبة لبعض القضايا مثل (لغة الحوار اليومي وأخلاقياته، وخاصة المستخدمة على الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي) وانعكاس كل ذلك على المجتمع وهويته واستقراره وكذلك الحلول المقترحة والرؤى المستقبلية.
واعتمدنا على المقابلة المتعمقة كوسيلة لجمع البيانات وكذلك تم إجراء مناقشات حرة وحوارات مع عدد من طلابي بالأكاديمية وتتمثل أهم خصائص العينة في أنهم طلاب من الجنسين وما زالوا يدرسون تتراوح أعمارهم ما بين 18، 22 عاماً ومازالوا يعتمدون على أسرهم في إشباع حاجاتهم الأساسية.
وفي بداية البحث يجب علينا أن نوضح مفهوم العادة الشعبية والعادة المستحدثة حتى لا يحدث خلط بينهما في هذا البحث.
حيث تعرّف العادات الاجتماعية بأنها: سلوك اجتماعي قهري ملزم يدخل في تكوينها قيم دينية وعرفية تجعل الأفراد يسايرون المجتمع ويوافقونه بالسلوك في مختلف الأحداث والمواقف الاجتماعية المتكررة كعادة إكرام الضيف، وعادات الزواج وعادات التنشئة الاجتماعية وغيرها.
بينما عرف سمنر Sumner العادة الشعبية Folkways بأنها" أساليب الشعب وعادته بمعنى القواعد المستترة للسلوك، التي يؤدي خرقها إلى الصدام مع ما يتوقعه رأي الجماعة Common Opinion وقد كان سمنر أول من قدم هذا المفهوم عام 1906م([1]).
والتعريفات السابقة تؤكد أن صفة الشعبية في العادة تتأكد من خلال مرورها عبر زمن طويل (عدة أجيال)، وهو الأمر الذي يعني أن اختيارها من بين البدائل السلوكية، يأتي من خلال أدائها لوظائف اجتماعية مهمّة، وهو ما يدعو إلى التمسّك بها وعدم التنازل عن وظائفها وعنها.
وتعد العادات الشعبية وليدة تجارب شخصية ذاتية، واجتماعية تعكس الطابع الاجتماعي لجماعة من الناس، وتمثل محور اهتماماتهم، سعياً لإشباع احتياجاتهم الاجتماعية سواء أكانوا كباراً أم صغاراً، ذكوراً أم إناثاً، مقيمين في المدينة أم من أهل القرية. وقد مثلت العادات المستحدثة محوراً للجدل والخلاف بين المصريين في مختلف العصور، وتمثل في مجملها ثورة على المألوف )العادات والتقاليد الشعبية(.
وقد تجسدت العادات المستحدثة في المجتمع المعاصر من خلال إقبال عدد كبير من الشباب وصغار السن عليها كونها تلبي احتياجاتهم وتتفق واتجاهاتهم وميولهم وسلوكياتهم.
وبالرغم من وجود بعض الانتقادات التي توجه في العادة لأفكار أصحاب هذه العادات المستحدثة في كثير من الميادين، إلا أن ذلك لم يقلل من أهميتها لمساهمتها في فتح المجال لإجراء المزيد من التنقيح للعادات والتقاليد لتساير روح العصر الحديث، وتعمل على تفهم واقعية عمليات التحديث داخل الأسرة أو خارجها في إطار دور المؤسسات الثقافية، في عمليات التحديث والتنمية الثقافية؛ والممثل في المهام والوظائف المتعددة لإكساب المجتمع الخبرات المهنية والمعرفية، وترقية وسائل وأساليب التواصل بين أفراده وجماعاته، وإكسابهم القدرات الشخصية والسمات والاتجاهات الحضارية الحديثة، والمحافظة على القيم الخاصة، والمساهمة في تغيير السلوكيات والذهنيات المعوقة للتجديد والتحديث، وتوسيع مدركات الفرد الذاتية نحو تحديد الأهداف المستقبلية وتحسين مستويات المعيشة الاقتصادية والاجتماعية، والاهتمام بالتراث الحضاري والثقافي ومواكبة المعرفة التكنولوجية العالمية وغير ذلك من مظاهر أخرى متعددة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الاهتمام بالمؤسسات الثقافية والنظم المعلوماتية وأدواتها كنوادي الانترنيت الرسمية التي هي لب موضوعنا.
وتبدأ هذه العادات المستحدثة في الظهور في جميع المجتمعات بفرد أو مجموعة قليلة قد لا تذكر من الأفراد تعارضت أهدافهم الشخصية مع أهداف المجتمع وقتياً، ولرغبتهم القوية ودافعيتهم لتحقيق أهدافهم العارضة لإشباع رغباتهم الملحة خالفوا العادات والتقاليد الشعبية، السلوك الاجتماعي، لأول مرة لتحقيق أهدافهم وإشباع رغباتهم ولكن في خوف وقلق تام من أن تكتشف مخالفتهم ويتعرضوا للعقاب أو لا يتمكنوا من إشباع رغبتهم لأنه قد يخالف البعض وهو يعلم أنه سيكتشف أمره، وتعتبر هذه حالة انحراف فردي متوقعة في أي مجتمع، قد تستمر لفترة مؤقتة وقد تستمر وتتحول إلى عادات شعبية في ما بعد.
ومن خلال ما سبق يمكن لنا الوقوف على أهم ما يميز العادة الشعبية عن العادة المستحدثة من حيث:

 

وجه المقارنة

العادة الشعبية

العادة المستحدثة

المجتمع

تمس أطراف عديدة ومجتمعها أكبر من مجتمع العادة المستحدثة (الزواج)

تمس بعض الأطراف ومجتمعها أقل من مجتمع العادة الشعبية  (الزواج العرفي)

الجمهور

أفراد المجتمع ككل

فئة الشباب وصغار السن من الجنسين

وجهات النظر

تختلف وجهات النظر إليها فمنها السلبي والإيجابي

تتفق وجهات النظر إليها ورأيهم متشابه

إصدار القرار

تحتاج إلى الفصل

لا تحتاج إلى فصل

وجودها

وضع قائم موجود

وضع جديد ومفترض وغير قائم

 
 
 
 
 
 
 

 

 

 

وفي إطار العولمة([2]) الإنسانية، التي استهدفت تقسيم ثقافة الشعوب إلى قسمين أحدهما ثقافة مادية تابعة ومهددة يحكمها المصالح والأهواء الشخصية، وهي سهل اختراقها بالعوامل التكنولوجية المعاصرة ومحاولة التأثير فيها لتتغير وتتجدد وتصبح جل ثقافتها تابعة ومشوهة للمجتمع التي يتبناها، والثانية ثقافة تحكمها القيم والأعراف الدينية والاجتماعية والثقافية والتي يتبناها أبناء المجتمع ويحاولوا المحافظة عليها، بغض النظر عن رضا المجتمع العولمي أو رفضه.
وهنا ثمة أحد أمرين:  إما التكيف الفردي مع الحاضر وتغييب الأسوأ وغير القادرين على التكيف, وإما الاتكال الجماعي على المستقبل لأن المكان اللائق في الحاضر لا يكفي الجميع، كما نرى, فإنهم يضعوننا أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الاستسلام أمام العنصرية الجديدة المؤمنة بالاصطفاء الطبيعي أو أن نجد أنفسنا مع الذين لا يرغبون في الاعتراف بحقوق الواقع.
وما بين التبني والرفض بين ثقافتين، يتجه فريق للبحث عن البدائل، التي يحاول من خلالها إشباع احتياجاته وتحقيق أمنياته الاجتماعية والثقافية والمادية على حد سواء، باحثاً لنفسه عن قدر من الحرية والسعادة والمستقبل الأفضل، في ظل ظهور تقنيات المعلومات المعاصرة وتقنيات معالجتها في عالم الفضاء المعرفي أو العالم الواحد منزوع الهوية.
وعلى هذا النحو يُدفع ببعض شرائح المجتمع، الشباب منهم وصغار السن بخاصّة، لأن يتبنوا ويستبدلوا تلك العادات التي لا تلبي حاجاتهم والتي تقضي على جوانب الضعف والنفاق والكذب وعدم القدرة على التكيف مع الثقافة التقليدية لديهم بتلك العادات المستحدثة والتي يمكن استجلابها عبر الأطباق الفضائية والإعلام المسموع والمقروء والمرئي عبر الفضائيات والشبكة العنكبوتية "الإنترنت"، باعتبارها مظاهر للتقدم والاصطفاء، والتي تضفي عليهم الشعور بالقوة والواقعية والحرية في إطار التجربة والممارسة السلوكية.
لذلك سوف توضح المحاور التالية بعض التصورات الميتافيزيقية المرتبطة بالعادات المستحدثة وكيفية اتخاذ ثقافة العولمة مرجعية لهذه العادات المخلقة من رحمها.
المحور الأول:  ميتافيزيقيا العادات المستحدثة:
يرتبط مصطلح "الميتافيزيقيا" في ميدان الثقافة الشعبية بمجال المعتقدات الشعبية؛ تلك التي يؤمن بها الشعب في ما يتعلق بالعالم الخارجي والعالم فوق الطبيعي.
وفي ظل ثقافة العولمة وما يمكن استيراده من خلال عملية التثاقف([3]) أو المحاكاة أو التقليد لثقافة الآخر التي يشهدها العالم من خلال تكنولوجيا الاتصالات الحديثة، نرى أن العادات المستحدثة التي تظهر في مجتمعاتنا العربية والإسلامية بعامة ومجتمعنا المصري بصفة خاصة، يسند إلى تلك العادات أو يضفي عليها صفات قد لا توجد إلا في مخيلته الشعبية، فهي تتنامي وتتطور بمرور الزمن تبعاً وسلامة الفطرة الشعبية ومدى ارتباطها ووعيها بوسائل التكنولوجيا الحديثة.
وقد مثلت العادات المستحدثة لدى فئة الشباب، على اختلاف أعمارهم، النموذج الأصيل في عصر التنوير, الذي يواجه عصر التخلف المعلوماتي عن ركب الحضارة.
ومن أهم الأسباب الميتافيزيقية الدافعة إلى تبني أنماط وسلوكيات وعادات مستحدثة هي قدرة العادات الجديدة والمستحدثة على:
1ـ  تحقيق الأحلام والمطالب وإشباع الاحتياجات المختلفة.
2ـ  فصل الدين عن الحياة.
3ـ  ربطها بوسائل التكنولوجيا الحديثة (المستوردة في العادة والتي ليس لمتبنيها يداً فيها).
4ـ  إيجاد علاقةَ برجوازيةَ نفعية بالعالم الآخر([4])، كما ترتبط إلى جانب العقلانية البراغماتية "وفقاً للهدف" عقلانية النمط القيمي([5]).
وقد فرضت العادات المستحدثة قيماً جديدة مثلت المعايير الضابطة للممارسين لها، الأناس الجدد؛ المتنورين بأنفسهم وتفاؤلهم وثقتهم بكل ما هو جديد أو مستحدث، باعتبارها نظاماً فرضه نظام العصر ووسائل التكنولوجيا المختلفة، وخاصة المستوردة، التي تفرض عليهم الخضوع للطقوس والأساطير الجماعية المختلفة المرتبطة بها.
وتتطلب هذه العادات المستحدثة في مفهوم ممارسيها التخلي عن كل ما هو تقليدي، والتضحية بالتراث القديم، والبعد عن التقاليد والقوانين "المصطنعة" المحاكة عبر آلاف السنين. وإتباع خُطَى ونهج النظام الجديد عبر "الشبكة العنكبوتية" بوصفه إلَهَ الحضارة المعاصرة "إن جاز استخدام هذا المصطلح".
هذه العادات المستحدثة تعكس في الواقع مجملُ نقدِ الوضعية لما يسمى "المرحلة الميتافيزيقية" ولكل ما يمكن "للميتافيزيقيا" أن تختبئ في أحشائها اليوم، الممارسات الفكرية والفنية غير النفعية وغير المنقولة إلى لغة الأرقام, و"الثقافة الضاحكة" الشعبية (م. باختين) والفولكلور واستدلال المعنى الفلسفي وأهداف الوجود، العلاقةَ البرجوازيةَ النفعية بالعالم, وعدم احتمال استعباده تكنولوجياً واقتصادياً.
ضمن هذا الأفق تُقدَّم لنا العادات المستحدثة وفي طياتها على نحو جديد تماماً شروط القفز إلى مستقبل مختلف نوعياً, وكذلك تقدم المقدرة على اكتشاف هذا المستقبل ذاتها.
ولنضرب مثلاً بعادة من هذه العادات المستحدثة التي ترتبط بتصورات ميتافيزيقية حولها وأسباب ذلك وهي:  عادة البحث عن الآثار الفرعونية في القرى الريفية.
وهي تتم من خلال طلب أصحاب المنازل الريفية الاستعانة بالشيوخ التي تدعي علاقاتها بالجان واستخدام هذا الجان في استخراج الآثار المدفونة تحت الأرض بعد أن يدل على مكانها وعمقها تحت سطح الأرض بما لهؤلاء المخلوقات من قوة عليا قادرة على تلبية طلباتهم وإجابة دعواتهم([6]).
وهكذا نرى هذه التصورات الذهنية ترتبط بخيال الأفراد الممارسين، أو المتبنين،  للعادات الجديدة أو المستوردة أو المستحدثة، وترتبط بمدى ما تحققه من إشباع للحاجات الأساسية أو النوعية. أو إشباع الحاجات والمشاعر المكبوتة داخل ثقافة هؤلاء الأفراد الخاصة والموجودة في الثقافات الأخرى بسبب ثقل التقاليد والقيم والأعراف المجتمعية وما جاء على لسان بعض الإخباريين على شبكة الانترنت بـ(الأوهام الأخلاقية). الموروثة والبالية في الثقافة الشعبية.
المحور الثاني:  العولمة والمرجعية الثقافية للعادات المستحدثة:
تنحاز العادات الشعبية المستحدثة وتتمحور حول ثقافة العولمة، كما يعتزم ممارسو العادات المفاضلة بين عدة عادات بحيث يستطيعوا الترويج لها وممارستها دون حدوث مواجهة أو صدام بين تلك العادات المستحدثة وبين صرح العادات والتقاليد الشعبية القائمة داخل المجتمع صاحبة القاعدة العريضة المستمدة من التراث والثقافة الشعبية.
وتعتمد العادات المستحدثة بلا شك على عالم الفضائيات أو الأطباق اللاقطة أو الناقلة لمعالم وظواهر الفكر الغربي أو ما يطلق عليه في عالم اليوم بالعولمة في عالم المعرفة وما تبثه من أفكار وثقافات مختلفة ومغايرة في بعضها عن ثقافاتنا العربية والإسلامية، وبالتالي فإن عملية التلاقح الثقافي أو التثاقف لهي أشبه بنقل تراث كامل بما يتضمنه هذا التراث من العادات والمعتقدات والقيم الخاصة بالآخر لمجتمعاتنا التي كثيراً ما تتأثر بها وتعمل على إعادة صياغة بناءات وقيم مستوردة متبناة في مجتمعات أخرى.
ومن ثم فإن ظهور العادات المستحدثة، ورغم وجود فوارق بين ثقافة العولمة والثقافة الشعبية الوطنية والقومية، تجعل من صورة العادات المستحدثة صورة مهزوزة، وضعيفة، بسبب الانقسامات الداخلية والخلافات والتفكك، وظهور الشروخ الحضارية المختلفة فيها لأسباب مختلفة منها ضعف الإعلام الوطني، وقوة الإعلام الغربي، وضعف الإيمان بالثقافة الوطنية والثقة بها، والانبهار بمكونات الثقافة الغربية، بسبب إظهارها بمظهر إيجابي قد يغاير الواقع، وانبهار صغار السن ممن يرحلون لغايات الدراسة أو التجارة وغيرها، بالحرية التي يمنحها الغرب لهم، ولأسباب أخرى عديدة، مما يظهر الثقافة الغربية وكأنها المنقذ للإنسانية، والمرتقي بها إلى أعلى المستويات، محققة العدالة الاجتماعية.
وبالتالي لابد لكل تابع أن يتخذ لنفسه مرجعية أكبر يعمل على استرضائها والخطى نحوها والسير في ركابها إن لزم الأمر.
وفي إطار هذه التبعية العمياء من التابع للمتبوع أو من المجتمعات الأدنى مكانة في المجتمع المعاصر الخالي من الطبقات إلى استخدام المرجعية للحصول على ما تحلم به من وسائل تشبع احتياجاتها وتحقق لها مطالبها المختلفة من خلال تبادل المعلومات بحرية في ما بينها, مع وجود شعور بالحسد تجاه المجموعات الأعلى مكانة, وسعي إلى تقليدها.
هذه المرجعية تفرضها الثقافة الجديدة في عصر العولمة على القادمين إليها أو الداخلين فيها بوجوب التسليم الكامل لها، دون الدخول في مجادلات أو نقاشات لا تسمن ولا تغني من جوع، بوصفها صاحبة السيادة الشرعية والحل والعقد في كافة الأنماط السلوكية والثقافات الدافعة بها إلى الآخر، على اختلاف الشكل واللون والعقيدة والانتماء، وفتح صفحة جديدة "صفحة بيضاء" لم يخط عليها قلم، حتى لا يعوق تلك الثقافة الجديدة شيء في رسم خطوطها العريضة ومشروعاتها المستقبلية لكل من تبناها وتعلق بها وتنازل عن تراثه وثقافته الشعبية واتخذ لنفسه طابعاً عولمياً في المجتمع المفتوح([7]).
ويمكن القول دون مبالغة إن بعض المتبنين لهذه العادات المستحدثة أو الباحثين عنها والمهتمين بها والمتحمسين لها من هذا الفريق (حديث السن نسبياً) يطلبون اليوم عقب تجارب عديدة لهم الوثوق بالاصطفاء الطبيعي لهذه العادات الجديدة أو المستحدثة؛ فهم يقومون بمحاولات لبرهنة أو إثبات اتفاق هذه العادات المستحدثة مع تلك العادات والتقاليد الشعبية التي ترسخت لدى العقلية الشعبية المصرية وخاصة لدى كبار السن من الرجال والنساء على حد سواء على اعتبار أن لها قاعدة عريضة من المنتسبين لها أو الفاعلين لها بما لا يتعارض أو يتصادم معها على أرض الواقع وإن بدرجات متفاوتة.
وتستمد الممارسات الجديدة نوعياً وجودها الشرعي من ثقافة العولمة باعتبارها منظومة ثقافية جديدة تمتاز بخصوصيتين مهمتين متماثلتين: الأولى:  هي كونها مختلفة اختلافاً كافياً عن أشكال التجربة أو الأنماط السلوكية المعتادة السائدة لدى الحضارة الغربية (تضفي عليها سمات ثقافية خاصة بالمجتمع التي تمارس فيه هذه الثقافة الجديدة)، والثانية: أنها في الوقت نفسه لا يبرز اختلافها هذا ذاته تحت عنوان الغرابة في المجتمع التي تتاجر بنفسها، بل تحاول هذه العادات استخراج أو تأصيل المبررات على وجودها تحت راية الجدية والأصالة الدينية.
وبالتالي فإننا نستطيع القول إن فئة الشباب([8])الباحث عن الجديد في عصر العولمة لديه المقدرة على اكتشاف هذا المستقبل في بحثه عن مرسلي التقدم ومستطلعي المستقبل؛ حيث يتجهون نحو من نجح أكثر من غيره وفقاً لمعايير المجتمع البرجوازي فائق التنظيم مع كل ما يحمله من مقاييس تمس المكانة والمرتبة المهنية والتكيف مع المتغيرات وما شابه ذلك.
وقد ينبع اهتمام الشباب بتبني عادات جديدة استبدالاً لتلك العادات التقليدية التي تسببت لهم في حدوث صدمة سوسيوثقافية, لكونها لا تستطيع بتقليديتها أن تواكب التقدم التكنولوجي في العصر الحديث أو تكابد تدفق الأفكار غير الاعتيادية (والأناس غير الاعتياديين) من الخارج. أو تخاطر بمنظومتها الاعتيادية أو التقليدية ذات الأفكار والممارسات التي تعد في الوقت الحالي أفكاراً هامشية وموضوعة، عادةً, خارج نطاق عمليات اتخاذ القرار, لتحتل العادات الجديدة أو المستحدثة أو البديلة مكانها والتي لعل بعد طرحها وبمرور الزمان تصير مركزية وتفرض سلوكاً جديداً يتبناه المجتمع ككل.
فمثلاً بالنسبة لثقافة "الانترنت" وما يرتبط به من عادات مستحدثة تواكب تكنولوجيا العصر،  فهناك من ينظر للعلاقة بين التكنولوجيا و المجتمع و الثقافة من خلال "الإنترنت" على أنها إما صالحة أو مفسدة للمجتمع وثقافته بوجه عام، و بالرغم من التناقض و التنافر بين (الإصلاح أو الإفساد) إلا أنهما ينظران للتكنولوجيا بعين واحدة وهي أنها وحدها تشكل وتغير المجتمعات وثقافاتها.
وفي ظل الهيمنة التكنولوجية التي لم يكن للعالم الثالث نصيب يذكر منها، لم يكن على الأخير سوى تبني هذه التكنولوجيا واستخدامها في حياته الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وغيرها، ليصبح متلقياً سلبياً في جميع الأحوال، وبالتالي كان لابد من حدوث تأثر في ما يتبناه من الثقافة والتكنولوجيا الواردة على هويته الحياتية الفعلية، وخاصة في استخداماته للشبكة العنكبوتيه "الانترنت" الذي كان له عظيم الأثر، الفضل،  في جعل العالم بأسره (قرية صغيرة) غير محددة بحدود فاصلة، داعياً بذلك لدمج الحدود والهويات واختفاء بعضها ليمتزج في البعض الآخر (المهيمن بالتأكيد)، الذي استطاع بفضل هيمنته على وسائل التكنولوجيا الحديثة أن يفرض ثقافته وهويته على غيره من الثقافات والمجتمعات الضعيفة كأحد أنواع الاستعمار الذي لا يحتاج إلى قوة عددية أو عتاد في السلاح، بل لا يحتاج إلا إلى العقل والفكر. "وكنتيجة لذلك سنري اضمحلال واختفاء هويات تلك الدول المستوردة لهذه الثقافة كبند أساسي وشرط أولي لاستيراد تكنولوجيا تلك الدول"([9]). 
ومن ثم أصبحت العولمة صاحبة الفضل في كل ما يتم تصديره للعالم الآخر من أشكال التنويع الثقافي المصاحب بنماذج سلوكية جديدة، يتم اكتسابها من المستورد أو المتلقي بهدف التكيف مع ثقافة العولمة.
ويمكن أن نضع فرضيات لعمر هذه العادات الافتراضية باعتبارها عملية حتمية لابد من وجودها لكل الدول أن تتكيف معها في النهاية، و هذا يعنى أن نضع في اعتبارنا: 
1ـ  فشل العادات المستحدثة في تفادي التهميش الناتج عن الاتجاه نحو العولمة، أكثر من وقتنا الراهن، حيث يتم إقصاء بعض الدول عن النظام العالمي الجديد.
2ـ  قدرة العادات المستحدثة فضلاً عن أي إصلاح داخلي، مرتبط بتقدم غالبية النظم الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية بدءًا من التنشئة الاجتماعية والتعليم الأساسي والجامعي، مروراً بالتوظيف المبني بالدرجة الأولى على القدرة مع التكيف مع التكنولوجيا المستوردة المتجهة كليةً إلى العولمة وما يدعم وجودها ويحفز على خلق عادات، استهلاكية على سبيل المثال، جديدة بديلاً للتقاليد التي عجزت عن استيراد غيرها في الماضي.
3ـ  قدرة العادات المستحدثة على مواجهة المخاطر ضد نظام العولمة المتضمن حدوث استعمار ثقافي وتكنولوجي، أو محاولة التكيف مع هذه الظاهرة التي تفرض تهديداً حقيقياً على الهوية المحلية.
وإذا ركزنا على ما نستورده من الغرب نجد أنه ليس مجرد منتوجات أو آلات، بل سلوك وقيم ومعايير([10])، لها بالغ الأثر في مجتمعات ما زالت تعيش إشكالية الصراع بين التقليد الذي يتحدد من خلال الانتماء إلى نظام اجتماعي وثقافي يجد تبريره في الماضي، ويدافع عن مكتسباته ضد عمل قوى التغير([11])والحداثة التي تقدم نماذج للسلوك والتفكير متعارضة مع النماذج التقليدية([12]).
وإذا جاز لنا أن نجازف بمحاولة رصد تأثير العولمة الغربية في نسختها الأمريكية بالأساس على واقع الثقافة العربية، فقد يكون بإمكاننا تسجيل بعض هذه المؤثرات التي، وإن كانت تعلن عن نفسها بتجلٍّ واضح في حيثيات الحياة اليومية العربية، من الصعب عزلها عن التأثيرات الأخرى السياسية والاقتصادية بالأساس، هكذا يمكن الحديث عما يلي:
1ـ  تغيير شامل في القيم والسلوكـيات الاستهلاكية من خلال التركيز على العلامات التجارية العالمية، وانتشار السلوكيات الاستهلاكية الغربية، الشيء الذي من شأنه أن يهدد الموروث الثقافي والاجتماعي العربي في جملته بالاندثار، مع توالي انخراط الأجيال اللاحقة في هذه الأنماط المستوردة التي تمس مختلف أشكال الحياة المادية والفكرية للأفراد والجماعات من المأكل، والمشرب، والملبس إلى طرق التفكير والحياة.
2ـ  فقدان الثقافة العربية للقدرة على التجديد المتوازن لذاتها، فتخلف الآليات والمعايير المنتهجة في هذا السياق أضحى يهدد حتى مستقبل الإنتاج الفني والأدبي بالبلدان العربية، ولسنا بحاجة للتذكير بتراجع هذا الإنتاج كماً  وكيفاً.
3ـ  انكماش وسائل الإعلام العربية أمام الاكتساح الهائل للإعلام الغربي وقصورها عن حماية وتجديد الثقافة العربية.
فنجد مثلاً العادات المستحدثة، الجديدة، المرتبطة بالانترنت في غرف الشات أو المحادثة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي بلغة مستحدثة تمثل الوجه الثقافي المستحدث، والذي يحمل بداخله دلالات ترتبط بهوية الفرد والمجتمع، ناهيك عن كونها أداة الاتصال الأساسية بين أفراد المجتمع، وكذا بينهم وبين الأفراد في المجتمعات الأخرى داخل هذه المحادثات، فهي تمثل همزة وصل بين العوالم بعضها مع بعض، وعن أهمية استخدام هذه اللغة يقول أحد الإخباريين (تعلمت هذه اللغة من زملائي، وأنا أستخدمها معهم على الشات المسماة بـ(فرانكو انجليش Franco English) ([13])مثل:

م

المصطلح

اختصار

المعنى باللغة الأجنبية

م

المصطلح

اختصار

المعنى باللغة الأجنبية

1

يا ربي

OMG

Oh MyGod

2

أهلاً بك

YW

Your Welcome

3

أهلا بعودتك

WB

Welcome back

4

على فكرة

BTY

By The Way

5

لمعلوميتك

FYI

For Your Information

6

خذ وقتك

TYT

Take Your Time

7

سأعود قريباً

BRB

Be Right Back

8

يضحك بصوت عالي

LOL

Laughing Out Loud

9

رجعت

B

Back

10

بدون تفكير

ATW

All The Way

11

برأيي المتواضع

IMHO

In My Humble Opinion

12

برأيي

IMO

In My Opinion

13

بيفوز بالنهاية

FTW

For The Win

14

عضو مصيره الطرد

BMW

Banned Man Walking

15

رايح فيها ضحك

Rolf or rotfl

Rolling Over The Floor Laughing

16

شكراً

TY

Thank You

إنها تشير إلى عدد من الخصائص أو السمات التي قد يحملها أو يشعر بها هذا الجيل من الشباب من مستخدمي الانترنت التي أصبحت عادة مستحدثة لديهم أو بديلة لعادة استخدام اللغة العربية في الحديث، وهو نمط يعكس التمرد الاجتماعي وعدم التفاعل مع الكبار، كما يحمل قدراً من:

م

الأسباب/المؤثرات

م

الأسباب/المؤثرات

م

الأسباب/المؤثرات

م

الأسباب/المؤثرات

1

الراحة

2

الملل والفراغ

3

الشعور بالذنب

4

المشاكل الاقتصادية

5

الكآبة

6

فقدان القضية

7

عدم الانتماء

8

الاستياء من الشكل الخارجي

9

الإحباط

10

الهروب

11

فقدان الذات

12

المغريات الكثيرة حسب ميول الفرد

13

القلق

14

الوحدة

15

السرية

16

عدم الإيمان بالقيم والحضارة الإسلامية

وهو ما يلاحظ من تأثير ملحوظ للإنترنت على العادات والتقاليد الشعبية واختفاء الكثير منها لدى فئة الشباب، لتحل مكانها أو تستبدل بها العادات المستحدثة، باعتبار الانترنت لدى هذه الفئة من الشباب يتيح لهم قدراً أكبر من الإبداع والحرية في التعبير، بينما يراه آخرون أنه قد أطاح بصرح القيم الأخلاقية والاجتماعية والدينية التي يتمتع بها أفراد المجتمع، وأصبح يهدد بنيان هذا المجتمع القيمي والأخلاقي.
كما تظهر العادات المستحدثة أيضاً التي ترجع في أصل نشأتها إلى ثقافة العولمة المرئية والمشاهدة عبر القنوات الفضائية والتي تظهر فيها أنماط مميزة من الملابس التي أشبه ما يوصف أصحابها بالعراة، التي تصدم بالعادات والتقاليد العربية الراسخة في المجتمع العربي والإسلامي على وجه العموم، والمجتمع المصري بوجه خاص.
وقد يرجع تحيز الفرد لثقافة معينة دون غيرها في رأي الباحث إلى عدة أسباب منها:
1ـ  تعود الفرد على أنماط السلوك التي تقدمها ثقافة معينة دون أخرى.
2ـ  عدم فهم الشخص العادي لخصائص الثقافات الأخرى.
3ـ  أن تحيزه لهذه الثقافة يعتبر وسيلة للدفاع عن نقط الضعف والقصور التي بها.
وهو ما يظهر العلاقة بين العولمة وبين العادات المستحدثة التي تعبر عن هذا النظام الثقافي من التفاعلات الاجتماعية و السياسية والاقتصادية في المجتمع.
وبتحليل استجابات حالات الدراسـة الميدانيـة والمقابلات الحرة وجد أن هنـاك أنماطا من التفكير والسلوك(تشمل اللبس وتسريحة الشعر "الشكل" وطريقة الكلام ولغته والتفكير ومنطقه "المضمون" والأكل ونوعياته والشراب وصناعته، والصداقة وأسسها...الخ) متباينة تقف وراءها مرجعيات العولمة وآلياتها، ومشكلات ليست على المستوى المحلى فقط، ولكن لها إطار عالمي تعززها الفضائيات بتقاليعها والانترنت بدهاليزه. فشيوعها بين الشباب من الجنسين على حد سواء فمثلا:"روش..طحن..كَبَّر..كوول" حتى وقت قريب كان مجرد سماع تلك الكلمات مثيراً للدهشة وربما يظن من يستمع إليها لأول مرة أنه يستمع إلى لغة أجنبية ولم تعد المشكلة في استخدام الشباب لتلك المصطلحات وترديدها باستمرار؛ ولكنها أصبحت أسلوب حياة منتشراً بين الشباب خاصة من وسائل الإعلام. فلم يعد يوصف المطرب أو الممثل مثلاً بأنه رقيق أو حساس وإنما روش وستايل ولم تعد الممثلة أو المطربة جميلة أو رقيقة بل أصبحت مطربة دمار وممثلة روشة. حتى إعلانات الموبايل أصبحت تصور لنا أنه من العار على الشباب أن تكون رناته قديمة بل يجب أن تكون رناته كوول حتى لا تنصرف عنه الفتيات لأنه عديم "الكولنة" مش كوول.
وهذا ما يعتبره الشباب ثقافة العولمة أو "ثقافة الصورة" حسب تعبير "بلقزيز" وليس معنى شيوعها أو تداولها بين الشباب بصور مختلفة أنها ثقافة أثبتت تفوقها وهذا ما أكده "برهان غليون" من أن الثقافة المسيطرة لا تحتل موقعها المتفوق بسبب تفوق منظومات قيمها الأخلاقية أو الدينية أو الفنية، ولكن لأنها ثقافة المجتمعات المسيطرة، أنها نتيجة للسيطرة المادية التي أثبتت استمراريتها النسبية([14]).
المحور الثالث:  تخليق العادات البديلة من رحم العولمة

 

 

أصبحت ثقافة العولمة بأشكالها المختلفة أقرب ما تكون إلى أفراد المجتمع التي يستطيع كل فرد فيه من الحصول عليها أو الوصول إليها بطرق ووسائل مختلفة، سعياً للمشاركة فيها بالسلب أو الإيجاب ليعبر من خلالها عن رأيه وفكره ويُشارك في صُنع القرارات وعملية اتخاذها بصورة غير مُباشرة، كما يستطيع أن يعترض عليها، وهذا ما يُعد من أُسس  الديمقراطية.
إن الصيغة الاستهلاكية للمجتمعات المتطورة، وما يقترب بها من فيض المعلومات الظاهرة أو المبيَّنة، غدت تجتاح المساحات العالمية، والانترنت عامل من عواملها، وهي تهاجم الهوِّيات الثقافية في عقر دارها، تنقل إليها مع رعشة الدهشة والإعجاب، حالة من استضعاف الذات، وفقدان المناعة، وتهاوي خطوط الدفاع المحلية من عادات وتقاليد، وأذواق وميول. وتكاد بذلك تطغى على العالم تحت موجات متتابعة من التجانس المفقِّر، والتشابه المسطَّح، مما لا يتيح للمجتمعات النامية فرصة لتمييز حاجاتها الأساسية، بل سرعان ما تجد نفسها مدفوعة بتيار القولبة العامة، التي تتجاوز مساحاتها النفسية والثقافية. إن طغيان الاستهلاك يستبق عالمية الإبداع إلى عالمية التقليد الآلي الخالص، فالسوق لا تقدم الموضوعات فحسب، ولكنها تصنع الحاجات والأذواق التي تتطلب نوع البضائع المعروضة. فسيادة قانون النمذجة والتسطيح، يعمّمُ نوعا من التسابق الأعمى في إعلان التخلي عن الثقافات الذاتية، والانقطاع عن مواردها الطبيعية المتوارثة([15]).
هذا الغزو الثقافي الذي يجتاح العالم العربي والإسلامي، يرمي إلى تنميط الثقافات، وجعل الشعوب أسيرة الثقافة الغازية، تتأثر بها سلباً، وتتلقاها مفروضة عليها دون أن تتفاعل معها، وفي ذلك استلاب للشخصية الثقافية الأصلية، وتقويض لطاقاتها الإبداعية.
وقد أثر ذلك في مفاهيم ومدركات الأفراد والجماعات إن لم يكن المجتمع بأكمله، من خلال الاطلاع على ثقافات مختلفة، وأفكار تتفق أو تختلف مع ثقافته التي يعيش بداخلها، وهو في ذلك بين أمرين: الأول منهما: أن يقوم الفرد بتبني تلك الثقافات المتغيرة والمتجددة والمختلفة عن ثقافته الخاصة والعامة، والأمر الثاني: رفض هذه الثقافة كلية في كافة صورها الإيجابية منها أو السلبية، والتي تجعله شخصاً منعزلاً ومنطوياً على ثقافته من حيث التأثير والتأثر سلباً وإيجاباً.
وبتفحص وتحليل الخيار الأول وهو تبني هذه الثقافات المختلفة والمغايرة، تصبح العولمة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية...وغيرها من أشكال العولمة هي المخلقة والصانعة والمكونة لكافة أشكال وأنماط السلوك والاتجاهات المختلفة التي يتبناها أفراد المجتمع بما تتضمنه من قيم دينية واجتماعية وثقافية واقتصادية بل وسياسية في الوقت ذاته. لتحل بدورها محل الثقافات التقليدية التي يؤمن بها أصحابها والتي تؤثر بدورها في كافة أشكال حياتهم المختلفة.
ولنأخذ مثلاً أحد أشكال التكنولوجيا العصرية المرتبطة المصدرة لفكر وثقافة العولمة وهو "الانترنت" الذي قام بكسر الحواجز الأمنية أو الجغرافية للبيئة التي يعيش بداخلها الفرد والجماعة، ووفر قدراً هائلاً من حرية التعبير، عبر المواقع الإخبارية ومواقع الصحف ومواقع مُنظمات المجتمع المدني...وغيرها.
فنجد مثلاً الشباب الذين هم أكثر عرضة بالتأكيد من جيل الآباء للتأثيرات الوافدة من الخارج، ونعنى بذلك تأثيرات العولمة الاقتصادية والثقافية، التي تكشف لهم عن حياة شباب آخرين، وتدفع بهم نحو المقارنات، وتختصر المسافات بقدر ما تعمق التمايزات والفوارق وتكدس الثروات في أيدي القلة. ويتراوح احتكاك الشباب بهذه التأثيرات، تبعاً لوسائل الاتصال المتاحة لهم، فما يسمى بالفجوة الرقميةdigital Divide التي لا تقع بين المجتمعات فحسب وإنما داخلها أيضاً. ويتراوح كذلك موقف الشباب من تلك التأثيرات، بين تبنى ما يفد إليهم أو الاكتفاء بموقف المتفرج، وبين التشبث بموقف المحافظة الرافضة الذي لا يعد اتباعاً لتقاليد الآباء، بقدر ما هو إعادة ابتداع لها، على نحو يتحدى ثنائية الحداثة / التقليد؛ فالعولمة تعمق من التمايزات بين الشباب وإن ترتبت عليها تأثيرات محلية غير مقصودة، ولا يخضع الشباب لها ولا هم بالضرورة ضحاياها السلبيون وإنما تتوافر لهم قدرات متفاوتة على التفاوض وعلى إدماج العناصر الوافدة ضمن شفرة محلية([16]).
كما ساعد الإنترنت على توفير الأداة المثلي لنقل مُعاناة المُهمشين في حياتهم ومشاكلهم اليومية، وذلك بعيداً عن هرمية المؤسسات التقليدية بشكل أثر على فاعلية المعلومات المُتاحة بما يخدم خاصة التمثيل السياسي للمواطنين وعلى دور الأحزاب السياسية والمجتمع المدني.
فضلاً عن ظهور الإعلام الإلكتروني كبديل عن المؤسسات التقليدية والصحف الورقية، بصورة عملت على جذب الأفراد للتعبير عن آرائهم بما يخالف الرقابة الرسمية وبرؤية مُغايرة لما تتداوله الصحف الرسمية الورقية، وتميّزه بسهولة الحصول على المعلومات وانتشارها وانخفاض تكلفتها وصياغة الرسالة الإعلامية بشكل جيد، وبما أدى لكسر احتكار الدولة لوسائل الإعلام الجماهيري وتوسيع قاعدة المُساهمين في تشكيل قضايا الرأي العام بدلاً من دور النخبة التقليدي، وقد شكل ذلك ضغطاً على الحكومة تجاه ترشيد سياستها العامة، كما ساعد الإنترنت على تحسين دور وأداء الصحافة التقليدية على المُتابعة الجيدة وتعزيز مهنيتها. والقدرة على إتاحة الفرصة للتعرُف على ملامح مُختلفة.
وظهر الإعلام الإلكتروني الذي أثر على درجة التماثُل الثقافي الذي كانت تتمتع به المجتمعات القومية حيث ظهرت قوى ومجموعات جديدة تستطيع التعبير عن ثقافتها وقيمها المُختلفة عن السياق العام لها، في ظل التصادم ما بين القيم المحلية وما يفرضه الإنترنت من قيم قد تُشكل تحديا لها، ومن ثم أصبح هناك استخدام للإنترنت لخلق نمط مُختلف يتناسب مع السياق الاجتماعي ويُعبر عن القيم المحلية ويُغير طبيعة ونمط التفاعل بين المؤسسات الاجتماعية، كما كشف الإنترنت عن الانتماءات الأولية والهويات التي كانت تُعتبر سرية من قبل، وأثر ذلك على نمط المجتمعات والتراتبية الاجتماعية والوعي الاجتماعي والهوية، وأصبح الفضاء الإلكتروني يُحاكي البيئة الاجتماعية الطبيعية من جراء وجود مجتمعات افتراضية، وتجمهُرات رقمية على شبكة (الإنترنت) والتفاعل بين مُختلف أنواع البشر لهذه الجماعات الإلكترونية، بما يُتيح الفرصة إلى توالد الأفكار في نطاق ضيق أو شبكات محدودة لتنتقل إلى مجال ومدى أوسع انتشارا في شبكات عامة أو بوجود تحالفات وتكتلات وتجمعات اليكترونية تهدف للتأثير في المجتمع أو صانعي القرار.
أثر ذلك بالتالي على خلق نماذج من العادات المستحدثة المرتبطة بالانترنت كونه ممثلاً عن المجال العام أو "العالم الافتراضي" لتكون بديلاً للعادات التقليدية التي باتت عاجزة عن مواكبة أشكال ووسائل التكنولوجيا الحديثة في "عالم الحقيقة" مثل:
 

م

 

العادة التقليدية

العادة المستحدثة

1

قراءة الكتب والصحف اليومية

تصفح الكتب والصحف الالكترونية

2

استخدام اللغة العربية في المحادثات

استخدام لغات خاصة بالشباب تعتمد على اللغة الانجليزية واختصاراتها

3

المشاركة بالحضور للتعبير عن الرأي

التعبير عن الرأي عبر البريد الالكتروني أو مواقع التواصل الاجتماعي

4

السفر للتعرف على ملامح مختلفة للثقافات العالمية

تصفح المواقع المختلفة للثقافات المختلفة للتعرف على الملامح الثقافية العالمية

5

البحث عن عمل أو وظيفة مناسبة

استخدام مواقع التوظيف عبر شبكة الانترنت للحصول على وظائف مناسبة

6

السرقة والبلطجة (بوصفها عادات سلبية)

السرقة والاحتيال عن طريق الإيميلات الوهمية، والرسائل الكاذبة والمواقع الالكترونية الخداعة

7

حضور المحاضرات المدرسية والجامعية والمؤتمرات العلمية

الحضور عبر مواقع التواصل الاجتماعي

8

استخراج شهادات رسمية

عن طريق المواقع الخاصة بالهيئات والمؤسسات

9

الاحتجاج

الاحتجاج عبر مواقع التواصل الاجتماعي

10

نشر الأبحاث والكتب العلمية والفكرية المختلفة

نشر الأبحاث والكتب على المدونات عبر المواقع الالكترونية الخاصة مثل المنتديات الالكترونية

11

استخدام استمارات استبيان للتعرف على الرأي العام تجاه قضايا عامة أو خاصة

قياس الرأي العام عبر الانترنت لاستخدامها في صناعة القرار أو في قضايا التنمية المختلفة والاستفتاء عليها

12

استخدام المنابر الإعلامية في العمليات الانتخابية

باستخدام شبكات الانترنت للدعاية والإعلان والتواصل الاجتماعي بين الناخب وناخبيه لتعبئة الرأي العام واكتساب الأصوات لصالحه

13

عادة متكررة الحدوث مثل النمطية المتكررة (الروتين اليومي)

عادات الكلينكس التي يتم استعمالها لمرة واحدة

مثل (استخدام أدوات طعام بلاستيكية أو مناديل الكلينيكس)

حيث يتميز الفضاء الإلكتروني بوجود حالة من الانفتاح على الخارج وما يحمله من قيم مُغايرة عن الداخل إلى أن تكون هناك عملية تغيير معرفي وقيمي عبر عملية طويلة تتنوع فيها جزيئات التكوين المعرفي الجديدة التي يُراد إحلالها محل المعرفة القديمة.
وختاماً إخال أن هذا البحث قد قدّم إطلالة على العادات الشعبية وتحديات العولمة باعتبارها الحاملة والمعبرة عن ثقافة المجتمع المصري وهويته والشاملة بأبعادها الاجتماعية والسياسية والديمغرافية والسلوكية والقيمية وغيرها، لأجل بلورة هوية وثقافة المجتمع المصري في ظل التعدد والتنوع والانفتاح عبر ثقافة العولمة التي يعيشها العالم. 
كما قدم البحث دراسة تحليلية لمسوغات نقاط القوة والضعف والتحدي والفرص لهذه الثقافة والتي عبرنا عنها بالعادات الشعبية المستحدثة بما تحمله من رؤية مستوعبة للمستجدات والمتغيرات، ومنفتحة على العالم، وهي متجددة ومحافظة على ثوابتها، وموائمة بين الأصالة والمعاصرة. ومؤكدةً وجودها في ظل ثوابت تقف ضد مسخ الهوية الوطنية المصرية.
وفي ما يأتي نتائج مختارة مما توصّل إليه البحث من توصيات:
عكست العادات المستحدثة(البديلة) في عصر العولمة مدى رضا أفراد المجتمع وقناعاته، ومدى تأزم حياة الإنسان المصري الذي لم يعد قادراً على أن يحقق السعادة لنفسه وللآخرين، وأن ينعم بالتكيف والراحة وهدوء البال، والسكينة والطمأنينة، ويتفاعل مع الآخرين، ويرتبط بعلاقات أكثر إيجابية أو أن يرتبط بنظام أفضل من النظام الذي يعيش فيه.
انتهى عصر الانفصال والعزل بين الثقافات المحلية والقومية والدولية على حد سواء، فالعادات الشعبية في حلقة مستمرة بين التغيير والتجديد بالحذف أو بالإضافة والتحديث، سلباً أو إيجاباً؛ لوجود احتكاك دائم، تثاقف، بينها وبين ثقافات تحمل أنواعاً من التراث المختلف والمغاير عن الثقافة العربية، فهي تؤثر فيه بقدر ما، وهي بذلك تدفعنا دفعاً إلى الاهتمام والمحافظة على تراثنا وهويتنا من أن تعصف به الثقافات المهيمنة أو الدخيلة علينا في ظل الانفتاح العولمي وخاصة في عالم الفضائيات الالكترونية واسع المدى وسريع الانتشار والتأثير، بما قد يؤدي إلى تهميش هويتنا أو مسخها أو مزجها داخل الثقافة المهيمنة.
تعمل الثقافة الشعبية، وما تعبر عنه من تراث يمثل هوية المجتمع، على المحافظة عليه ، وعلى توفير حالة من التراكم الإيجابي والهادف لنشاطات الفرد والمجتمع، بما يؤدي إلى تكوين شبكة علاقات وأنماط سلوكية، وقيام تصورات واستراتيجيات ومفاهيم مستحدثة (جديدة) مرتبطة جميعاً بالنظام المعرفي العام الذي أوجدته الثقافة في ظل التغيرات المحيطة بالمجتمع.
الاهتمام بالثقافة الشعبية خاصة والثقافة على عمومها، بوصفها أساساً لتحصين الأمة والنهوض بها لمواجهة الأزمات والتحديات التي تهدد كيانها.
ضرورة اللجوء إلى التراث الشعبي المصري خاصة والعربي والإسلامي باعتباره مصدراً ثرياً لمواجهة تحديات وإفرازات العولمة، وعاملاً مساعداً لتشكيل تجانس ذهني وروحي بين شباب الأمة. مع ضرورة تعزيز البعد القيمي وضبط سلوكيات الشباب نحو الإيجابية والاستخدام الأمثل للتكنولوجيا .

 


* باحث  وأكاديمي عربي من مصر.

1  إيكه هولتكرانس، قاموس مصطلحات الإثنولوجيا والفولكلور، ترجمة: محمد الجوهري وحسن الشامي، دار المعارف، مصر، 1972م، ص246.

2  العولمة ترجمة لكلمة Modularisation الفرنسية، بمعنى جعل الشيء على مستوى عالمي، والكلمة الفرنسية المذكورة إنّما هي ترجمة Globalisations الإنجليزية التي ظهرت أولاً في الولايات المتحدة الأمريكية، بمعنى تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليشمل الكل. وهي تعني جعل العالم عالمًا واحداً، موجهاً توجيهاً واحداً في إطار حضارة واحدة. وهي إذا صدرت من بلد أو جماعة فإنها تعني: تعميم نمط من الأنماط التي تخص ذلك البلد أو تلك الجماعة، وجعله يشمل الجميع أي العالم كله. أنظر:  ياسر عبد الجواد، مقاربتان عربيتان للعولمة، شباط 2000م، المستقبل العربي عدد 252، ص2.

3  التثاقف:  عملية ليست بريئة أو ساذجة، بل تحمل نوايا الهيمنة والدعوة والاتجاه(Tendance). ويحدث التثاقف عند لقاء مجموعة بمجموعة أخرى مكلفة بمهمة(Missionnaires) أو مستعمرين(Colons) أو مجموعة مهاجرين(Immigrés). أنظر تعاريف أخرى من خلال:

      -TRAN VAN(Khé), L’Acculturation dans les traditionsMusicales de                               

        l’Asie, in:  International review of aesthetics and sociology ofMusic,

       Vol 5, Zagreb, 1974, pp.181-190.
-
     J.HERSKOVITS(Melville), La base del’Anthropologie culturelle,

      Paris, Maspero, 1967, p.220.

4  خاصة ممن ينتمون إلى المجتمعات النامية (العالم الثالث).

5  ألكسندر بانارين، الإغواء بالعولمة، ترجمة: عياد عيد، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2005م، ص123.

6  لا عجب ولا تناقض في هذا التصور من الناحية الشكلية،  ففي المعتقد الإسلامي الصحيح ورد ما يفيد باستخدام سيدنا سليمان للجان في أفعال خارقة للعادة، مثل نقل عرش الملكة "بلقيس" من مملكتها بسبأ إلى قصر سيدنا سليمان والتي قام بها أحد من يمتلكون اسم الله الأعظم، فضلاً عن ذلك العفريت الذي استأذن سيدنا سليمان للإتيان بالعرش قبل أن يقوم من مقامه.

وفي مجال المعتقدات الشعبية يتوسل الإنسان إلى القوى العليا، كالآلهة والأرواح والأولياء...إلخ، عن طريق الصلوات والدعاء. كما يسترضيها بواسطة الأضاحي والقرابين، ويتوسل إليها بالنذور والحج والزيارة. ويستعين بها للحصول على البركة ولتحقيق أغراضه من العمليات السحرية التي يمارسها. ويعرف التراث السحري آلاف الصيغ والدعوات للعن القوى الشريرة أو استرضاء القوى الخيرة واستعدائها على الشر.

7  برزت نظرية "المجتمع المفتوح" الليبرالية, كمرادف للمجتمع الخالي من القيود الشمولية, صورة الأنموذج الأمريكي القديم, المطالب بتنظيف الفضاء العالمي المحيط به كي يستطيع "الإنسان الأمريكي الجديد" تنفيذ رسالته الأرضية من غير أن يَعْوقَهُ  عائق. للمزيد أنظر:  ألكسندر بانارين، الإغواء بالعولمة، مرجع سبق ذكره، ص103.

8  يشكل الشباب في المجتمع العربي ما نسبته أكثر من 40% من عدد سكانه البالغ 290 مليون نسمة، ويعتبر سكان العالم العربي أصغر سناً من سكان العالم أجمع. انظر:  جيهان أبو زيد، "الشباب العربي والعولمة"، ص5.

9  Nils Zurawski, culture, Identity and the Internet, 1998,pp.1-2 available at:  

       www.uni-muenster.de/peacon/zurawski/identity.htm       

10 نبيل علي، العرب وعصر المعلومات،  عالم المعرفة، العدد184، الكويت، نيسان 1994م.

            31   G.balandier. tradition. Conformité.historicité.

كما وردت في: عز الدين الخطابي.  سوسيولوجيا التقليد والحداثة بالمجتمع المغربي- دراسة تحليلية لدينامية العلاقة الاجتماعية، الدار البيضاء، عالم التربية، 2001.

11   guy rocher. Le changement social. Introduction à la sociologie 

       generale. Coll.point. paris. 1972. tome III.

12    يعد ذلك مؤشراً على تراجع مستمر للغة العربية في شتى المجالات أمام اكتساح اللغات الأجنبية، إذ أصبحت اللغات الأجنبية "الإنجليزية في دول الشرق الأوسط والفرنسية في دول المغرب العربي" أكثر تداولاً من اللغة العربية حتى في العلاقات البين عربية، بل وداخل الدولة نفسها.

13  عبد الإله بلقزيز،  العولمة والهوية الثقافية:  عولمة الثقافة أم ثقافة العولمة، في ندوة "العرب والعولمة"، مركز دراسات الوحدة العربية، ط2، بيروت، ديسمبر 1998م، ص314.

14  مطاع صفدي, الإبداع الثقافي: اللحظة الإبداعية والمشروع النهضوي، الثقافة ووسائل نشرها في الوطن العربي، تونس: الالكسو, 1994م، ص16.

15  إيمان فرج، الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للشباب والمراهقة، المنتدى العربي للسكان، بيروت، 1ـ19نوفمبر 2004، ص 4.

 

الكاتب: 
د.عبدالحكيم خليل سيد أحمد
© 2024 تطوير وتصميم شركة الشعاع الأزرق لحلول البرمجيات. جميع الحقوق محفوظة